لماذا يصر ماكرون على رفض مرشحي اليسار لرئاسة الحكومة؟

انتقد محللون سياسيون فرنسيون، رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسماء المقترحة من اليسار الذي حصل على الأغلبية النسبية في الانتخابات التشريعية الماضية، معتبرين أن رفضه لأي شخصية تطمح في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة 2027 يعود لرغبته في التمكن من السيطرة عليه لتنفيذ إصلاحات ماكرون التي يرغب فيها، حتى لو ضد رغبة الفرنسيين.

وقال الباحث السياسي الفرنسي، جيل إيمانويل جاكيه لـ"إرم نيوز" إن "ماكرون بعد بحل البرلمان، استخدم استراتيجية "السد" الانتخابية وهي استراتيجية الانسحابات التي اتبعها بالتعاون مع اليسار، ضد اليمين المتطرف.

وأوضح جاكيه أن ماكرون استغل اليسار للحفاظ على جزء من الأغلبية، كما احتفظ بحكومته بحجة "الهدنة الأولمبية" ولم يدمج عناصر اليسار الذين ساعدوه في الانتخابات التشريعية لحكومته، كما يصر ماكرون على رفض أي مرشح يتقدمون به لتولي الحكومة واعتبر جاكيه أن ما فعله ماكورن "طريقة ساخرة للحفاظ على السلطة".

وأشار الباحث السياسي الفرنسي في معهد جنيف لبحوث السلام، إلى أن ماكرون يبحث دائمًا عن رؤساء وزراء ليسوا من ذوي السمعة السيئة، وأن يكونوا مطيعين ينفذون أومراه، كما يمكنهم تنفيذ إصلاحات لا تحظى بشعبية التي يقترحها.

ووفقاً للباحث الفرنسي فإن ماكرون يمكنه أيضاً (اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور الفرنسي) والتي تمكنه من استبدالهم بسهولة، موضحاً أنه حتى لو كان ماكرون والمقربون منه يرغبون في أن يتولى لفترة رئاسية ثالثة، فإن الدستور لا يسمح بذلك (إلا في حالة الإصلاح الدستوري أو حالة الطوارئ أو الصراع) وفي حالة حدوث ذلك، فإنه على المستوى الشعبي، الفرنسيون أظهروا بالفعل رفضهم لماكرون وسياساته.

ولفت الباحث السياسي الفرنسي أن ماكرون لا يريد رئيس وزراء ذو ​​طموح رئاسي للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وذلك حتى يتمكن من السيطرة عليه، ومع ذلك، وبما أنه لا يستطيع الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية، فيمكنه أيضًا التفكير في اختيار خليفة له.

وأعلن ماكرون "هدنة أولمبية" قبل عملية البحث رئيس وزراء جديدا إلى تشكيل الحكومة، إلا أن الموعد النهائي يقترب، ورغبة الرئيس في التغيير بدأت تتشكل.

وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أنه وفقاُ لمنطق ماكرون الذي عين رؤساء وزراء من معسكره حتى عندما لم يكن لديه سوى أغلبية نسبية، فهو ينوي اختيار رئيس للوزراء في محيطه السياسي الذي يتراوح "ما بين اليمين الوسطي، والاشتراكي، وبالتالي، لن يتم اختيار رئيس وزراء من ائتلاف اليسار الذي يضم أحزابا يسارية متطرفة.

 

 

متى نعرف من يحل محل غابرييل أتال؟

وذكرت صحيفة "لو باريزيان"، أن الموعد النهائي لاختيار رئيس للحكومة الفرنسية 15 أغسطس/آب الجاري، موضحة أن ماكرون قد أصدر مرسوماً بإعلان "هدنة أولمبية" في هذا السياق السياسي الأكثر توتراً منذ حل الجمعية الوطنية (البرلمان). 

وأضافت الصحيفة أنه "مع انتهاء الألعاب في 11 أغسطس/آب، من المتوقع أن يدعو رئيس وزراء جديد لتشكيل حكومة إذا أراد أن يفي بوعده، بالإضافة إلى ذلك، من المقرر عقد آخر اجتماع مجلس الوزراء للحكومة المستقيلة في 12 أغسطس/آب الجاري.

من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي جون جاريجيس لـ"إرم نيوز" إن الهدف هنا هو إيجاد بديل لجابرييل أتال يظهر "ائتلافاً" حقيقياً، موضحاً أنه "على هذا الشخص أن يقنع الفرنسيين بأنه "ليس صديقاً لماكرون".

وأضاف أن ماكرون في المقابل، يريد رئيسًا للوزراء "ليست لديه طموحات، في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2027"، موضحاً أن هناك اسمين بارزين يترددان بقوة، وهما زعيم حزب الجمهوريين (يمين وسط) زافييه برتراند، ورئيس الوزراء الفرنسي الأسبق في عهد فرنسوا هولاند، برنارد كازينوف. 

ورأى الباحث السياسي الفرنسي أن ماكرون يريد رئيساً للوزراء يمكن أن يتناوب معه السلطة في اتخاذ القرارات خلال فترة ولايته التي تستمر حتى 2027.

وأوضح أن ماكرون في وضع أكثر راحة من أسلافه الآخرين الذين لم يحصلوا سوى على ولاية واحدة مثل الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، والأسبق نيكولا ساركوزي، وذلك لأنه لن يتمكن من الترشح لإعادة انتخابه لولاية ثالثة وفقاً للدستور الفرنسي، وسيؤدي دور المتفرج والمعلق، لكنه لن يشارك في السباق.