اعتبر تقرير نشرته صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن الجهود الدولية المبذولة لإرساء حل سياسي في ليبيا، باتت تحرز تقدمًا ميدانيًا، بدءًا بمؤتمر العاصمة الألمانية برلين "2" وصولًا إلى محادثات بوزنيقة في المغرب، ما يضاعف فرص التوصل إلى حل سلمي في البلد الذي مزقته الحروب والفوضى.
التفاؤل الحذر
ويوم أمس الإثنين، شارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ووزير الخارجية الألماني هيكو ماس في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، جمعهما مع ممثلين آخرين للمنظمات الدولية لتقييم الوضع (في ليبيا)، وكان ذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقالت ألمانيا، التي تقف على خط المواجهة في البحث عن تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، إنها"متفائلة بحذر بشأن فرص التوصل إلى نتيجة بعد استئناف المحادثات بين الأطراف المتحاربة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
ابتُليت بالعنف
وبين التقرير، أن"الآمال انتعشت في التوصل إلى حل سياسي للأزمة منذ أن أعلن الفصيلان المتحاربان الرئيسان بشكل منفصل في شهر أغسطس/آب الماضي، أنهما سيوقفان الأعمال القتالية، وبعد ذلك تم إجراء سلسلة من المحادثات بدعم من الأمم المتحدة لجعل هذا الوعد ملموسًا".
وميزت ألمانيا نفسها بشكل خاص من خلال تكثيف الجهود الدبلوماسية لمحاولة إعادة المتحاربين إلى وقف إطلاق النار الدائم والمفاوضات السياسية فضلًا عن دعمهم الإقليمي للامتثال لحظر الأسلحة.
فرصة نادرة
ونظمت ألمانيا بالفعل مؤتمرًا دوليًا بشأن ليبيا في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، في العاصمة برلين حول عدم تدخل الجهات الإقليمية، واحترام الحظر الذي ظل حتى الآن حبرًا على ورق.
وفي بداية شهر أيلول/سبتمبر الماضي فتحت (المشاورات) بين الليبيين في مونترو بسويسرا الطريق أمام ديناميكية جديدة من خلال التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات في غضون 18 شهرًا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن"التطورات الأخيرة تمثل فرصة نادرة لإحراز تقدم حقيقي في البحث عن السلام والاستقرار في ليبيا".
واستقالت حكومة الشرق في الـ13 من سبتمبر/أيلول الماضي، وقال رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إنه مستعد لترك منصبه قبل نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فيما أكد أمين عام الأمم المتحدة أن هناك"الكثير من الدوافع" لاستئناف الحوار.
ومع ذلك، أصرّ كل من وزير الخارجية الألماني مرة أخرى، مثل الأمين العام للأمم المتحدة، على احترام حظر الأسلحة كمقدمة لأي عودة إلى مفاوضات السلام، حيث قال الوزير هيكو ماس:"لن نخرج من المأزق العسكري طالما استمر تدفق الأسلحة والرجال إلى المتحاربين".
وقالت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز:"مازال تدفق الأسلحة، والمعدات، والمرتزقة، مستمرًا على ليبيا من كلا الجانبين".
ولُوحظ تقدم فيما يتعلق بالحوار بين الليبيين، ففي أعقاب حوار مونترو التقى برلمانيون من المعسكرين المتنافسين، أي من المجلس الأعلى للدولة الليبي من جهة، وبرلمان طبرق من جهة أخرى، في بوزنيقة، المنتجع الساحلي المغربي في مواصلة للمناقشات لإعطاء زخم جديد للجهود والمبادرات الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
وتأتي هذه اللقاءات التي عُقدت جولتها الأولى في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، تطبيقًا للمادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي المبرم في الصخيرات في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2015، المستند إلى نتائج مؤتمر برلين.
وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال اجتماع للمحادثات بحضور أعضاء مجلس الوزراء أن"المغرب الذي يعمل تحت رعاية الأمم المتحدة يفضل دعم الحوارات بين الليبيين على الحوارات حول ليبيا".
ونتج عن المفاوضات، التي جرت تحت رعاية المملكة المغربية، إجراءات حاسمة من جانب الأطراف المتحاربة وهي اتفاق مبدئي يهدف إلى قيادة البلاد نحو انتخابات في غضون 18 شهرًا ونزع السلاح من سرت، المدينة المتنازع عليها، كما اتفق الطرفان على تبادل الأسرى، وفتح المعابر البرية في الأراضي المقسمة داخل البلاد.
وكدليل أخير على فك الحظر، أذن المشير خليفة حفتر أيضًا بإعادة فتح منشآت نفطية حيوية الشهر الماضي، ما سمح بعودة الإنتاج لأول مرة منذ أن أغلقت القبائل القوية الموالية له حقول ومحطات النفط في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
اتفاق سياسي شامل
وعلى الجانب العسكري بدأت المفاوضات في نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، في مصر بين ممثلين عسكريين من المعسكرين أيضًا لتمهيد الأرضية لوقف دائم لإطلاق النار.
وصرحت القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني وليامز، يوم أمس الإثنين، بأن الأمم المتحدة تعد الآن "سلسلة من الاجتماعات والمشاورات" لتسهيل استئناف المحادثات بهدف"اتفاق سياسي شامل" بعد الجولة الثانية من المباحثات في بوزنيقة قرب الرباط.
ولدى سؤالها عن إمكانية إجراء مناقشات سياسية في الـ15 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في جنيف، أجابت أنها تريدها "في أقرب وقت ممكن ويفضل قبل نهاية الشهر".