عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
أخبار

الصادق المهدي.. رحيل "إمام الأنصار" ومحب رياضة التنس

الصادق المهدي.. رحيل "إمام الأنصار" ومحب رياضة التنس
26 نوفمبر 2020، 12:58 ص

59 عاما أمضاها زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، في ساحات العمل السياسي بالسودان، كانت حياته فيها مليئة بالتقلبات.. بين "الديمقراطية والدكتاتورية"، بين الوطن والمنفى.

انخرط في صفوف المعارضة منذ مطلع الستينيات، واعتقل مرات عديدة، تعرض في بعضها للتنكيل والتعذيب.

أحب لعبة كرة التنس، وكان ممارسا لها رغم تقدمه في العمر.. ربما لأن حياته شديدة التقلبات، تشبه ما يحدث لتلك الكرة الصفراء بين هذا المضرب وذاك.





في عام 2016، هاجم عمر البشير، الصادق المهدي، عندما خاطب حشدا جماهيريا بمدينة المناقل، داعيا إياهم إلى عدم الاستماع لمعارضيه.

قال البشير حينها: "نحن لا نجرب المجرب، الذين يحتفلون بأعياد ميلادهم ويلعبون التنس".

جاء الرد سريعا على لسان الشاعر زروق العوض أحمد، الذي قال في قصيدة نشرها الموقع الرسمي للمهدي بعد أيام من هجوم البشير: "مالو التنس ؟؟؟.. لعبة رجال.. لعب التنس همة ونشاط.. يا ريتنا بي صاحب التنس".

هكذا أمضى المهدي سنوات عمره الطويلة، يرسل "ضربات ساحقة" لخصومه.. ويتلقاها كثيرا.

ولادته وتعليمه

ولد الصادق المهدي، في الـ 25 من ديسمبر 1935، في العباسبة بأم درمان، وينحدر من أسرة المهدي العريقة في السودان.

والصادق المهدي هو حفيد مؤسس حزب الأمة عبدالرحمن المهدي نجل الإمام محمد أحمد المهدي الذي قاد بين 1881 و1885 الثورة ضد الهيمنة المصرية- البريطانية على السودان.

حصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد في العام 1957، حيث درس الاقتصاد والسياسة والفلسفة.





حياته العملية

عمل موظفا في وزارة المالية عام 1957، وفي نوفمبر 1958 استقال عن الوظيفة لأن انقلاب الـ 17 من نوفمبر كان بداية لعهد يرفضه.

عمل بعد ذلك مديرا للقسم الزراعي في دائرة المهدي، وعضوا بمجلس الإدارة، كما كان رئيسا لاتحاد منتجي القطن في السودان.

بروزه السياسي

بدأ المهدي نشاطه السياسي مبكرا، حيث تولى إمامة الأنصار، وبرز في معارضة نظام إبراهيم عبود.

وفي أكتوبر 1961، توفي والده الصديق المهدي، الذي كان رئيسا للجبهة القومية المتحدة لمعارضة نظام عبود، وقد شارك بفاعلية في معارضة ذلك النظام، واتصل بنشاط الطلبة المعارض.

وحينما قامت أحداث الـ 21 من أكتوبر 1964، اتجه منذ البداية لاعتبارها نقطة انطلاق لتغيير الأوضاع، وقد نجحت مساعيه في توحيد جميع الاتجاهات السياسية في السودان وفي جمعها خلف قيادة الأنصار في بيت المهدي، الذي جعله مركز قيادة التحول الجديد.

نجح في القضاء على الحكم العسكري، وقامت الحكومة الانتقالية القومية.





حكومته الأولى

انتخب الصادق المهدي رئيسا لحزب الأمة في نوفمبر 1964، وقاد حملة لتطوير العمل السياسي والشعار الإسلامي وإصلاح الحزب في تجاه الشورى والديمقراطية وتوسيع القاعدة، استغلها البعض لإذكاء الخلاف بينه وبين الإمام الهادي المهدي؛ ما أدى لانشقاق في حزب الأمة وصار رئيسا للوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية مع الحزب الوطني الاتحادي في الـ 25 من يوليو 1966.

قامت الحكومة الجديدة بإجراءات فاعلة في محاصرة الفساد وتحقيق العديد من الإنجازات، ولكن تكوّن ضدها ائتلاف ثلاثي بين الجناح المنشق من حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي فأسقطها في مايو 1967.

خاض حزب الأمة انتخابات 1968 منشقا ثم التأم مرة أخرى في 1969، ولكنه لم يستفد من قوته الجديدة بسبب انقلاب الـ 25 من مايو 1969 الذي قوض الشرعية الدستورية.

