خبراء: تطورات مفاجئة وراء جولة زيلينسكي غير المتوقعة في أوروبا

رأى خبراء أن جولة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، غير المتوقعة في أوروبا، جاءت عقب تطورات مفاجئة، لا سيما القرار الأمريكي بشأن قمة "رامشتاين" التي كانت تضع كييف آمالها عليها.

وعلى وقعِ التغيرات العسكرية والتقدم الروسي داخل الأراضي الأوكرانية، يُجري زيلينسكي جولة أوروبية ليست الأولى منذ احتدام الصراع مع روسيا، في مسعى للتأكيد على ضرورة الحصول عتاد عسكري ونيل المزيد من الدعم من قبل حلفاء كييف من أجل التصدي للغزو الروسي المستمر.

وبدأت جولة زيلينسكي من لندن الأربعاء الماضي، وتلتها زيارة باريس ولقاؤه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما تحط طائرة الرئيس الأوكراني الجمعة داخل العاصمة الألمانية برلين قادمًا من إيطاليا.

وخلال هذه الجولة الأوروبية المُصغرة، رفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شعار: "لا لوقف إطلاق النار مع موسكو»، وهو ما أكده في حديثه مع الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية البريطاني ومسؤولي العاصمة الإيطالية روما.

ومع انتهاء الزيارة الأوكرانية للدول الأوروبية، يبقى التساؤل الأبرز، عن نتائج جولة الرئيس زيلينسكي وتداعياتها على مسار الصراع الأوكراني الروسي، وهذه التساؤلات أجاب عنها الخبراء في الشؤون الأوروبية لـ"إرم نيوز".

وأكد الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الزيارة تأتي في وقت غاية في الأهمية، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزعم عقدها الشهر المقبل، وما يترتب عليها من مخاوف أوكرانية متنامية من عودة المرشح الأمريكي دونالد ترامب إلى رئاسة البيت الأبيض مجددا.

مخاوف غربية 

وقال أحمد سيد أحمد، أستاذ العلاقات الدولية، وخبير الشؤون الأمريكية، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يحاول دائما الحصول على الدعم الغربي بأي شكل من الأشكال، وهو ما شاهدناه منذ اندلاع الصراع بين موسكو وكييف، وذلك بعد نجاحه في تصدير المخاوف للدول الأوروبية وقوة الدب الروسي في السيطرة على كييف والتي تكون محطة أولى نحو باقي الدول الأوروبية.

وأشار خبير الشؤون الأمريكية في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن زيارة زيلينسكي للدول الأوروبية المفاجئة لم تكن مخططة وإنما جاءت بعد إعلان البيت الأبيض عن عدم مشاركة جو بايدن في اجتماع مجموعة "رامشتاين" الجوية وإلغاء الاجتماع هذا في وقت لاحق من البيان الأول، خاصة وأن المسؤولين الأوكران كانوا يضعون آمالهم على هذا الاجتماع.

وتابع: "لهذا السبب قرر الرئيس الأوكراني زيارة حلفائه الأوروبيين، بسبب التغيرات الجيوسياسية التي طرأت داخل بلاده بشأن دعم كييف بالمال والسلاح، وأبرزها ألمانيا، وهي ثاني أكبر ممول للأسلحة لكييف، والتي وافق برلمانها على خفض مساهمتها ودعمها لأوكرانيا بنسبة 50% بداية من عام 2025، وأيضا فرنسا والتي تناقش مثل هذا القرار الألماني".

وعن نتائج زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الدول الأوروبية، أكد أستاذ العلاقات الدولية في تصريحاته، أن الحلفاء الأوروبيين لديهم اهتمامات كبيرة بالصراع الأوكراني الروسي أكثر من التصعيد العنيف في منطقة الشرق الأوسط، بسبب تنامي نفوذ الدب الروسي في القارة العجوز خلال السنوات الماضية.

وأوضح بأن النجاحات العسكرية التي ما زالت تحققها روسيا يوما تلو الآخر داخل الأراضي الأوكرانية، يستغلها بدهاء الرئيس الأوكراني ليس فقط في الحصول على الدعم، وإنما في ضمان استمراره حتى انتهاء أسطورة الدب الروسي ويهزم.

مواصلة الدعم الغربي 

وقال رضوان قاسم، مدير مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية الألمانية، إن جولة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحلفائه الغربيين جاءت لسببين، الأول، وهو التأكيد على ضرورة مواصلة الدعم الغربي للعمليات العسكرية الأوكرانية داخل الأراضي الروسية.

والسبب الثاني وهو عرض ملامح التعديلات الأوكرانية التي تم إدخالها على خطة النصر والتي تحدث فيها مع الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية البريطاني، ومن المتوقع أن يتحدث فيها أيضا مع المستشار الألماني خلال زيارته إلى برلين، على الرغم من تصريحاته خلال الساعات الماضية والتي أكد فيها أنه لن يعرض خطة النصر خلال هذه الزيارة.

وأشار مدير مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن الرئيس الأوكراني يحاول إعطاء خطة النصر المزيد من الزخم رغم أنها ما زالت تتضمن الكثير من الغموض.

بالإضافة إلى أن هذه الخطة تتعارض مع قمة السلام التي تسعى كييف لعقدها خلال شهر نوفمبر في أعقاب الانتخابات الأمريكية؛ وهو ما يثير مخاوف الأوكرانيين من معارضتها خاصة من قبل الرئيس الأمريكي الجديد؛ لذا تسعى لإقرارها في هذه الفترة.

 وأوضح رضوان قاسم، في تصريحاته أن الدعم الغربي شهد حالة من التراجع خلال الأشهر الماضية وهو ما يسعى زيلينسكي إلى تعويضه خاصة مع التوغل الروسي غير المسبوق منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، والذي كان له تأثير كبير على ثقة العسكريين الأوكران خلال الفترة الماضية.

وتابع قائلا: "ما يسعى إليه زيلينسكي الحصول على موافقة باستخدام الأسلحة الغربية في الساعات المقبلة لتحقيق جزء من النصر والذي يعزز من فرص مواصلة الدعم الغربي لكييف بعد تراجعه بشكل ملحوظ، بسبب الأخطاء التي وقع فيها جنود، وتحديدا عدم قدرتهم على استخدام طائرات أف 16 التي حصلت عليها مؤخرا من الناتو، حيث تسبب الجنود في إسقاط بعضها، أو بسبب أخطاء أوكرانية أو ضربات روسية".