إعلام لبناني: ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي على بلدة تولين جنوب البلاد إلى 4
تصاعد التوتر الجيوسياسي بين حلف شمال الأطلسي "الناتو" وروسيا ليأخذ بُعدًا جديدًا مع تكثيف الحلف لجهوده لحماية الكابلات البحرية الحيوية بعد سلسلة من الحوادث المشبوهة.
ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أصبحت هذه الكابلات البحرية، التي تعد أساسية في الاتصالات العالمية ونقل الطاقة، هدفًا متزايدًا للهجمات، لاسيما في بحر البلطيق.
وأثار ذلك مخاوف من تورط روسيا في هذه التدميرات.
وأوضحت الصحيفة أنه "ردًّا على ذلك، قام حلف الناتو بتعزيز وجوده العسكري في المنطقة مع التركيز على تعقب وتأمين هذه البُنى التحتية الحيوية".
وأوضح التقرير أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في الحوادث التي شملت تدمير الكابلات البحرية، التي تعد حيوية للاتصالات العالمية ونقل الطاقة.
"وكان من أبرز هذه الحوادث هو قطع كابل الكهرباء إستلينك 2 بين فنلندا وإستونيا في 25 ديسمبر 2024"، بحسب التقرير.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحادث "جاء بعد فترة قصيرة من تدمير كابلين للاتصالات في المياه السويدية".
وربطت الشرطة الفنلندية الحادثة بالسفينة الروسية إيغل-إس، التي تم احتجازها في 26 ديسمبر بعد أن تم الاشتباه في كونها جزءًا من "أسطول الأشباح" الروسي الذي ينقل النفط تحت الحظر.
وتصاعدت الوضعية مع تورط السفن الصينية مثل يي-بينغ 3، التي توقفت في الموانئ الروسية سابقًا، مما زاد من الشكوك.
وبحسب التقرير، دفع تدمير هذه الكابلات دول بحر البلطيق إلى الدعوة لزيادة اليقظة وإرسال دوريات عسكرية لحماية الكابلات المتبقية، مثل إستلينك 1، التي كانت لا تزال تعمل بعد تدمير إستلينك 2.
وكان رد حلف الناتو سريعًا، ففي 27 ديسمبر، أعلن الناتو عن خطط لزيادة وجوده العسكري في بحر البلطيق لتأمين هذه الأصول البحرية الحيوية.
واقترح وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور أن تقوم الدول المجاورة، مثل: السويد، وألمانيا، وبولندا، بتوفير مزيد من القوات، مما يعزز التنسيق الإقليمي، ويمنع المزيد من الأضرار للبُنى التحتية الحيوية.
بدوره، تدخل الاتحاد الأوروبي (EU) في هذه القضية، حيث أشار المسؤولون إلى إمكانية فرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية، بما في ذلك السفن المشبوهة في تنفيذ أعمال التخريب.
وأكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاجا كالاس، ضرورة تعزيز تقنيات الكشف وقدرات الإصلاح تحت الماء لحماية هذه الكابلات من التهديدات المستقبلية.
وأكد التقرير أنه "بينما شهد بحر البلطيق أكبر قدر من الأنشطة، فإن التهديد يتوسع".
وأشار إلى أنه "رصد السفن الروسية للمراقبة، مثل كيلدين ويانتر، في المياه الدولية، تراقب عن كثب مسارات الكابلات البحرية".
ولفت إلى أن "يانتر"، على وجه الخصوص، كانت تقوم برحلات منتظمة على طول السواحل البريطانية، والفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، وكأنها تتبع مواقع الكابلات الرئيسة.
بدورها، تدرك القوات البحرية الأوروبية هذه الأنشطة، وتراقب عن كثب هذه السفن، بل وتنفذ عمليات لصدها من التوقف فوق المناطق الحساسة للكابلات.
ووفق "لوموند"، فإنه تم تجهيز "يانتر" بقدرات متقدمة للاستماع الكهرومغناطيسي، وتُعتبر تحركاتها جزءًا من إستراتيجية أوسع لروسيا لجمع المعلومات الاستخباراتية حول بنى الناتو التحتية.
وبينت أنه "على الرغم من أن إثبات التخريب المباشر أمر صعب، فإن القوات البحرية للناتو أوضحت أنها تركز على منع تصعيد مثل هذه الأنشطة".
وقالت إن "هذه التطورات ليست عسكرية فقط، بل تشير إلى إستراتيجية أوسع من الحرب الهجينة التي تستخدمها روسيا".
ونقلت عن خبراء إشارتهم إلى أنه قد تكون الغاية من هذه الأعمال هي خلق الغموض، مما يعقد عملية التحديد ويؤخر الاستجابة.
وأوضح الخبراء أن هذه الإستراتيجية تعدة فعّالة بشكل خاص في مثل هذه السيناريوهات، حيث لا يوجد دليل مباشر على التخريب، ما يجعل من الصعب على حلف الناتو اتخاذ تدابير منسقة.
من جانبه، أوضح جوليان نوسيتّي، الباحث في معهد العلاقات الدولية الفرنسي، أن أنشطة روسيا في المنطقة تهدف إلى خلق عدم يقين، مما يجعل من الصعب على الناتو تحديد المسؤولية واتخاذ رد فعل موحد.
وبين أن هذا النهج يموه الخط الفاصل بين العمليات السرية والأعمال العدائية المكشوفة، مما يعقد عملية اتخاذ القرار لدى الناتو.
وأكد تقرير الصحيفة الفرنسية أن ازدياد تهديدات تدمير الكابلات البحرية اثار القلق داخل حلف الناتو، ولاسيما في ظل أن هذه التدميرات قد يكون لها تداعيات خطيرة على الاتصالات العالمية وأسواق الطاقة.
وشعر المسؤولون الأوروبيون بشكل متزايد بالقلق من التأثير الطويل الأمد لهذه الأعمال، التي قد تضعف المادة 5 من معاهدة الناتو، التي تفرض الدفاع المتبادل في حال حدوث هجوم مسلح.
ويمثل تهديد الحرب الهجينة، بما في ذلك التخريب المستهدف للبُنى التحتية الحيوية، تحديًا لآليات الدفاع التقليدية للحلف.
وخلُص التقرير الى القول إن "الوضع يبرز الحاجة إلى مزيد من التعاون بين أعضاء الناتو وبين المشغلين الخاصين للكابلات البحرية".
واستطرد أنه "مع تصاعد المخاطر، سيظل تأمين هذه البُنى التحتية الحيوية من العدوان الروسي أولوية قصوى لحلف الناتو وحلفائه في الأشهر القادمة".