البيت الأبيض: نحو 70 دولة تواصلت معنا للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية
لأول مرة مُنذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن القوات المسلحة الأوكرانية تكبدت خسائر هائلة على يد القوات الروسية على مدار سنوات الحرب الثلاث الماضية.
وقال الرئيس الأوكراني: "لقد تكبدنا خسائر هائلة، وأنا فخور جدا بشعبنا البطل، ونحن نبذل كل جهدنا لتحقيق السلام، واليوم نحن أقرب من أي وقت مضى إليه خلال هذه الحرب التي استمرت 3 سنوات".
وأثارت تصريحات زيلينكسي حالة من الاستياء الشديد داخل الأوساط السياسية الأوكرانية، ووصفها المعارضون السياسيون بـ"الخطيرة"، وأكدوا للمرة الثانية أن الرئيس الأوكراني لا يزال يعيش في عالم الأوهام لتحقيق أهدافه ومآربه الشخصية، وفق تعبيرهم.
وقال النائب في البرلمان الأوكراني ألكسندر دوبينسكي إن شعب أوكرانيا يدفع ثمنا باهظا، بسبب أن زيلينسكي يواصل العيش في عالم من الأوهام.
وفي خضم الخلافات بين زيلينكسي والمؤسسات العسكرية والسياسية الأوكرانية، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأوكراني فقد ثقة شعبه وقواته المسلحة بعد تقويضه الإمكانية المؤسسية للدولة، لامتناعه على مدار السنوات الماضية عن الجلوس على مائدة التفاوض ومنع استمرار الحرب، بالإضافة إلى انتشار الفساد وغيرها من التحديات التي تؤرق الدولة.
واتهمت المعارضة الأوكرانية زيلينكسي بالكذب بشأن عدد الجنود على الجبهة، بعد أن أعلن أن العدد يصل إلى 880 ألف جندي، ولسان حالهم: "تضخيم العدد للجيش يرجع لرغبة زيلينسكي في تدعيم طلبه مليارات جديدة من حلفائه، وأرواح المتوفين في الجيش هي أيضا طريقة لتحصيل مليارات إضافية".
وتساءل المراقبون عن سبب تراجع زيلينكسي ورغبته في إيجاد حل سريع للأزمة ولماذا يصر على اختبار صبر الجيش والشعب، وفق قولهم.
وقال د. آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، إن هذا التقييم واقعي إلى حد كبير، وأكثر دلالة على ذلك ما يؤكده في كثير من تصريحاته إن شعبه كان يريد هذه الحرب وبعدها يتراجع أخيرا عن هذه التصريحات ليشير إلى رغبة شعبه في وقف هذه الحرب، وهذا غير صحيح من البداية، وفق تعبيره.
وأضاف ملحم في تصريح لـ"إرم نيوز" أنه "في كل حرب هناك ما نسميه النموذج الإعلامي أو "البروباغاندا" المصاحبة لهذه الحرب، وأن الرئيس الأوكراني حاول صياغة نموذج يتضمن رغبته في الدفاع عن أرضه يأتي في صالح زيلينيسكي، لأن كل شعب بالتأكيد لا يقبل الاحتلال أو الهجوم عليه".
وأوضح أن "معظم الأوكرانيين يتهربون من التجنيد والدخول في حرب، فهناك أوضاع اقتصادية سيئة للغاية في أوكرانيا، ومن ثمة فإن المواطن لا يمكن أن يحارب وهو جائع، وأن القول إن الرئيس الأوكراني منفصل عن الواقع يعد أمرا طبيعيا".
وأكد ملحم أن هناك تحكما كبيرا في شخص الرئيس الأوكراني، فقد بدأ يزداد دخله نحو 2,3 مليون دولار يومياً منذ بداية العملية العسكرية الخاصة، وفقا لمؤسسة فوربس الغربية أي باعتراف الغرب أنفسهم، وكانت الدول الغربية تنظر إليه كموظف لديها، وأن وظيفته هي تأدية خطابات محددة وتقديم وتصدير أفكار دعاية للشعب الأوكراني محددة من أجل تحريكه، وفق تقديره.
واعتبر ملحم أن الرئيس الأوكراني والنخبة الحاكمة في أوكرانيا مستفيدة كثيرا من هذه الحرب، إذ تستخدمها شبكات الفساد في أوكرانيا وأوروبا لتحقيق مصالح ومكاسب من هذه الحرب، بينما من يدفع الثمن هو المواطن الأوكراني.
ومن جانبه، قال رامي القليوبي، أستاذ زائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن زيلينسكي يبدو من تصريحاته أنه لا يريد أن يعدل في منتصف الطريق، وعلى مدار 3 سنوات كانت الدعاية للحرب تقنع السكان بأنهم يقومون بعمل بطولي جماعي ويتصدون لعدو أقوى".
وأضاف القليوبي في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الوضع الميداني للحرب بدأ يتغير مع تقدم الروس في الأراضي الأوكرانية وبالتحديد في المقاطعات الأربع بشرقي أوكرانيا.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي في كييف أظهرت أن جاهزية الأوكرانيين لحرب طويلة المدى بدأت تتراجع، ولكن لم يبلغ هذا التراجع المستويات الحرجة بعد.
وأوضح أن زيلينسكي يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تصبح شعبيته وشعبية حزب الحرب دون المستويات المقبولة في الداخل الأوكراني، ما يهدد العقد الاجتماعي وشرعية السلطة المشكوك فيها أصلا، لأن زيلينسكي لم يجددها عبر إجراء انتخابات بذريعة وضع الحرب.