في خطاب وداعي.. أمين عام "ناتو" يُحذر الأوروبيين والأمريكيين من "الانعزالية"

حذّر أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرغ، الأوروبيين والأمريكيين في خطاب وداعي  اليوم الخميس من الميل إلى "الانعزالية".

وقال ستولتنبرغ قبل إسدال الستار على ولايته على رأس "ناتو"، التي استمرت عقدًا "سمعنا أصواتًا من جانبي الأطلسي تدعو أمريكا وأوروبا إلى اتخاذ مسارات مختلفة".

وأشار إلى أن "التركيز على المصالح الوطنية القصيرة الأمد على حساب التعاون طويل الأمد لن يكون مفيدًا لنا، الانعزالية لن تضمن أمن أحد".

ويأتي التحذير فيما يشعر حلفاء واشنطن بالقلق من إمكانية تخفيف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التزام الولايات المتحدة حيال "ناتو"، إذا فاز في الانتخابات المُقررة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وأحدث ترامب صدمة بين الدول الأوروبية بإشارته إلى أن الولايات المتحدة قد تتوقف عن حماية أعضاء الحلف، الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع.

وبعد 10 سنوات على رأس الحلف، يغادر رئيس الوزراء النرويجي السابق مهامه في الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر المُقبل، ليحل محله رئيس حكومة سابق آخر هو الهولندي مارك روته.

وخلال المدة التي قضاها في منصبه، ساعد ستولتنبرغ في الإشراف على زيادات كبيرة في الإنفاق الدفاعي من قبل بلدان الحلف الأوروبية، وهو أمر جاء نتيجة الضغوط الأمريكية، وبشكل أكبر الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن ستولتنبرغ بيّن في خطابه، أنه في مواجهة التهديد المتواصل من موسكو، سيتعيّن على دول الحلف إنفاق المزيد.

 وبناء على آخر إحصاء، من المقرر أن تبلغ 23 من بلدان "ناتو" الـ32 هذا العام هدف الحلف القاضي بإنفاق دفاعي بنسبة 2% من إجمالي ناتجها الداخلي، وهو هدف تم تحديده في عام 2014.

وأضاف ستولتنبرغ "النبأ الجيّد هو أننا حققنا ما تعهّدنا به قبل 10 سنوات، لكن النبأ السيئ هو أن ذلك لم يعد كافيًا لحمايتنا".

ومع تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا للعام الثالث، شدد ستولتنبرغ على أنه يتعيّن على حلفاء "ناتو" ضمان أن يكون بإمكان كييف التفاوض "من موقع قوة" عندما يحين وقت المحادثات.

وقال "على أي اتفاق سلام مستقبلي أن يكون مدعومًا بدعم عسكري قوي ومستدام، لا أن يكون على الورق فحسب".

وأقر بأن بلدان ناتو "كان بإمكانها القيام بالمزيد" لتجنّب هجوم روسي شامل عبر تسليح أوكرانيا قبل الغزو.

وتابع "لو أن دعمنا جاء في وقت سابق وكان أقوى لأوكرانيا، لكانت عتبة روسيا لمهاجمة أوكرانيا أعلى على الأقل".

انقطعت العلاقات بين "ناتو" وروسيا غداة غزو أوكرانيا في عام 2022.

وأشار ستولتنبرغ إلى أن التحالف سيحتاج في مرحلة ما لاستئناف الحوار مع موسكو بشأن عدد من القضايا من بينها ضبط انتشار الأسلحة.

وجاء في الخطاب "علينا التحدّث إلى جيراننا، مهما كان ذلك صعبًا، لكن الحوار لا ينجح إلا إذا كان مدعومًا بدفاعات قوية".

الحرية أكثر قيمة من التجارة

وحذّر ستولتنبرغ من أن التعامل التجاري مع خصوم مثل روسيا والصين يجب ألا يتم على حساب الأمن، وأن على حلفاء "ناتو" أن يتجنّبوا الاعتماد على بكين للمنتجات الرئيسية.

وأكد أن "الحرية أكثر قيمة من التجارة الحرة"، لكنه حذّر في الوقت ذاته أعضاء "ناتو" من أن "الحمائية ضد الحلفاء لا تحمي أمننا".

وقادت فرنسا الدعوات لأوروبا لبناء دفاع خاص بها بدلًا من الإنفاق على الأسلحة الأمريكية أو البريطانية.

فيما هدّد ترامب أيضا بفرض رسوم جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة.

 ولعل أحد أصعب الفصول التي عايشها ستولتنبرغ على رأس الحلف كان الانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان، الذي سمح لطالبان بالعودة إلى السلطة.

وقال إن "للقوة العسكرية حدودها، يجب أن نكون صادقين بشأن ما يمكننا وما لا يمكننا تحقيقه".

وأعاد العدوان الروسي على أوكرانيا إنعاش "ناتو"، الذي أنشئ في الأساس لمواجهة الاتحاد السوفياتي، بعد تساؤلات بشأن جدواه في أعقاب انتهاء الحرب الباردة.

ومنذ أن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، عزز الحلف خاصرته الشرقية وأعاد رسم الخطط الدفاعية وزاد الإنفاق.

وقال ستولتنبرغ في خطابه "خلال المدة التي قضيتها أمينًا عامًا، طُرحت شكوك بشأن أهمية الناتو، وُصف الحلف بأنه منقسم ومتقادم ومصاب بموت سريري، لكن الحقيقة هي أن حلف شمال الأطلسي قوي وموحد وأكثر أهمية من أي وقت مضى".

وأفاد بأن مهمة خلفه الأبرز ستتمثّل في إبقاء جميع أعضاء الحلف الـ32 على ذات الموجة، لافتًا إلى أن "هذه عائلة كبيرة وعظيمة، لكنّ إرضاءهم جميعا في الوقت ذاته هو التحدي".