غارات إسرائيلية تستهدف شمال رفح
تُظهر الأبحاث الحديثة أن ارتفاع مستويات سكر الدم لدى مرضى السكري من النوع 2، قد يكون له تأثيرات أبعد من الأضرار الصحية التقليدية، إذ يمكن أن يتسبب في تغيرات في الدماغ تشبه تلك التي تحدث في المراحل المبكرة من مرض الزهايمر.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "Women's Health"، يعاني أكثر من 36 مليون شخص حول العالم من السكري من النوع 2، وهي حالة تتسم بارتفاع مستويات سكر الدم، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل ضبابية الدماغ، تقلبات المزاج، والغيبوبة السكرية.
وأظهرت دراسة حديثة أن ارتفاع سكر الدم يمكن أن يؤثر على مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة ومعالجة المكافآت، وهما منطقتان حاسمتان في اتخاذ القرارات وتنظيم العواطف.
وركزت الدراسة، التي أُجريت على نماذج حيوانات التجارب، على تأثير ارتفاع سكر الدم على القشرة الحزامية الأمامية (ACC)، وهي منطقة دماغية ترتبط بالتحفيز ومعالجة المكافآت.
لاحظ الباحثون أن القوارض المصابة بالسكري من النوع 2 غير المعالج أظهرت توقعًا متزايدًا للمكافآت، مثل الطعام، مقارنة بالقوارض السليمة. ومع ذلك، بينما استغرقت الحيوانات السليمة وقتًا للاستمتاع بمكافآتها، انتقلت تلك المصابة بالسكري بسرعة إلى المكافأة التالية.
وأشار هذا السلوك إلى اضطراب في نظام المكافآت في الدماغ، مما قد يحاكي التدهور المعرفي الذي يُلاحظ في المراحل المبكرة من مرض الزهايمر.
وارتبط هذا الاضطراب بوظيفة الإنسولين المتضررة في الدماغ، مما أثر على قدرة الحُصين على إرسال إشارات إلى القشرة الحزامية الأمامية، وبالتالي أثر على استجابة الدماغ للمكافآت.
ويُعد الحُصين، المعروف بدوره في الذاكرة والتعلم، من المناطق الرئيسية المرتبطة بمرض الزهايمر.
يُحذر الخبراء من أن التأثير المستمر لارتفاع سكر الدم على الدماغ قد يؤدي إلى تغييرات هيكلية، مثل انكماش الدماغ وتلف الأوعية الدموية، مما قد يُضعف توصيل العناصر الغذائية إلى خلايا الدماغ.
نتيجة لذلك؛ يواجه الأفراد الذين لا تتم إدارة مرض السكري لديهم بشكل جيد خطرًا متزايدًا للإصابة بأمراض الأوعية الدموية، والالتهابات، وتلف الأعصاب، وكلها قد تؤدي إلى تدهور أكبر في وظائف الدماغ.
وتشير الدكتورة مينيشا سود، أخصائية الغدد الصماء، إلى أن ارتفاع مستويات سكر الدم يمكن أن يُسرع من شيخوخة الدماغ، مؤكدة أن تأثير ذلك على صحة الدماغ يُبرز أهمية إدارة سكر الدم بشكل فعّال.
وتقول: "إدارة مستويات الجلوكوز في الدم يمكن أن تحسن الوظائف الإدراكية بشكل كبير وتمنع تدهور الدماغ".
على الرغم من أن نتائج الدراسة تثير بعض المخاوف، فإن الخبر السار هو أن هذه التغيرات الدماغية قد تكون قابلة للعكس، أو على الأقل يمكن الوقاية منها من خلال الإدارة السليمة لمستويات سكر الدم.
يشير الخبراء إلى أن التغييرات المكثفة في نمط الحياة، مثل ممارسة النشاط البدني المنتظم، واتباع نظام غذائي صحي، وإدارة التوتر، والحصول على نوم كافٍ، أساسية للوقاية من آثار السكري من النوع 2 على الدماغ أو تقليلها.
وتؤكد الدكتورة بتول آيس هاتيبوغلو، أخصائية الغدد الصماء، أن تحسين التحكم في سكر الدم سيعود بفائدة كبيرة على صحة الدماغ، وتضيف: "تحسين إدارة سكر الدم يمكن أن يمنع المزيد من التدهور الإدراكي ويحسن وظائف الدماغ بشكل عام".
على الرغم من أن الدراسة ركزت على السكري غير المعالج، يعتقد الباحثون أن السكري المُدار بشكل جيد قد لا يكون له نفس التأثير الضار على الدماغ.
ويتوقع الدكتور جيمس هيمان، أحد مؤلفي الدراسة، أنه مع العلاج المناسب، قد تعود وظائف الدماغ إلى طبيعتها مع مرور الوقت؛ نظرًا لمرونة الدماغ العالية.
في النهاية، من المهم أن يتواصل مرضى السكري من النوع 2 بشكل منتظم مع مقدمي الرعاية الصحية لضمان التحكم الجيد في سكر الدم.
من خلال اتباع عادات حياة صحية والالتزام بخطط العلاج، يمكن لمرضى السكري من النوع 2 تقليل مخاطر حدوث مضاعفات دماغية بشكل كبير وتحسين جودة حياتهم.