واشنطن: العقوبات على إيران تأتي ضمن حملة الضغط القصوى التي يشنها الرئيس ترامب عليها
رأى خبراء سياسيون فرنسيون أن اليمين المتطرف في فرنسا يواجه تحدياً مصيرياً قد يعيد تشكيل المشهد السياسي بالكامل، وذلك مع اقتراب صدور الحكم في قضية "الوظائف الوهمية" التي تواجهها مارين لوبان.
يأتي ذلك، وسط تساؤلات فيما إذا ستكون هذه المحاكمة نهاية حقبة لوبان داخل "التجمع الوطني"، أم أن الحزب سيتمكن من تجاوز الأزمة؟
ومع اقتراب يوم 31 مارس/ آذار، حيث سيتم الإعلان عن الحكم في قضية الوظائف الوهمية التي يُحاكم فيها نواب من حزب "الجبهة الوطنية" (التجمع الوطني حالياً)، تتزايد التكهنات حول مستقبل مارين لوبان السياسي.
ففي أسوأ السيناريوهات، قد تُدان لوبان بحكم بعدم الأهلية مع تنفيذ فوري، ما سيمنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2027.
ويرى المحللون أن مثل هذا القرار سيمثل "انفجاراً سياسياً" في فرنسا، حيث ستكون له تداعيات كبرى على هيكلية اليمين المتطرف، الذي قادته عائلة لوبان لعقود.
وقالت صحيفة "Il Foglio" الإيطالية، إن الأمر قد يكون "نهاية حقبة لوبان"، ليس فقط لمارين، بل للعائلة السياسية التي هيمنت على المشهد اليميني المتطرف في فرنسا لأكثر من 50 عاماً.
من جانبه، قال جان بيير جودان الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية، لـ"إرم نيوز" إن محاكمة مارين لوبان قد تؤدي إلى زلزال سياسي داخل التجمع الوطني، لكنه يعتقد أن الحزب يمتلك القدرة على التكيف مع الأزمات".
وأضاف: "مارين لوبان ليست مجرد زعيمة سياسية، بل هي رمز جمع حوله الحزب أنصار اليمين القومي على مدى العقدين الماضيين، وإن الحكم بعدم أهليتها سيكون، بلا شك، بمثابة ضربة قاسية، لكنه لا يعني نهاية التجمع الوطني".
واعتبر أن هذا الحزب أثبت في الماضي قدرته على تجاوز العقبات، وإعادة تشكيل إستراتيجيته لمواصلة التأثير في المشهد السياسي الفرنسي.
وأشار جودان إلى أن الحزب قد يلجأ إلى إستراتيجية "الانتقال المدروس للقيادة"، حيث يمكن أن يتم الدفع بشخصيات جديدة مثل جوردان بارديلا، الرئيس الحالي للحزب، ليحل محل لوبان في المشهد الرئاسي.
لكنه حذّر في الوقت ذاته من أن غياب لوبان قد يؤدي إلى تفكك داخلي، وصراعات بين الأجنحة المختلفة داخل الحزب، خاصة بين التيار التقليدي الموالي للوبان، والجناح الجديد الذي يسعى لتحديث صورة الحزب وجعله أكثر قبولاً سياسياً.
بدورها، قالت كلير ديمونت، خبيرة في معهد الدراسات السياسية حول التطرف، لـ"إرم نيوز" إن الحكم المحتمل بعدم أهلية لوبان قد يشكل نقطة تحول تاريخية لليمين المتطرف في فرنسا.
وأضافت: "على الرغم من أن مارين لوبان استطاعت، على مدار سنوات طويلة، إعادة تشكيل صورة اليمين المتطرف وتحويله من حزب منبوذ إلى قوة سياسية رئيسة، فإن أي إدانة لها قد تعيد الحزب إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، وفي غيابها، قد يواجه التجمع الوطني أزمة زعامة حقيقية، حيث لم يظهر حتى الآن قائد يتمتع بالكاريزما ذاتها أو القدرة على توحيد الصفوف."
وتعتقد ديمونت أن هناك سيناريوهين محتملين لمستقبل الحزب بعد الحكم: سيناريو "التجديد المؤسسي، حيث يتم الدفع بجيل جديد من القيادات، مثل بارديلا أو فيليب أوليفييه، لإعادة تشكيل الحزب وتحويله إلى قوة سياسية أكثر مؤسسية، على غرار الأحزاب اليمينية التقليدية في أوروبا، وسيناريو "التشرذم الداخلي.
وأشارت إلى أن غياب لوبان يؤدي إلى صراع داخلي بين التيارات المختلفة، مما قد يؤدي إلى انقسامات وضعف في الأداء الانتخابي، ما يمنح الأحزاب التقليدية فرصة لاستعادة الناخبين الذين انجذبوا إلى لوبان خلال السنوات الماضية.
في النهاية، يتفق الخبراء على أن التجمع الوطني سيواجه تحديات كبرى إذا تم الحكم ضد لوبان، لكنهم يختلفون في مدى تأثير ذلك على مستقبل الحزب. هل سيكون غيابها بداية انحدار التيار القومي الشعبوي في فرنسا، أم أنه مجرد مرحلة انتقالية نحو شكل جديد من اليمين المتطرف؟.
ومع غياب مارين لوبان المحتمل عن المشهد، يُطرح التساؤل حول من يمكن أن يخلفها في قيادة التجمع الوطني، فيما إذا سيتمكن الحزب من البقاء متماسكاً دون زعامتها؟ هذه الأسئلة تثير جدلاً واسعاً داخل الدوائر السياسية الفرنسية.
ويرى بعض الخبراء أن غياب لوبان قد يمنح فرصة جديدة لقادة آخرين داخل الحزب، فيما يحذّر آخرون من أن ذلك قد يؤدي إلى أزمة قيادة داخلية تهدد وحدة الحزب قبل الانتخابات المقبلة.
