رسالة إيرانية للأمم المتحدة: تصريحات ترمب "متهورة وعدوانية"
بعد مرور 3 أعوام على الحرب الروسية الأوكرانية، عاد الحديث مُجددًا عن "بروتوكول إسطنبول" بين موسكو وكييف الذي جرى التوصل إليه خلال مفاوضات في شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان 2022، بهدف إنهاء الحرب دون أن يتم تنفيذه.
واعتبر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، أن النزاع الأوكراني "تمت إثارته"، وليس بالضرورة من قبل روسيا، مشيرًا إلى أن واشنطن ستتخذ من "بروتوكول إسطنبول" بوصلة لاتفاق سلام بين البلدين.
وخلال المفاوضات، قدم الوفد الأوكراني العديد من المقترحات لإنهاء الحرب مع روسيا، أبرزها، الحصول على ضمانات أمنية من دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا، وفي المقابل، طالب الوفد الروسي بالتزام أوكرانيا بالحياد، وعدم الانضمام إلى حلف الناتو أو أي تحالف عسكري.
وقال ويتكوف: "بغض النظر عمن بدأ الحرب، كانت هناك مفاوضات قوية وجوهرية للغاية جرت في إطار ما يسمى ببروتوكول إسطنبول، وكنا على وشك توقيع شيء ما، وأعتقد أننا سنستخدم هذا الإطار كبوصلة لإبرام اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا".
وفي وقت سابق من العام الماضي، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن اتفاق سلام غير مكتمل في عام 2022 بين روسيا وأوكرانيا قد يكون الأساس لمفاوضات جديدة، ولكنه أكد أنه لا يوجد ما يشير إلى أن كييف مستعدة للمحادثات.
وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا أن روسيا وأوكرانيا كانتا على وشك الاتفاق على إنهاء الأعمال القتالية في محادثات إسطنبول، لكن أوكرانيا تراجعت عنه بمجرد تراجع القوات الروسية بالقرب من كييف، بحسب "رويترز".
ومع إعادة الأنظار إلى بروتوكول إسطنبول، يبقى التساؤل عن تفاصيل هذا البروتوكول وكيف يمكن أن يكون بوصلة لإبرام اتفاق سلام بين موسكو وكييف.
قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، إن بروتوكول إسطنبول كان بداية حقيقية لنية روسيا للحفاظ على أوكرانيا ومنع انضمامها لحلف الناتو، لكن يبدو أن الغرب "خدع كييف" وأوهم الأوكرانيين أنهم قادرون على إلحاق هزيمة استراتيجية بموسكو من خلال إمدادها بالأسلحة والمال.
وأكد البني في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن أمريكا وبريطانيا على وجه التحديد كانت لهما أهداف لاستنزاف روسيا عسكريًا واقتصاديًا بدخول أوكرانيا المعركة، لكن استطاعت روسيا إفشال تلك المخططات بقوة جيشها وقدرتها الإنتاجية من الغذاء والنفط، فضلًا عن امتلاكها ثروات تعدينية هائلة، وهو ما ساعد على امتصاص صدمة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا والدول الغربية.
وأوضح البني أن بريطانيا وأمريكا هما من دفعا أوكرانيا لإفشال اتفاق إسطنبول، لكن النتيجة الآن كارثية بالنسبة لأوكرانيا التي فقدت نحو 20 بالمئة من أراضيها لصالح روسيا، فضلًا عن الخسائر البشرية الكبيرة في الجيش.
وتابع أن بروتوكول إسطنبول كان يضمن الحفاظ على الأراضي الأوكرانية بتحييد أوكرانيا ومنع انضمامها لحلف الناتو، لكن كييف خرقت البروتوكول ولم تلتزم به بتخطيط أمريكي بريطاني، والنتيجة كانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وما وصلت إليه الأمور بسيطرة روسيا على 4 مقاطعات في الشرق الأوكراني.
من ناحيته قال الأكاديمي بكلية الاستشراق في المدرسة العليا بموسكو، الدكتور رامي القليوبي، إن بروتوكول إسطنبول هو نتيجة للمباحثات الروسية الأوكرانية، وإن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت فيه الطريق الأمثل لإنهاء الحرب، نظرًا لما تضمنه من مقترحات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وأضاف القليوبي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن بروتوكول إسطنبول كان ينص على خطط السلام، وتضمن حياد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو، لكن في الأشهر التالية من الاتفاق تسلمت أحدث الأسلحة الغربية بينما أظهر الجيش الروسي رد فعل ضعيفًا في بداية الأمر حتى ظن الغرب أنه قادر على إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا.
وأوضح أن ما يُسهل تطبيق اتفاق إسطنبول هو فشل أوكرانيا في تحقيق أهدافها العسكرية وحالة الاستسلام التي لا تزال تعيشها بعد تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض، وتراجع الدعم الغربي.
وأشار القليوبي إلى توقعات بعرقلة الدول الغربية المساعي الأمريكية والرغبة الروسية بإنهاء الحرب، خاصة أن المخاوف الأوروبية تجددت بعد تصريحات ويتكوف باحتمالية اللجوء إلى اتفاق إسطنبول لما يؤدي إليه من تنفيذ كل الشروط الروسية التي طالبت بها منذ بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.