عاجل

السلطات الأوكرانية: مقتل شخصين وإصابة آخرين في قصف جوي روسي على مدينة سومي

logo
العالم

لماذا تسعى الهند لاغتيال الانفصاليين السيخ في الخارج؟

لماذا تسعى الهند لاغتيال الانفصاليين السيخ في الخارج؟
10 ديسمبر 2023، 5:38 م

أصدرت وزارة العدل الأمريكية في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، إعلانًا مذهلًا حول محاولة مسؤول حكومي هندي اغتيال مواطن أمريكي على الأراضي الأمريكية، وفق ما أفادت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.

ونقل تقرير للمجلة عن الوزارة، أن المسؤول الهندي عرض دفع 100 ألف دولار لقاتل محترف لاغتيال جورباتوانت سينغ بانون، الناشط الهندي المؤيد لانفصال ولاية البنجاب الهندية وتشكيل دولة مستقلة.

والحادثة ليست الأولى التي يُتهم فيها مسؤولون هنديون بتنفيذ محاولات اغتيال لناشطين سيخ مؤيدين لانفصال البنجاب، فقبل شهرين فقط، أعلن رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو أن الهند مسؤولة عن مقتل هارديب سينغ نيجار، وهو انفصالي قُتل بالرصاص في يونيو/ حزيران خارج مكان عبادة للسيخ في كولومبيا البريطانية.

شكلت النزعة الانفصالية السيخية تهديدًا للدولة الهندية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عندما شن الانفصاليون تمردًا دمويًّا على أمل تحويل البنجاب إلى دولة مستقلة تسمى خالستان لكن هذه التهديدات تلاشت إلى حد كبير منذ ذلك الحين، مع إبقاء القضية حية في الغالب من قبل المتعصبين في الشتات.

وتساءلت المجلة عن الأسباب التي تدفع الهند لتعريض علاقات جيوسياسية مهمة للخطر من أجل قتل شخصين يعتبران "على الهامش السياسي"، فيما اتهمت الحكومة الهندية كندا بتوفير "المأوى" لـ "الإرهابيين والمتطرفين" الذين "يهددون سيادة الهند وسلامة أراضيها"، على الرغم من نفي مسؤوليتها عن الهجوم، بينما أشار محللون إلى أن الاغتيالات تهدف إلى تعزيز صورة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي كزعيم قوي وحاسم.

لماذا تنفذ الهند هذه الاغتيالات ؟

رأت المجلة أنه لفهم هذه الاغتيالات فيجب فهم "المشروع الأيديولوجي" الذي يناصره مودي، يريد رئيس الوزراء الهندي إنشاء أمة هندوسية حيث لا يكون المسيحيون والمسلمون مواطنين متساوين أو مواطنين على الإطلاق، ولذلك فهو يتوقع معارضة من كلا المجتمعين، لكن القوميين الهندوس يعتقدون أن السيخية هي فرع من الهندوسية، وليست عقيدة منفصلة، ولذلك يتوقعون أن يدعمهم السيخ.

وقد استحضرت نيودلهي التمرد الذي ابتلي به البنجاب ذات يوم، زاعمة أن "السيخ الهنود" يتعرضون للخداع من قِبَل السيخ الانفصاليين الناشطين في الخارج لحملهم على معارضة سياسات الحكومة، وهذا الاحتجاج كان له عواقب ملموسة فبمجرد أن تعلن الدولة أن الانفصاليين في الخارج يشكلون تهديدًا خطيرًا، فعليها أن تتصرف كما لو كان الأمر كذلك بالفعل، وإذا كانت الادعاءات الأمريكية والكندية صحيحة بأن الهند مسؤولة عن هذه الاغتيالات فهذا يعني أن نيودلهي أصبحت تصدق دعايتها الخاصة.

