يرى مراقبون أن العلاقات الروسية الأرمينية دخلت في توتر جديد قد يُهدد بفتح جبهة حرب بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
وجاءت هذه التوقعات بعد اتخاذ يريفان خطوات سريعة نحو التقارب مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك الولايات المتحدة، بعد نجاح أذربيجان في استعادة إقليم ناغورني قره باغ، إثر عملية عسكرية خاطفة شنتها في سبتمبر الماضي، وتعزيز انتشارها العسكري على الحدود مع أرمينيا.
في الوقت الذي تعتبر فيه روسيا نظيرتها الأرمينية حليفتها، وترغب في استمرار التعاون معها، أطلق الكرملين تحذيرًا لها، بسبب سلوكها مسار أوكرانيا، للتحالف مع الغرب، وذلك في أعقاب تزايد توجه حكومة رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان نحو الاتحاد الأوروبي.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه بينما يحق لأرمينيا اختيار اتجاهها السياسي، تأمل موسكو في تجنب تكرار التحول الجيوسياسي الذي شهدته أوكرانيا.
اشتغال منطقة القوقاز
ويرى المحلل السياسي الروسي، رامي القليوبي، أن التحركات الأرمينية تجاه الغرب قد تُنذر باشتغال منطقة القوقاز، خاصةً أن يريفان تسعى لإيجاد حلفاء أوروبيين، والاستفادة من حالة الفتور السياسي بين موسكو وأوكرانيا تارة وبين موسكو والغرب تارة أخرى.
ويضيف القليوبي، إن أرمينيا وإنْ كانت ستحصل على استثمارات من الاتحاد الأوروبي خلال العام الجاري تُقدر بـ 300 مليون دولار، وهذا المبلغ ضعيف جدًّا بالمقارنة بما تحصل عليه من روسيا، ويقدر بـ 15 مليار دولار سنويًّا، إلا أنها لن تتحمل تبعات مقاربتها مع الغرب، بالإضافة إلى احتمالية حرمانها من المزايا التي تتمتع بها كعضو في الاتحاد الأوراسي.
ويضيف المحلل الروسي، إن فتور العلاقات الأرمينية لن يكون مقتصرًا على روسيا، بل سيزيد توتر علاقاتها مع تركيا وإيران المتاخمتين لحدودها والمواليتين لموسكو؛ بسبب علاقاتهما المتوترة مع الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية.
تخلي الروس
ويشير ديكران كابويان، المحلل السياسي الأرميني، إلى أن روسيا تخلت عن الأرمن في إقليم "ناغورني" حتى تمكنت أذربيجان من استعادته والسيطرة عليه، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب، أهمها انشغال موسكو بالحرب الأوكرانية، وأيضًا لأنها تعتبر أذربيجان هي البوابة الخلفية لروسيا للتحايل عن العقوبات الأوروبية.
وبين بأن السبب الرئيس لتخلي الروس عن الأرمن هو مخاوف موسكو بعد إعلان يريفان إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعيين الممثل الدائم السابق لأرمينيا لدى منظمة معاهدة الأمن الجماعي سفيرًا لدى هولندا، وهي رسالة أرمينية تحمل بين طياتها البحث عن أصدقاء غرب لتعويض الفراغ الروسي.
وأشار كابويان إلى "نجاح يريفان في كسب علاقات وصداقات أوروبية خلال الفترة الأيام المقبلة وتحديدًا مع الولايات المتحدة التي أصبحت الداعمة الأولى إلى جانب دول حلف شمال الأطلسي للقضية الأرمينية، والتي تسعى من خلالها إلى الوصول إلى اتفاق سلام واستعادة كافة الأراضي الأرمينية من أذربيجان".
