وزير الدفاع الأمريكي عن محادثة سيغنال: لم يُكشف عن أي وحدات أو مواقع أو طرق أو مسارات طيران
مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية، لم تعد المعركة محصورة في صناديق الاقتراع، فثمة معركة أخرى تدور خلف الشاشات، حيث تنشط جيوش خفية ترتدي أقنعة رقمية، في ما بات يعرف بـ"الجيوش الإلكترونية"، وهي بمثابة الوجه الآخر للحرب السياسية في العراق.
وعلى وقع الاستقطابات الحادة، يستعد العراق لإجراء الانتخابات النيابية في ديسمبر كانون الأول 2025، وسط أجواء سياسية وإقليمية متوترة، وتزايد التنافس بين القوى التقليدية والصاعدة، في وقت يشهد فيه الشارع حالة من الترقب المشوب بالقلق حيال مخرجات المرحلة المقبلة.
ويرصد خبراء ومختصون تصاعدًا ملحوظًا في الحملات الإعلامية المتبادلة بين القوى السياسية، إذ يشهد الفضاء الرقمي تراشقًا محتدمًا عبر صفحات تُنشأ حديثًا لهذا الغرض، في سياق صراع مبكر يهدف إلى التأثير في الرأي العام، وتشكيل الانطباعات قبل انطلاق الحملات الانتخابية الرسمية.
وقال أستاذ الإعلام غالب الدعمي إن "الظاهرة أصبحت ملاصقة للمشهد الانتخابي في العراق، فقد شهدناه حتى في انتخابات 2010، حين لجأت بعض الكتل السياسية إلى استئجار منازل وتحويلها إلى غرف عمليات تُدار منها حملات تسقيط ضد الخصوم، باستخدام فرق إعلامية تتقاضى رواتب عالية لتشويه صورة المنافسين المتوقعين".
وأضاف الدعمي لـ"إرم نيوز" أن "هذا السلوك يُعد غير أخلاقي، ومن يمارسه يفتقر للوعي القيمي، ولا تقتصر ممارسته على كتلة واحدة، بل هو سلوك متكرر لدى العديد من القوى السياسية، ما يعكس ضعف البُعد الأخلاقي وغياب معايير الشرف في بعض أوجه الحياة السياسية، حتى أصبحت هذه الأساليب جزءاً مألوفاً من المشهد العراقي، سواء في أوقات الانتخابات أو في أثناء تصاعد الخلافات السياسية".
وتُتهم بعض الأطراف السياسية والميليشيات المسلحة باستخدام الجيوش الإلكترونية كأداة لتصفية الحسابات، عبر تسويق روايات زائفة أو تضخيم قصص وهمية، مستفيدة من غياب الرقابة التشريعية، إذ لم ينجح البرلمان العراقي حتى الآن في تمرير قانون جرائم المعلوماتية.
وعلى مدى سنوات، ظل موقع فيسبوك الساحة الأبرز للصراع الرقمي بين الأحزاب، إذ كانت الحملات الانتخابية تدار بكثافة عبر الصفحات والمجموعات المرتبطة بالقوى السياسية.
وقال الباحث في الشأن الانتخابي أحمد العبيدي إن "هناك تحولاً نحو تويتر والتطبيقات الأخرى، وهو لا يرتبط فقط بتغيّر المنصات، بل يعكس تطورًا في أساليب التأثير السياسي، إذ باتت الأحزاب تلاحق الجمهور حيثما كان، وتعيد صياغة رسائلها بما يتناسب مع طبيعة كل منصة".
وأضاف العبيدي لـ"إرم نيوز" أن "تويتر يشهد اليوم نشاطًا لافتًا في مجال الحملات السياسية، بينما يشكل (تيك توك) بيئة خصبة لبث الرسائل المختصرة التي تؤثر في الناخبين الشباب، وهو ما يزيد حدة التنافس ويعقّد مهمة ضبط المحتوى الانتخابي"
ومع وجود أكثر من 300 حزب وتنظيم سياسي في البلاد، يواجه الناخب العراقي سيلاً يوميًا من المنشورات والمعلومات المتدفقة عبر الفضاء الرقمي، ما يضعه أمام حالة من التشويش وصعوبة التمييز بين الحقيقة والدعاية.
ويرى مختصون أن هذا التزاحم الإعلامي يُضعف فرص الاختيار الواعي، ويخلق بيئة مشبعة بالتضليل، خصوصًا في ظل تفشي ظاهرة الصفحات الوهمية التي تروّج لمرشحين أو تهاجم خصومهم تحت غطاء وكالات إخبارية لا تمتلك أي سجل رقمي أو مهني معروف.
بدوره، قال الصحفي والباحث السياسي علي الحبيب إن "الجيوش الإلكترونية باتت مزيجًا من حسابات وهمية وأخرى حقيقية، إلى جانب ما يُعرف بجيوش الذكاء الصناعي التي تعتمد على الرصد وإسقاط الخصوم بأساليب تقنية متقدمة".
وأضاف الحبيب لـ"إرم نيوز" أن "الهدف من هذه الحملات لا يقتصر على النقد، بل يقوم على تحويل أي حدث، سواء كان حقيقياً أو مفبركاً، إلى مادة قابلة للاستغلال السياسي بهدف إضعاف المنافسين"، مشيرًا إلى أنها "استراتيجية محكمة غالباً ما تحظى بدعم مالي من أطراف سياسية أو جهات ذات مصلحة مباشرة".
وحذّر الحبيب من "اللعب على وتر الانقسامات الطائفية، ما يشكل خطرًا بالغًا على السلم المجتمعي".