تتسم القومية الهندوسية في الهند بالانضباط الشديد. وتشرف على الحركة إلى حد كبير منظمة واحدة هي "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" أو "منظمة التطوع الوطنية" التي تأسست منذ ما يقرب من 100 عام، وهي منظمة تطوعية شبه عسكرية تدين بعقيدة هندوسية متطرفة، ومكونة من ميليشيات، وتدعي تفوق الهندوس على غيرهم من مواطني الهند، وتدعو لجعل الهند "أمة هندوسية"، وتعتبر المنظمة الأم لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وقد بدأ مودي حياته المهنية كعضو على مستوى منخفض في المجموعة.

لكن مودي تمكن من إقناع الكثير من الهنود بخلاف ذلك في كثير من الأحيان من خلال استحضار التهديد الإسلامي المفترض، بالتالي نجح في توحيد العديد من المجموعات غير المتجانسة في الهند في العقيدة الهندوسية. ونتيجة لذلك، أصبح بوسع حزب بهاراتيا جاناتا الفوز بالانتخابات في أغلب مناطق البلاد، حتى تلك المعادية تاريخيًّا للقوميين الهندوس.

يبلغ عدد السيخ في الهند نحو 20 مليونًا، مما يجعلهم أقل من 2% من سكان البلاد. لكن السيخ لهم حضور كبير في الحياة الهندية ولديهم تقليد طويل من الخدمة في الجيش الهندي، كما لا يزال المزارعون السيخ ينتجون جزءًا كبيرًا من الحبوب في الهند. ونتيجة لذلك، قد يؤدي نشاط السيخ في البلاد إلى تعقيد أجندة مودي.

مودي وإصلاح القطاع الزراعي

وأشارت المجلة إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا أصدر في ٢٠٢٠، قوانين كانت ستسمح لتجار القطاع الخاص بتجاوز مجالس التسويق الحكومية وشراء المنتجات مباشرة من المزارعين. ووفقا لنيودلهي، فإن الإصلاحات ستقلل من الهدر الحكومي وتساعد على تحديث الدولة. لكن العديد من المزارعين رأوا في الإصلاحات "محاولة لتركهم تحت رحمة المشترين من القطاع الخاص" الذين سيحرمونهم من الأسعار العادلة. واحتجوا على الإصلاحات بشكل جماعي، وأغلقوا الطرق والسكك الحديدية عبر شمال الهند. وشكل المزارعون السيخ من البنجاب العمود الفقري لهذه المظاهرات.

تظاهر المسلمون في الهند مراراً وتكراراً ضد سياسات الحزب، التي تهدد بحرمانهم من المواطنة في الدولة الوحيدة التي يشكلون فيها الأغلبية، وردت الحكومة بإعلان أن المتظاهرين كانوا "معادين للقوميات"، وفي كثير من الحالات، استخدمت العنف لقمعهم، لكن الحكومة الهندية لا تستطيع أن تتبع النهج نفسه مع السيخ ولأن حزب بهاراتيا جاناتا ينظر إلى السيخ باعتبارهم هندوسا، فقد كان عليه بدلا من ذلك أن يحترم حقوق المجموعة وأن ينتبه إلى شكاواها بشأن قوانين الزراعة.

ووفقًا لتقييم أمني كتبه معهد جنوب آسيا لإدارة الصراعات استنادًا إلى بيانات الحكومة الهندية فإن جرائم القتل السبع التي ارتكبها الانفصاليون السيخ في الفترة ما بين 2019 و2022، نفذها مجرمون صغار ورجال عصابات، وليس أيديولوجيين.

وخلصت المجلة إلى أن "تورط الهند المزعوم بمحاولات الاغتيال في الخارج يسبب ضررا في العلاقات الهندية مع الدول الصديقة بالفعل، فوفقا لصحيفة The Print الهندية، طلبت المملكة المتحدة والولايات المتحدة من اثنين من كبار المسؤولين في جناح الأبحاث والتحليل الهندي وهي وكالة الاستخبارات التي تتعامل مع الأمن الخارجي مغادرة لندن وسان فرانسيسكو قبل الولايات المتحدة، كما منعت أمريكا الوكالة من استبدال رئيس محطتها في واشنطن العاصمة. وهذا يضعف بشكل خطير قدرة الاستخبارات الهندية في الخارج".

المصدر: مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC