وزير الدفاع الأمريكي عن محادثة سيغنال: لم يُكشف عن أي وحدات أو مواقع أو طرق أو مسارات طيران
في سابقة قضائية تحمل بعدًا رمزيًا و"رسالة احتجاج ناعمة"، أقدم مواطنون عراقيون على رفع دعاوى قضائية متفرقة للمطالبة بالحصول على حصة من عائدات النفط.
وسرعان ما أثارت الخطوة ردود فعل واسعة على مواقع التواصل، إذ أعادت طرح ملف توزيع الثروات الوطنية، وفتحت باب الجدل حول الصلة بين النصوص الدستورية وواقع التوزيع الاقتصادي، في بلد يعتمد على النفط كمصدر شبه وحيد للموازنة.
وقال المواطن سمير داوود (35 عامًا)، وهو متقدم بدعوى قضائية، إن "اتخاذه هذه الخطوة جاء بعد اطلاعه على تحركات مشابهة من بعض المواطنين يطالبون فيها بنصيبهم من عائدات النفط، مستندين إلى ما ورد في الدستور حول ملكية الشعب للثروات".
وأضاف داوود لـ"إرم نيوز" أن "الدافع الرئيس وراء تحركه الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتزايد الفقر، مقابل غياب أي توزيع عادل للثروة، ما دفعه لمحاولة المطالبة بتعويض مالي بشكل قانوني".
وتكشف هذه الخطوات حالة التململ الشعبي من التهميش المالي، وشعور متزايد بأن الثروة النفطية لم تعد تمثل موردًا عامًا بقدر ما أصبحت أداةً بيد فئات ضيقة.
ويعتمد العراق على النفط بشكل شبه كامل في تمويل موازنته السنوية، إذ تشكّل الإيرادات النفطية أكثر من 90% من مجمل دخل الدولة، ما يجعل أي خلل في توزيع هذه الثروة ينعكس مباشرة على حياة المواطنين.
وينتج العراق حاليًا نحو 4 ملايين برميل من النفط يوميًا، وهو ما يزيد على 1.4 مليار برميل سنويًا، وباحتساب سعر تقريبي للبرميل يبلغ 70 دولارًا، فإن العائدات السنوية تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار، تُشكّل العمود الفقري للموازنة العامة، وتموّل أكثر من 90% من الإنفاق الحكومي.
وبالرجوع إلى عدد السكان البالغ أكثر من 46 مليون نسمة، فإن حصة كل مواطن من هذه العائدات، إذا ما قُسّمت بالتساوي وبشكل مباشر، تصل نظريًا إلى نحو 2,200 دولار سنويًا، أي ما يعادل قرابة 183 دولارًا شهريًا، وفق تقديرات تزيد أو تنقص، وفقاً لجملة عوامل.
من جانبه، قال الخبير القانوني بلال الزبيدي إن "الدستور العراقي نص على أن النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي بشرط أن توزع الإيرادات بشكل منصف يحقق التوازن والتنمية".
وأضاف الزبيدي لـ"إرم نيوز" أن "هذه النصوص ترسّخ مبدأ الملكية العامة للنفط، لكنها لا تعني بالضرورة توزيع العائدات بشكل نقدي مباشر على كل فرد، لأن ذلك سيؤدي إلى استنزاف الموازنة ويعطل قدرة الدولة على الإنفاق، ما يتعارض مع أهداف التنمية التي ينص عليها الدستور".
وأوضح أن "توزيع جزء محدد من الإيرادات النفطية قد يكون مقبولًا من حيث المبدأ، شريطة وجود تشريع واضح من مجلس النواب ينظم هذه العملية".
ويسود شعور متزايد لدى شرائح واسعة من العراقيين بأن الثروة النفطية باتت محصورة بيد فئة محددة، على رأسها الموظفون الذين يتقاضون رواتب شهرية من الدولة، والمسؤولون والنواب الذين يحصلون على امتيازات مالية ضخمة، في وقت تُترك فيه فئات واسعة من العاطلين عن العمل، وأصحاب الدخل المحدود، دون أي استفادة حقيقية من هذا المورد الحيوي.
بدورها، رأت الباحثة الاجتماعية منى العامري أن "اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحصة من النفط قد لا يكون وسيلة مجدية عمليًا، لكنه يعكس حالة متفاقمة من الإقصاء الاجتماعي، ويعبّر عن صوت الفئات التي لم تجد منفذًا آخر لإيصال مطالبها".
وأضافت العامري لـ"إرم نيوز" أن "ما يحتاجه العراق اليوم هو بناء منظومة عادلة لتوزيع الثروة بما يضمن استفادة كل المواطنين منها، إلى جانب تحفيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص حقيقية، تتيح للجميع الحق في العيش الكريم دون اللجوء إلى وسائل احتجاج فردية".