وسط حالة من التوترات السياسية والاقتصادية تعيشها إيران، وجد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان نفسه في خضم أزمة حقيقية بعد استقالة أحد أقرب مساعديه محمد جواد ظريف من منصبه كنائب الرئيس للشؤون الإستراتيجية بعد 11 يومًا فقط.

هذه الخطوة جاءت كصفعة للسلطة الجديدة حيث يراها المحللون مؤشرًا على وجود "خلافات عميقة" بين جناحي المتشددين والإصلاحيين في البلاد.

ظريف الذي لعب دورًا محوريًّا كوزير سابق للخارجية، وكان صاحب الإنجاز التاريخي المتمثل في الاتفاق النووي، عبّر عن خيبة أمله من التشكيلة الحكومية الجديدة التي اعتبرها تفتقر إلى التنوع والتمثيل المناسب للنساء والشباب والأقليات. وفي منشور عبر منصة "إكس" صرح قائلاً: "أشعر بالخجل لأنني لم أتمكن من تحقيق ما وعدت به." هذه الكلمات تكشف عن مدى الاستياء الذي يشعر به ظريف من الوضع الراهن.

استقالة ليست مجرد حدث عابر، بل تمثل علامة فارقة في خريطة التحالفات الداخلية الإيرانية.. الخبراء يشيرون إلى "خلافات عميقة" بين الحرس الثوري والإصلاحيين الذين كانوا يتطلعون إلى فرض سياسات جديدة بعد فوز بزشكيان، لكنهم تفاجؤوا بتشكيلة حكومية لم تلبِّ توقعاتهم.. وتؤكد تقارير أن بزشكيان يواجه ضغوطًا كبيرة من الحرس الثوري خاصةً بعد الحادثة المثيرة للجدل المتعلقة باغتيال إسماعيل هنية في طهران.

ورغم تلك الأجواء المشحونة، يذهب بعض المحللين إلى أن استقالة ظريف ناتجة عن اختلافات في وجهات النظر حول أسماء الوزراء، ويعتبرونها "ردة فعل مبالغًا فيها".. لكنهم يشددون على أن بزشكيان كان يجب أن يحظى بدعم الحرس الثوري كي يتولى منصبه.

من ناحية أخرى يُعتبر ظريف من الشخصيات المغضوب عليها من قبل الحرس الثوري، بسبب جنسية أولاده الأمريكية، وقد وجهت له تهم بالتعامل مع الغرب، ما زاد حدة الانتقادات ضده.. فالمحافظون يتهمون ظريف بتقديم تنازلات كبيرة للولايات المتحدة في المفاوضات النووية دون ضمانات كافية، ما ألحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد والسياسة الإيرانية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018.

الحقيقة أن المشهد الإيراني معقد للغاية والأوضاع لن تتجه نحو الاستقرار في المستقبل القريب، رغم أن بزشكيان يتربع على قمة السلطة، فإنه محاط بمؤسسات عميقة لا تزال تسيطر على مسارات السياسة الإيرانية.