انقلاب مايو

حينما وقع الانقلاب توجه الصادق المهدي لجزيرة أبا، حيث كان هنالك إمام الأنصار عمه الهادي المهدي.

أرسل قادة الانقلاب بطلبه للتفاوض وأعطوا الإمام الهادي عهدا بألا يمس بسوء، ثم غدروا بالعهد حيث لم يجر تفاوض بل اعتقل ثم تعرض لمحاولة اغتيال.

اعتقل المهدي بعد ذلك بضع مرات، ونفي إلى مصر ووضع تحت الإقامة الجبرية.

وفي أثناء ذلك قام النظام الجديد الذي حمل رايات اليسار الشيوعي، بالتنكيل بالأنصار ما أدى لمجزرة الجزيرة أبا التي قصفت بالطائرات عام 1970.

عاد الصادق المهدي للسودان في 1977، وقرر معارضة النظام من الداخل.





في الـ 8 من سبتمبر 1983، أعلن نظام مايو ما سماها الثورة التشريعية، التي اعتبرها الصادق المهدي أكبر تشويه للشرع الإسلامي، وعقبة في سبيل البعث الإسلامي في العصر الحديث، وجاهر بمعارضتها، فاعتقل مجددا.

أطلق سراحه في ديسمبر 1984 فخرج يقود المعارضة للنظام من الداخل ويتناغم مع الغضب الشعبي الذي أثمر عن قيام ثورة أبريل 1985.

بعد ذلك، قامت سنة انتقالية جرت بعدها انتخابات عامة في أبريل 1986، حصل حزب الأمة فيها على الأكثرية، وانتخب الصادق رئيسا للوزراء.

تعاقبت بضع حكومات أو ائتلافات، حتى قام انقلاب الـ 30 من يونيو 1989.

عهد البشير

اعتقل الصادق المهدي في يوليو 1989، وقد كان بصدد تقديم مذكرة لقادة الانقلاب وجدت معه.

حبس في سجن كوبر حتى ديسمبر 1990، ثم حوّل للاعتقال التحفظي في منزل زوج عمته بالرياض، وسُمح لأفراد أسرته بمرافقته.

أطلق سراحه في الـ 30 من أبريل 1992 وكان تحت المراقبة اللصيقة من الأمن السوداني، ولم يسمح له بمغادرة العاصمة.





اعتقل بعد ذلك بضع مرات خلال الفترة من 1993، و 1995، وتعرض للتنكيل والتعذيب، وبعد الإفراج عنه هاجر سرا إلى إريتريا.

التحق السيد الصادق بالمعارضة السودانية بالخارج، وبدأ أكبر حملة دبلوماسية وسياسية شهدتها تلك المعارضة منذ تكوينها.

دخل بعد ذلك في مفاوضات مع النظام، وعاد للبلاد عام 2000، وفي 2003، انتخب رئيسا لحزب الأمة.

واعتقلت الحكومة السودانية المهدي لفترة وجيزة في عام 2014، واتهمته بالتآمر مع متمردين مسلحين وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام ما دفعه للجوء إلى القاهرة.





وعاد إلى السودان في كانون الأول/ ديسمبر 2018، في الوقت الذي اشتدت فيه الاحتجاجات إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وإلى حكم البشير. وكانت ابنته مريم، نائبة زعيم حزب الأمة، من بين الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات.

وبعد أن أجبر الجيش البشير على التنحي، طالب المهدي بالانتقال إلى الحكم المدني، وحذر من مخاطر "الانقلاب المضاد"، كما دعا إلى دمج قوات الدعم السريع لتعزيز الوحدة في صفوف القوات المسلحة والاستقرار في البلاد.

مؤلفاته

للمهدي إسهامات فكرية وسياسية كبيرة وله -أيضا- أوراق حول القضايا المحلية والإقليمية والعالمية، إلى جانب العديد من المؤلفات الشهيرة منها: "مستقبل الإسلام في السودان"، و"الإسلام والنظام العالمي الجديد"، و"السودان إلى أين"، "ومسألة جنوب السودان"، و"جهاد من أجل الاستقلال"، و"يسألونك عن المهدية"، و"العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإسلامي"، و"تحديات التسعينات"، و"الديمقراطية عائدة وراجحة".
وتوفي الصادق المهدي، فجر الخميس في الإمارات، عن عمر يناهز 84 عاما، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا المستجد.


وقال حزب الأمة في بيان، إن جثمان زعيمه سيصل إلى السودان صباح الجمعة وسيوارى الثرى في اليوم نفسه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC