مُنذ تولي دونالد ترامب، رئاسة البيت الأبيض، بدأ الخوف يُسيطر على السلطات الأوكرانية يومًا تلو الآخر، لأسباب عدة، بعضها يرجع لمخاوفها من تسوية النزاع والحرب مع روسيا من جانب واحد، والآخر، لتراجع الدعم الأوروبي - المالي والعسكري - بشكل ملحوظ، وتوغل القوات الروسية في العمق الأوكراني.
وعلى وقع هذه المخاوف، حذر رئيس إدارة الاستخبارات الرئيسية الأوكرانية، كيريل بودانوف، من تهديد لوجود أوكرانيا ذاته إذا لم تبدأ المفاوضات مع روسيا بحلول نهاية الصيف، وذلك وفقًا لما نقتله النسخة الأوكرانية من "برافدا".
وأكد رئيس الاستخبارات الأوكرانية، خلال اجتماع مغلق داخل البرلمان الأوكراني، «أنه إذا لم تكن هناك مفاوضات جادة بحلول الصيف، فإن عمليات خطيرة للغاية تهدد وجود أوكرانيا ذاته قد تنطلق».
وتساءل مراقبون، عن طريقة بدء المفاوضات الأوكرانية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصةً وأن الرئيس الأوكراني زيلينسكي رفض الحوار مع روسيا بمقتضى مرسوم تشريعي.
وقال د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إن المعارك على جبهة القتال بين روسيا وأوكرانيا تحتدم الآن، تزامنًا مع وعد ترامب بإنهاء الحرب بين الطرفين عند وصوله البيت الأبيض خلال 24 ساعة فقط، إلا أنه لم يف بهذا الوعد.
وأضاف بوش في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن روسيا بدأت تكثف ضرباتها على مواقع استراتيجية، مثل المطارات ومخازن الأسلحة ومصانع تصنيع المسيرات في أوكرانيا، وبدأت القوات الأوكرانية تنهار على العديد من الجبهات، خاصة على جبهة دونباس، وأخذ العديد من الجنود الأوكران بالاستسلام، في وقت ارتفعت فيه نسبة الشبان الرافضة للانضمام للجيش الأوكراني.
وأشار بوش إلى أن معنويات الجيش الأوكراني ضعيفة جدًا الآن، بالإضافة إلى أن الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لن يستمروا في تزويد أوكرانيا بالمال والسلاح إلى مالا نهاية.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، د. نزار بوش، أنه في ضوء هذه المعطيات على أرض الواقع يمكن القول إنه إذا لم تتوقف الحرب خاصة بعد المفاوضات التي ستحدث بلا شك بين بوتين وترامب، فإن روسيا سوف تزيد من ضرباتها على مختلف البنى التحتية في أوكرانيا وسوف تُنهك أوكرانيا والجيش الأوكراني الذي يقاتل منذ 3 سنوات على جبهات القتال ولديه خسائر بمئات الآلاف من الجنود والمعدات العسكرية، كما لا يمكن المقارنة بين قوة روسيا وقوة أوكرانيا رغم تلقي أوكرانيا دعمًا كبيرًا من الناتو ودول أخرى.
وتابع أن روسيا أقوى عسكريًا واقتصاديًا ولديها مصادر وموارد طبيعية ضخمة من الطاقة والمعادن، بالإضافة إلى أنها تمتلك أيضًا الخبراء والعلماء والأيدي العاملة الماهرة، لذا فإنّ أوكرانيا لن تسطيع الصمود أمام قوة روسيا إذا ما استمرت الحرب وإذا فشلت المفاوضات.
وأكد بوش أن تصريحات الاستخبارات الأوكرانية حول وجود تهديد وجودي على أوكرانيا "أمر طبيعي لما يحدث من تقدم كبير للجيش الروسي في الأراضي الأوكرانية"، كما أن أوكرانيا لن تعود كما كانت طالما أن روسيا ضمّت 4 مناطق منها إليها، من ضمنها منطقة زاباروجيا الغنية جدًا بالموارد الطبيعية، بالإضافة إلى وجود أكبر محطة للطاقة النووية في العالم هناك.
وخلص أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، د. نزار بوش إلى أن أوكرانيا فعليًا مهددة وجوديًا إذا لم تنجح المفاوضات وأن روسيا سوف تنهي هذه الحرب لصالحها مع الصيف المقبل.
من جانبه، قال رئيس المركز الأوكراني للحوار، د. عماد أبو الرب، إن تصريحات الاستخبارات الأوكرانية بشأن التحذير من تهديد وجودي بسبب الهجوم الروسي ليست الوحيدة بل هناك تزايد في تصريحات من جانب القيادات السياسية والعسكرية والأمنية في أوكرانيا، وهناك تحذير من مخاطر عدم وجود استقرر في حالة التعبئة وكذلك ضعف توافر الأسلحة الدفاعية التي تحتاجها أوكرانيا لصد الهجمات الروسية.
وأضاف أبو الرب في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»: «كل هذه المعطيات ستؤدي إلى مزيد من استنزاف أوكرانيا على كافة المستويات سواء الجانب الإنساني أو الاقتصادي والبنية التحتية التي تتأثر بشكل كبير بسبب الحرب».
وأشار أبو الرب إلى أن إدارة ترامب ستقوم بخطوات عاجلة خلال شهر فبراير بشأن المفاوضات، وسوف تتضح معالمها بشكل كبير خلال الأيام القادمة، متوقعًا أن يتم التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب.
