الاتحاد الأوروبي: "الانسحاب غير المشروط" لروسيا من أوكرانيا شرط لتعديل العقوبات
أكد خبراء في العلاقات الدولية، أن أوامر الرسوم الجمركية التي أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا، تجاه عدة دول، ستمثل أعباء ثقيلة على كاهل المستهلك الأمريكي وقوته الشرائية التي تشهد معاناة في الأساس منذ ولاية الرئيس السابق جو بايدن، فضلا عن انعكاس ذلك بالسلب على السوق الأمريكية والتضخم، في ظل عدم الجاهزية لتعويض النقص المنتظر لبضائع أساسية في الأسواق الداخلية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن واقع فرض التعريفات الجمركية الجديدة، سيضع عراقيل أمام "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي، الأمر الذي سيذهب برفع أسعار الفائدة على عكس المطلوب، بالإضافة إلى ارتفاع نسب التضخم على أثر ما ستتعرض له السوق وتعامل المستهلك.
وكان ترامب وقع على أوامر الرسوم الجمركية ضد كندا والمكسيك والصين، التي هدد بها طيلة أشهر من حملته الانتخابية، فضلا عن تأكيده أنه سيفرض بالتأكيد رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي، وذلك في وقت تقدم فيه هذه الدول والتكتلات الاقتصادية، حوالي 60% من إجمالي واردات أمريكا.
ومن نيويورك، يقول الباحث في الاقتصاد السياسي علي شاهين، إن هذه القرارات الخاصة بالتعريفات الجمركية على دول منها الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي ومن المنتظر دول أخرى، تحمل أضرار وأعباء جديدة على المستهلك الأمريكي بقدر أكبر مقارنة بالدول التي سيفرض بحقها ذلك، على الرغم من أن هذه القرارات تقدم من "ترامب" على أنها تعاملات اقتصادية لصالح الداخل الأمريكي.
ويرى شاهين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن من يدفع التكلفة الإضافية الخاصة بالتعريفة الجمركية هو المستهلك الأمريكي؛ ما يزيد ضغوط الحياة اليومية والمعيشية أكثر مما كان يعاني منه في فترة الرئيس السابق جو بايدن، فضلا عن أنه من الصعب على الشركات الأمريكية تقديم البدائل للمنتجات التي تعودت عليها وعلى أسعارها السوق الأمريكية، التي تستورد من الصين ودول جنوب شرق آسيا.
وأشار شاهين إلى أن هذه الإجراءات يتم السير فيها حتى دون وضع حجر أساس لصناعات عديدة تستوردها الشركات الأمريكية التي ستتضرر هي الأخرى بشكل كبير، والضرر نفسه للصناعات الأمريكية التي تعتمد على مواد خام ومدخلات أولية يتم استيرادها من الخارج وسيفرض عليها جانب من التعريفات.
وتابع شاهين أن الاقتصاد ذاته دون التجهيز المطلوب للسوق الذي يريد أن يفرضه الرئيس الجمهوري، سيعاني من تبعات تأتي بتراجع أداء المستهلك الأمريكي مع زيادة تكلفة ما يشتريه؛ ما يؤثر على ارتفاع مستوى التضخم في الداخل الأمريكي.
وأضاف شاهين أن واقع فرض هذه التعريفات، سيكون له أضرار مباشرة على "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي ومدى ابتعاده عن خفض أسعار الفائدة ومن ثم القيام بإجراءات جديدة تقود إلى رفع الفائدة للتعامل مع التبعات الناتجة عن ارتفاع نسب التضخم بالداخل على أثر ما ستتعرض له السوق وتعاملات المستهلك.
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير المختص في العلاقات الأمريكية الصينية، محمد بايرام، أن قرار ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية 10 % على الصين سيشكل عبئا على المستهلك الأمريكي ويؤثر على جهود خفض التضخم في الولايات المتحدة؛ لأن الصين تعد من أكبر مصدري السلع منخفضة التكلفة إلى أمريكا، مشيرا إلى أن هذه الحالة تعكسها حجم التجارة الثنائية بين البلدين في 2024، والذي بلغ حوالي 470 مليار دولار.
وذكر بايرام في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ارتفاع هذه الرسوم سيرفع الأسعار؛ ما سيؤثر على القوة الشرائية للمواطن الأمريكي من جهة ، وتزيد من جهة أخرى، تكاليف الإنتاج؛ ما ينعكس على أسعار الوقود والسلع الأخرى في ظل ما جاء به ترامب من وعود انتخابية بتخفيض أسعار النفط التي عانى منها المستهلك الأمريكي، فضلا عن انعكاسات تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة وإبطاء معدل النمو الاقتصادي.
ورجح بايرام مواجهة "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي صعوبة في كبح التضخم بسبب هذه الزيادة في الأسعار؛ ما يستدعي استمرار سياسة التشدد النقدي، في ظل ضعف القوى الشرائية للمستهلك الأمريكي المنهك في الأساس، مما يؤدي إلى ركود اقتصادي جزئي.
واستكمل بايرام أن من المؤكد تأثر الشركات الأمريكية لاسيما التي تعتمد على الواردات الصينية والأجنبية؛ ما يدفعها إلى تحميل جزء من هذه التكاليف المستجدة على أثر هذه السياسات إلى المستهلك، وفي الوقت ذاته ستكون هناك انعكاسات مباشرة في انخفاض أرباحها.
وأوضح الباحث والكاتب الصيني، تشو تشيوان، أن هذه الإجراءات من جانب "ترامب" تقلل رغبة المستهلكين الأمريكيين في القيام بالمعاملات الشرائية؛ ما يعيق جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في السيطرة على التضخم، وسط مخاوف تسيطر على السوق الأمريكية، انعكست مع ما ظهر من تدفق المستهلكين الأمريكيين، لشراء مزيد من البضائع والسلع منذ الشهر الماضي، قبل انعكاس آثار تطبيق هذه الإجراءات على الواقع.
ويعتقد تشيوان في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن فرض الولايات المتحدة، رسوما إضافية أحادية الجانب، ينتهك بشكل خطير قواعد منظمة التجارة العالمية، مرجحا فشل هذه الإجراءات في حل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة، ولكنها تعطل على حد قوله، التعاون الاقتصادي والتجاري العادي بين أمريكا والدول الأخرى.