الصين تدعو إلى حل الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة عبر الحوار
شهد الأسبوع الثاني من الشهر الجاري تصعيدًا لافتًا بين روسيا وأوكرانيا باستخدام الطائرات المسيّرة، في تبادل هجمات وصفه مراقبون بـ"الأعنف" منذ بداية العام.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحركات سياسية لتهيئة أجواء المفاوضات بين موسكو وكييف برعاية مباشرة من واشنطن.
ويرى الخبراء، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن التصعيد بالمسيّرات يمثل مرحلة طبيعية تسبق أي مفاوضات، وأشاروا إلى أن كل طرف يسعى إلى تعزيز موقفه التفاوضي عبر فرض أكبر قدر من الضغوط العسكرية، خاصة أن استخدام هذا النوع من الأسلحة أصبح سلوكًا يوميًا في الحرب، في ظل تراجع الأداء العسكري الأوكراني على الأرض، وتزايد الضغط عليها مع تغير الموقف الأمريكي.
ويرى ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية، أن التصعيد المتبادل باستخدام الطائرات المسيرة بين روسيا وأوكرانيا يمثل مقدمة طبيعية تسبق الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأشار بريجع إلى أن هذه المرحلة تمثل محاولة من كلا الطرفين لتعزيز أوراق الضغط قبل الشروع في أي اتفاق محتمل.
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز" أن موسكو وكييف تدركان جيداً أن إنهاء الحرب بات مرهوناً بالتفاوض، إلا أن كل طرف يسعى لفرض شروطه بما يضمن تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية قبل التوصل لأية تسوية.
ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتعامل مع الأزمة الأوكرانية من منظور اقتصادي بحت، إذ يسعى لعقد صفقة شاملة تشمل اتفاقات اقتصادية مع كل من أوكرانيا وروسيا، وهو ما يعكس تغيراً واضحاً في توجهات الإدارة الأمريكية مقارنة بسياسات سلفه.
وأوضح بريجع أن بعض المسيّرات التي تستهدف العمق الروسي لا تُطلق فقط من داخل الأراضي الأوكرانية، بل يتم إطلاق بعضها من داخل روسيا نفسها بفعل اختراقات أمنية، مشيراً إلى وصول بعض المسيّرات إلى موسكو وكازان.
ولفت إلى وجود نشاط متزايد لشركات تصنيع المسيّرات داخل روسيا، فضلاً عن الشركات التركية الناشطة في أوكرانيا، وعلى رأسها شركة "بايكار" المتخصصة في هذا النوع من التكنولوجيا العسكرية.
وأكد أن المشهد الراهن لا يوحي بقرب انطلاق مفاوضات مباشرة، لافتاً إلى أن المحادثات الجارية بين روسيا والولايات المتحدة تركز في الوقت الحالي على ملفات اقتصادية وتجارية، إضافة إلى ملفي أوكرانيا والشرق الأوسط.
روتين يومي
من جانبه، وصف د. سمير أيوب، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الروسي، الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة بأنها باتت جزءًا يوميًا من مشهد الحرب، سواء في استهداف المواقع العسكرية أو البنية التحتية للطاقة في روسيا وأوكرانيا.
وأوضح أيوب لـ"إرم نيوز" أن لجوء كييف إلى تكثيف استخدام المسيّرات جاء نتيجة العجز عن تحقيق أي اختراق ميداني واضح في ظل التراجع العسكري، إضافة إلى تضاؤل حجم الدعم الأوروبي.
وحذّر من أن التصعيد الأوكراني لا يقتصر على استخدام المسيّرات، بل يشمل أيضاً تنفيذ عمليات داخل العمق الروسي، كالهجمات بسيارات مفخخة أو محاولات اغتيال تطال جنرالات وصحفيين روسا.
استهداف الأسلحة الغربية
وأشار المتخصص في الشأن الروسي إلى أن موسكو تستخدم المسيّرات بكثافة على جبهات القتال لاستهداف المعدات الغربية، مع بقاء استخدامها ضد المدن الأوكرانية محدودًا نسبيًا، وأن الإعلام الروسي يعرض يومياً مقاطع تُظهر تدمير دبابات ومعدات غربية قدمتها دول الناتو لأوكرانيا.
وأكد أيوب أن الموقف الأمريكي لم يعد يتأثر بوتيرة الهجمات بالمسيرات، وأن زيارة المبعوث الأمريكي ويتكوف الأخيرة لموسكو ولقاءه الرئيس فلاديمير بوتين لأكثر من 4 ساعات دليل واضح على سعي واشنطن لإيجاد مخرج تفاوضي.
وأضاف أن الرئيس ترامب يدفع باتجاه اتفاق يضمن وقف إطلاق النار، وأن المطالب الروسية تتركز بالدرجة الأولى على ضمان حياد أوكرانيا ومنع انضمامها لحلف "الناتو"، وهو مطلب قد يجد قبولًا أمريكيًا، خاصة مع اعتراف غير معلن بواقع تقسيم أوكرانيا بين الشرق الموالي لموسكو والغرب المتطلع للارتباط بالاتحاد الأوروبي.