البيت الأبيض: واشنطن قضت على قيادات حوثية كبيرة واستهدفت مصانع أسلحة
أثار ظهور ميليشيات مسلحة جديدة في الساحة العراقية تساؤلات حول طبيعة ارتباطها بالعمليات العسكرية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد ميليشيات الحوثيين.
وبينما تبرر هذه الجماعات وجودها بـ"حماية العراق"، يرى مراقبون أنها قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع لإعادة ترتيب الأدوار في المنطقة.
وخلال أيام، أُعلِن عن ولادة عدة ميليشيات مسلحة جديدة في العراق، حملت تسميات مختلفة وأهدافًا متقاربة، حيث ظهر فصيل "قوات درع العباس الاستشهادية" عبر بيان مصور، دعا فيه المواطنين للانضمام إلى ما وصفه بـ"المشروع الجهادي".
كما برز فصيل آخر تحت مسمى "كتائب صرخة القدس" والذي أعلن عن استعداده لاستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة، متوعدًا باستخدام الوسائل المناسبة لجعل واشنطن تدفع ثمن جرائمها، وفق ما جاء في بيانه.
وأصدرت الميليشيا بيانًا موجّهًا إلى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، أكدت فيه "جاهزيتها واستعدادها الكامل، ورهن إشارته، للرد على هذه الجرائم عبر استهداف مصالح العدو الأمريكي في المنطقة حيثما وجدت، وبالوسائل المناسبة التي تجعله يدفع ثمن جرائمه بحق شعوب المنطقة".
وسبق ذلك ظهور تشكيلات "يا علي الشعبية"، التي ارتبط اسمها بحادثة الاعتداء على عدد من العمال السوريين في العراق، حيث هاجمت مجموعة ملثمة تابعة لهذا الفصيل بعض العمال، ما أثار ردود فعل واسعة وأجبر الحكومة العراقية على التدخل.
متابعة أمنية
بدوره، قال مصدر في جهاز الأمن الوطني العراقي، إن "السلطات الأمنية تتابع ظاهرة الإعلان عن فصائل جديدة تحمل شعارات مسلحة، خاصة مع توقيت ظهورها المتزامن مع الضربات الأمريكية في اليمن".
وأضاف المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "الأجهزة الاستخبارية تعمل على التحقق من هوية هذه الفصائل ومدى ارتباطها بجهات سياسية أو عسكرية قائمة، خصوصًا أن بعض الأسماء التي وردت في بياناتها سبق أن ظهرت في ساحات أخرى مثل سوريا، ما يشير إلى إمكانية إعادة تدوير بعض العناصر تحت مسميات جديدة".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية لن تسمح باستخدام البلاد كمنطلق لأي تصعيد يهدد أمنها أو يجرها إلى صراعات إقليمية، وسيتم التعامل مع أي تحركات تخرج عن القانون وفق الإجراءات الأمنية المتبعة".
ودقت التطورات في اليمن ناقوس الخطر سريعاً في العراق، حيث تصاعدت التساؤلات حول مدى ارتباط التصعيد الأمريكي بسياق أوسع من المواجهة، أم أنه مجرد تحرك مؤقت لاحتواء التوترات في البحر الأحمر.
توزيع الأدوار
وجاءت الضربات الأمريكية وسط أجواء إقليمية ملتهبة، ما أثار نقاشات حول تأثيرها على التوازنات الداخلية في العراق، خصوصاً في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية بشأن ملفات أمنية حساسة، مثل إنهاء وجود الميليشيات المسلحة، وإعادة هيكلة قوات الحشد الشعبي، وغيرها من المتطلبات الدولية المتعلقة بتهريب الدولار، ومنع إيران من استخدام منصات العراق في تهريب منتجاتها النفطية.
بدوره، رأى الباحث في الشأن الأمني معد الجبوري أن "ظهور الميليشيات المسلحة الجديدة في العراق يعكس محاولة لإعادة توزيع الأدوار وإبقاء الضغط على المصالح الأمريكية في المنطقة دون تحميل الفصائل المعروفة مسؤولية مباشرة".
وأضاف الجبوري لـ"إرم نيوز" أن "الاستراتيجية التي تتبعها هذه الجماعات تعتمد على إنشاء واجهات جديدة بهدف تفادي الاستهداف الأمريكي، خاصة مع تصاعد الضغوط على الفصائل التقليدية خلال الأشهر الماضية"، مشيراً إلى أن "هذا الظهور قد يكون أيضًا رسالة سياسية موجهة للحكومة العراقية وواشنطن، مفادها بأن أي تفاهمات بشأن الوجود الأمريكي لن تكون سهلة في ظل استمرار هذه الجماعات بالتحرك وفق معادلة الصراع الإقليمي".
وخفضت الميليشيات العراقية من استهداف قوات التحالف الدولي، خلال الأشهر الماضية استجابة لضغوط حكومية، تزامنًا مع انطلاق المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق.
خلط للأوراق
لكن الإعلان عن تشكيلات مسلحة جديدة عقب الضربات الأمريكية على اليمن قد يخلط الأوراق، خصوصًا في ظل سعي بغداد لتعزيز علاقتها مع الإدارة الأمريكية الحالية وتقديم نفسها كشريك مستقر في المنطقة.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي، بلال السويدي، إن "ظهور هذه الجماعات قد يكون جزءًا من لعبة سياسية تهدف إلى الضغط على الحكومة العراقية أو إرسال رسائل ضمن الصراع الأمريكي – الإيراني، وهو ما يضع بغداد أمام تحديات إضافية في إدارة ملف أمنها الداخلي".
وأضاف السويدي لـ"إرم نيوز" أن "بعض هذه الفصائل قد تعكس انشقاقات داخلية، حيث تسعى مجموعات صغيرة إلى فرض نفسها عبر استعراض القوة وإثبات الولاء لما يُسمى (محور المقاومة) سواء لكسب تمويل أو تعزيز مكانتها داخل المنظومة الميليشياوية الأوسع".