كوريا الجنوبية تعلن مقتل 18 شخصا في أسوأ حرائق للغابات تشهدها البلاد
رأى مختصون في الشأن التركي، أن أزمة الشهادة الجامعية الخاصة برئيس بلدية إسطنبول، والمرشح المحتمل للرئاسة أكرم إمام أوغلو ، قد تمنعه من خوض المنافسة في الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة.
وكانت الشرطة التركية قد اعتقلت مؤخرا، بأمر من النيابة العامة، أكرم إمام أوغلو في حملة طالت نحو مائة آخرين، بتهم "فساد" وأخرى تتعلق بـ"الإرهاب"، وذلك بعد أن ألغت جامعة إسطنبول الشهادة الجامعية لأوغلو.
وقالت إنها سترسل جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بقرارها إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول ومجلس التعليم العالي.
وفي ظل اشتراط القانون التركي أن يكون المرشح الرئاسي من حاملي الشهادات الجامعية، لفت المختصون إلى أن الأمر يحمل تلاعبا عبر ثغرات قانونية في هذا الشأن، للتخلص من وجود أوغلو في منافسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأكدوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن إثارة هذه الأزمة قبل الانتخابات بنحو 3 أعوام، يهدف إلى إشغال المعارضة التركية لإفساح المجال للدوائر المحيطة بأردوغان لتعديل الدستور، حتى يسمح له بالترشح مجددا على المنصب الرئاسي.
وكان إمام أوغلو يستعد للترشح دون منافس في انتخابات تمهيدية يجريها حزب الشعب الجمهوري المعارض لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، في وقت يعتبر فيه مرشحا قويا للمنافسة على كرسي الرئاسة، بعد أن فاز مرتين متتاليتين برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، التي يعيش فيها نحو 16 مليون نسمة، ومنها انطلق الرئيس الحالي أردوغان إلى رئاسة الحكومة التركية.
وبهذا الصدد، قال الخبير في الشؤون التركية، كادار بيري، إن الموضوع تحرك بالأساس من أجل تحييد إمام أوغلو عن الانتخابات التركية المقبلة، لافتا إلى حرمانه من المشاركة في العمل السياسي إثر صدور عقوبة بحقه لمدة عام ونصف العام.
وأوضح بيري، لـ"إرم نيوز"، أن أردوغان يعمل بكل ما لديه من وسائل لإبعاد وتجنيب منافسيه، كما فعل مع رئيس حزب الشعوب الديمقراطية المعتقل حاليا والمحكوم عليه سنوات طويلة دون سبب يذكر، رغم تبرئته من قبل المحاكم التركية والأوروبية، ولم يستجب أردوغان لذلك.
وقال: "هذا ما يفعله مع أوغلو لتحييده؛ لأنه الشخصية البارزة الأكثر قدرة على منافسة الرئيس التركي، الذي لا يمكنه الترشح مجددا بعد انتهاء ولايته، حيث يريد تغيير الدستور ليبقى في الحكم".
ووصف بيري التحركات التي تحدث في إسطنبول بأنها "مريبة"؛ لأن ما أثير حول الشهادة الجامعية لأوغلو وآخرين، هو خطأ تقني من الدولة التركية؛ لأن الجامعة القبرصية التي تخرج فيها، معترف بها في تركيا، في وقت تم التلاعب فيه بثغرات قانونية.
وأشار إلى أن شهادة أردوغان كانت أساس الأزمة، كونها موضوع شكوى بعد أن تحدث صحفيون عن ذلك، وتم اعتقالهم، دون النظر في موضوع شهادة الرئيس الذي يدعي أنه تخرج في عام معين من جامعة لم تكن متواجدة فيه.
وتابع بيري: "الأمور في تركيا ذاهبة إلى الغموض في ظل تحرك المعارضة في إسطنبول تحديدا، وهي العاصمة الاقتصادية لتركيا، مع إغلاق محطات المترو وطرق الوصول إلى ساحة تقسيم، حتى لا تكون هناك وفود كبيرة وسط ارتدادات اقتصادية صعبة، انعكس معها سقوط الليرة التركية، ووقف التعامل في البورصة بعد الهبوط الكارثي".
وأكد بيري أن الوضع الاقتصادي والسياسي "غير حميد"، وهو ما يجعل الساسة يبحثون عن ديمقراطية حقيقية وليست أهواء، مشيرًا إلى أن المظاهرات القائمة في إسطنبول ستكون مفصلية في موضوع أوغلو أو أي شخص آخر ينافس أردوغان في الانتخابات المقبلة، وسط مساومات يعمل عليها الأخير على عدة مستويات، أبرزها حاليا مع الجانب الكردي، بأن يبقى في سدة الحكم مقابل التوصل لحل للقضية الكردية داخل تركيا، وهي المعضلة الكبرى للبلاد لاسيما بالنسبة للدولة العميقة والساسة.
من جانبه، يؤكد الباحث في الشأن التركي، إبراهيم مراد، أن أزمة الشهادة الجامعية الخاصة بأوغلو قد تمنعه فعليا من الترشح للانتخابات الرئاسية التركية في ظل اشتراط القانون أن يكون المرشح من حاملي الشهادات الجامعية، ومن ثم يعمل أردوغان من خلال هذه الواقعة، على التشكيك في شهادة أوغلو ومدى صحتها وقانونيتها، لمنع وجود أي منافس قوي له في الانتخابات المقبلة.
وذكر مراد، لـ"إرم نيوز"، أن اعتقال أوغلو جاء عبر قرار تعسفي يصب في رفع مستوى حالة التجمد بالأوساط التركية، بالتزامن مع الانعكاسات السياسية والاقتصادية في الشارع التركي، في وقت يدفع فيه الرئيس التركي إلى التحايل على جميع الأوضاع والعقبات والدستور والقانون للبقاء في السلطة.
وأشار مراد إلى أحاديث قوية تفيد بأن اعتقال أوغلو وما أثير من جدل حول شهادته الجامعية، هو لإشغال المعارضة بهذا الملف حتى تتهيأ لأردوغان الأجواء والمدى الزمني للذهاب إلى إجراء تعديل دستوري يتيح له الترشح مجددا في الانتخابات المقرر عقدها بعد 3 أعوام، في ظل دستور يمنع من الترشح لأكثر من ولايتين.
وبحسب مراد، فإن أردوغان يريد أن يبقى في الحكم مهما كان الوضع، ومهما كلف الأمر، ويتضح ذلك جليا منذ الانقلاب المزعوم في العام 2016، الذي استغله مع أحداث أخرى لإبقاء البلد في قبضة يديه، مؤكدًا أن الرئيس يفعل كل ما بوسعه للقضاء على أي فرصة للمعارضة أو الإصلاحيين في البلاد تمكنهم من منافسته.