إزالة العسكرة من القطاع، والحفاظ على سيطرة أمنية لمنع أي تهديد مستقبلي على إسرائيل، هكذا بلور نتنياهو هدفه في تصريحه الأخير من واشنطن، الذي أعلن فيه ما أسماه خطة اليوم التالي في غزة، والتي تتمثل بإدارة مدنية، وسيطرة أمنية إسرائيلية.
قبل الخوض في تفاصيل اقتراح كهذا، فإن ما يتمناه نتنياهو خلف ستارة الطرح ليس جديدًا، ففكرة إقامة إدارة مدنية في غزة، هي فكرة قديمة جديدة، أعاد نتنياهو بطرحها الأذهان لتجارب إسرائيلية سابقة كانت تهدف لتأسيس كيانات فلسطينية تتبع مباشرة لسلطة الجيش الإسرائيلي، ومنذ سبعينيات القرن الماضي.
الإدارة المدنية ستكون مسؤولة عن توزيع المساعدات في قطاع غزة، في حين سيتولَّى المجتمع الدولي إعادة الإعمار، لكن التعليم فيها سيكون بإدارة إسرائيلية لما قال عنه نتنياهو تغيير الفكر الذي يُولد كارهًا لليهود وفق تعبيره، وفي أرقام تقول إن استهدافات إسرائيل طالت 90% من الأبنية المدرسية، ومن بعدها المساجد في غزة، انعكاس واضح للفكرة، فما فرص تنفيذ اقتراح كهذا ؟
إن دلالات مقترح كهذا، لاسيما أنه ليس جديدًا، فهو لا يعكس -وفق مراقبين- سوى الهدف الإسرائيلي المتمثل تاريخيًا بفرض وجه من وجوه السيطرة غير المباشرة على قطاع غزة، تحت مسمّى إدارة مدنية، بينما الهدف يتمثل بتحييد أي خطر عسكري محتمل على غرار ما جرى في السابع من أكتوبر، بحيث تدير غزة سلطة تقبل بإسرائيل وفق وصف نتنياهو، ما يعني أنها ستكون تحت جناح تل أبيب بصريح العبارة، بل إن أي اختلافات فيها ستُفرز صدامات فلسطينية فلسطينية، أما عن فرص التنفيذ فيمكن القول إن إدارة الرئيس جو بايدن، رفضت، عبر شهور طويلة، أي خطط تستثني السلطة الفلسطينية في القطاع أو لا تأخذ بعين الاعتبار حل الدولتين لإنهاء الصراع، ومع بلبلة الانتخابات الأمريكية فإنه من الصعب -وفق مراقبين- قبول حل كهذا، لاسيما أن كاملا هاريس ستسعى، حاليًا، لكسب الأصوات الديمقراطية في حزبها والتي تؤيد وقف النار في غزة، ولعل مقاطعة ما يقرب من نصف الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ عن خطاب نتنياهو، يعني رفضًا للفكرة قبل الطرح حتى.