مع اقتراب موعد الانتخابات العامة ببريطانيا في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، تظل مجتمعات مقاطعة "دورهام" في شمال شرق البلاد بمثابة تذكير "صارخ" بالوعود السياسية لـ"تسوية الأوضاع" التي غالبًا ما أخطأت أهدافها ولم يتم الوفاء بها، حيث تم تحويل الأموال إلى مناطق أكثر فائدة على المستوى السياسي.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إنه على الرغم من تعهدات الحكومات المتعاقبة، فإن هذه المنطقة، التي كانت تعمل في تعدين الفحم سابقًا، تكافح من أجل التعافي منذ إغلاق مناجمها، مما ترك ناخبيها يشعرون بخيبة أمل من كلا الحزبين الرئيسين: حزب العمل والمحافظين.
بقايا عصر الفحم
وأضافت الصحيفة أن مركز الرعاية الاجتماعية في إيزينغتون، وهو من بقايا عصر الفحم، يقف كدليل على تدهور المنطقة. حيث كانت المدينة ذات يوم مركزًا لعائلات التعدين، ويعكس طلاؤها الباهت وألواح الأرضية التي تصدر صريرًا مجد المدينة المنسي.
وأدى إغلاق المناجم في جميع أنحاء دورهام ويوركشاير وويلز إلى ترك 200 ألف عامل منجم عاطلين عن العمل، حيث أضحت هذه المناطق التي أهملت من حيث الاستثمار والدعم، من بين أفقر المناطق في المملكة المتحدة.
ويبلغ معدل فقر الأطفال في دورهام 34%، كما يقل متوسط العمر المتوقع للرجال بثلاث سنوات عن المتوسط الوطني.
شعور التخلي
وفي استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، اختار 58% من ناخبي دورهام مغادرة الاتحاد الأوروبي، مدفوعين بالشعور بالتخلي عنهم والآمال في تجديد الاستثمار في منطقتهم. ومع ذلك، فإن استراتيجية "التسوية" التي تم الترويج لها كثيرًا في ظل إدارة بوريس جونسون لم تسفر سوى عن الحد الأدنى من الفوائد الملموسة.
وأكدت الصحيفة أن القضية الأوسع هي الافتقار إلى التدريب والدعم الفعالين لهذه المجتمعات، موضحة أنه بعد عام 1997، قدمت حكومة حزب العمال الجديد، في عهد توني بلير، بعض الحلول من خلال برامج إعادة تدريب عمال المناجم والتمويل الكبير من الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن تدابير التقشف التي اتخذت في عام 2010 وما تلاها من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أدت إلى تفكيك الكثير من هذا الدعم.
وعود لم تتحقق
وأضافت "لوموند"، أن الوعود السياسية بـ"تسوية الأوضاع" غالبًا ما أخطأت أهدافها، حيث تم تحويل الأموال إلى مناطق أكثر فائدة على المستوى السياسي، وكان هذا سببًا في تعميق حالة التشاؤم بين ناخبي دورهام، الذين ينظرون الآن إلى وعود الساسة بعين الشك.
وختمت الصحيفة بالقول، إنه بينما يستعد سكان دورهام للتصويت، فإن خيبة أملهم من الروايات السياسية السائدة تظل بمثابة تذكير مؤثر بالوعود التي لم يتم الوفاء بها في المنطقة والصراعات المستمرة.
