logo
العالم

هل تتسبب جهود واشنطن في كبح "نووي" الصين بمرحلة صراع جديدة؟

هل تتسبب جهود واشنطن في كبح "نووي" الصين بمرحلة صراع جديدة؟
أبراج محطة للطاقة النووية في سلوفاكياالمصدر: (أ ف ب)
22 أغسطس 2024، 4:36 م

لم تخفِ واشنطن، يومًا، مساعيها الخفية والمعلنة لكبح طموحات الصين النووية، وكلما حققت بكين "إنجازًا" في هذا المجال، عززت الولايات المتحدة، في المقابل، أدوات المراقبة وأساليب العرقلة.

والجديد في هذا الملف، هو ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز التي ذكرت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وافق في مارس الفائت على خطة إستراتيجية نووية "شديدة السرية" تعيد لأول مرة توجيه إستراتيجية الردع الأمريكية نحو جهود الصين لتوسيع ترسانتها النووية.

ويرى خبراء أن تعبير "شديدة السرية" يجعل هذه الخطة الأمريكية مختلفة عن المحاولات السابقة، ويوجه "رسائل" إلى الخصم الصيني الذي ربما يعيد النظر في بعض "البرامج النووية" خشية رد فعل أمريكي غير متوقع.

سياسة الاحتواء

ويأتي هذا الجهد الأمريكي في احتواء نووي بكين، في وقت يعتقد فيه "البنتاغون" أن مخزونات الصين النووية سوف تنافس حجم مخزونات الولايات المتحدة وروسيا وتنوعها على مدى العقد المقبل.

أخبار ذات علاقة

بعد تقرير عن النووي الصيني.. بكين تتهم واشنطن بالتلاعب

 

وبحسب الخبراء، فإن الإستراتيجية الأمريكية السرية تعكس حقيقة توقعات تفيد بأن القوة النووية الصينية ستتوسع إلى 1000 رأس نووي بحلول عام 2030 و1500 بحلول عام 2035، وهو ما يقرب من الأعداد التي تنشرها الولايات المتحدة وروسيا الآن.

ووفقًا لأحدث تقديرات البنتاغون، فإن ترسانة الصين تضم، حاليًّا، ما يزيد على 500 رأس نووي نشط.

وسرعان ما عبّرت وزارة الخارجية الصينية عن قلق بكين البالغ إزاء الخطة الأمريكية الساعية للجم الاندفاع النووي الصيني.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ: "الولايات المتحدة تُروّج لرواية التهديد النووي الصيني، وتجد أعذارًا للحصول على ميزة إستراتيجية".

طموحات الصين

تعمل الصين، حاليًّا، بوتيرة متسارعة من أجل امتلاك ترسانة نووية، بعد عقود من تهميش هذا الجانب التسليحي.

ويعزو خبراء هذا التحول في عقيدة الصين النووية إلى اعتقاد القيادة الصينية بأن "ترسانتها النووية تمنحها أفضلية جيوسياسية لمواجهة أي تهديد ملموس".

ومن المعروف أن القضايا الخلافية بين واشنطن وبكين أكثر من أن تحصى، ويمكن أن يكون "النووي" موضع مساومة، بل "ورقة ضغط" قد تشهرها بكين خلال مفاوضات مع واشنطن حول هذا الملف أو ذاك.

ويعكس التزام الرئيس الصيني شي جين بينغ بتطوير ترسانته النووية الطموح في تحقيق الندية مع الولايات المتحدة، خاصة أن هذا الحماس الصيني النووي يأتي في ظل قفزات اقتصادية يحققها التنين الصيني، وفقًا لتقارير.

حرب باردة جديدة

ويرى خبراء أن هذا النزاع المعلن بين واشنطن وبكين تنبئ بحرب باردة جديدة، مماثلة لتلك التي شهدها العالم من منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات من القرن الفائت، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق اللتين عاشتا حالة من الصراع والتوتر والتنافس.

ففي حقبة الحرب الباردة، "ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا وغزو الفضاء، واشتركت القوتان في الإنفاق الضخم على الدفاع والترسانات النووية.

ويعرب خبراء عن اعتقادهم أن تلك الأجواء المتوترة التي هيمنت خلال سنوات الحرب الباردة، تعود مجددًا، ليدخل العالم في مرحلة جديدة من الردع النووي.

ويعدد الخبراء عددًا من العوامل التي تؤشر على الردع النووي الجديد، ومنها تغيرات في البيئة الجيوسياسية، إذ تتزايد التوترات بين القوى النووية الرئيسة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، فهذه الدول تعمل على تحديث ترساناتها النووية وتوسيعها، ما يعزز من سباق التسلح، ويزيد خطر المواجهة.

ومن المؤشرات على حقبة الردع النووي الجديدة هي احتمالية حصول مزيد من الدول على الأسلحة النووية، مثل إيران وكوريا الشمالية، وهو ما يفاقم من تعقيد الديناميكيات العالمية للردع.

ولا ينبغي إغفال مسألة تقويض بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بسباق التسلح النووي أو تدهورها، خاصة بعد الحرب الأوكرانية، وتعميق الشروخ بين الغرب وروسيا، وهو ما يؤسس لتحول في معادلات الردع النووي التقليدية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC