الكرملين: اتفاق روسي أمريكي على تشكيل لجان خبراء لتسوية الأزمة الأوكرانية
ما الذي يمكن أن تفعله الثقافة والفنون السورية في هذه المرحلة؟ السؤال يبدو ملحاً في أذهان الشعراء والروائيين والرسامين والإعلاميين، الذين يتنادون لعقد اجتماعات شبه يومية في الصالونات والمقاهي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تتخللها حوارات ساخنة حول الوضع بعد "انتصار الثورة".
وتُطرح عدة تساؤلات على الساحة الثقافية السورية اليوم: لماذا لا تزال دار أوبرا دمشق مقفلة؟ فهي المكان الأرحب لاستقبال المعارض وحفلات الموسيقى والغناء، وهل يفترض بالفنانين تعديل أسلوبهم بالعمل، إذا طلبت الإدارات الحكومية المؤقتة ذلك؟
ويبلغ عدد المراكز الثقافية المنتشرة في جميع المدن والبلدات والقرى السورية، أكثر من 5000 مركز تتبع لوزارة الثقافة، وقد دمر بعضها كما استخدم البعض لأغراض أخرى، أما الباقي فمازال مغلقاً لم يفتح أبوابه منذ سقوط النظام يوم 8 ديسمبر الماضي حتى اليوم.
ويقول الفنان التشكيلي نبيل السمان لـ"إرم نيوز": "نستغرب عدم افتتاح أماكن الثقافة التابعة للحكومة، لكننا مستمرون في العمل ضمن مشاغلنا الخاصة بانتظار اتضاح التفاصيل".
وخلال لقاء جميع الإعلاميين مع الفنانين التشكيليين، في غاليري "زوايا"، طرح الكثير من الأسئلة عن سبب عدم تعيين وزير للثقافة في الحكومة المؤقتة، كما أبدى العديد خشيتهم من أن يكون هناك اتجاه حكومي لتقييد الفنون.
وفي مداخلة خلال اجتماع الفنانين مع الصحفيين لمناقشة الوضع الثقافي بعد الثورة، قال الفنان سامر إسماعيل: "لم يمضِ وقت طويل على الحكومة المؤقتة في تسلم مهامها، علينا الانتظار، وعدم الاستعجال بالشأن الثقافي، فالموضوع الأمني مازال ملحاً".
وتبدو المؤشرات التي ظهرت منذ أكثر من شهر على سقوط النظام، غير مبشرة للبعض، فيما يخص موقف الحكومة من الحريات والفنون. فالناشطة روعة كنج، المتخصصة أكاديمياً بالعلمانية، تقول إنها اضطرت لاستخدام كلمة "المدنية" نتيجة الهجوم الشديد الذي يتعرض له كل من يذكر كلمة علمانية.
وبسبب إغلاق الصالونات الثقافية والمراكز، دعا بعض الفنانين لإقامة المعارض في الحدائق والأماكن العامة، لكن آخرين حذروا من أن بعض اللوحات التشكيلية ربما ستكون مرفوضة من قبل الإدارة الحكومية الجديدة، خاصة في الأعمال التي تصور المرأة.
ويرى الفنان نبيل السمان، أن استمرار الفنانين بعملهم، في ظروف يسودها التطرف والتعصب الديني، يعد صعباً.
ويضيف: "هناك من يقول إن الرسم التشخيصي ممنوع، لكن علينا التريث للتأكد. وما يثير الارتياح هو إعادة افتتاح المتحف الوطني بدمشق لاستقبال الزوار".
وتتخوف الفنانة التشكيلية سحر سعيد، من عدم اعتراف الإدارات الحكومية الجديدة بالفنون كضرورة في المجتمع. فيما تؤكد النحاتة نجود الشمري، أن الفن بلا حرية لا يمكنه الاستمرار، مؤكدة متابعتها للنحت الفني لأنه يعني إحساسها بكيانها ونظرتها للحياة، وتضيف: "لن أنتظر أحداً يعطيني الموافقة لأكون فنانة".
الإعلاميون العاملون في المنابر الحكومية والخاصة، لا يبدون أفضل حالاً من الفنانين، فمعظمهم لا يعرف طبيعة السياسة التحريرية المتبعة في المرحلة المقبلة، وفي مقدمتهم المختصون بمتابعة الشأن الثقافي.
ويقول أحد الإعلاميين، "فضّل عدم كشف اسمه"، إنه يخشى من التضييق على الحريات، لأن ما ينشر من تصريحات يؤكد أن الحرية ستكون محكومة بالتوجه العام للحكومة، وفق تعبيره. ويضيف: "لا يمكن للحرية أن تكون ملزمة بخطاب رسمي، وإذا كان الأمر كذلك، فنحن أمام خنق لوسائل الإعلام".
وتتردد أنباء، عن إعادة بناء المشهد الإعلامي السوري بشكل جذري، وإعداد قوائم تسريح لعدد كبير من الموظفين في التلفزيون الرسمي والصحف، حيث تعاني تلك المنابر من تراكم عدد كبير من الموظفين، ممن لا عمل لهم، حيث يصل موظفو التلفزيون السوري تبعاً لاحصاءات سابقة، لعدة آلاف يشكلون عبئاً على الميزانية.
الأسئلة الثقافية والفنية، التي تطرح في لقاءات الصالونات والمقاهي تكشف عن الخشية من موقف الإدارات الجديدة تجاه فنون الكتابة، والرسم، والنحت، والموسيقى، والسينما، والمسرح، وغيرها. ويبدو غياب المسؤول الثقافي عن كوادر الحكومة المؤقتة، يزيد من غموض الخطط الرسمية المنتظرة.