سانا: زيارة مرتقبة لوفد من الكونغرس إلى سوريا
تشهد قوى الإطار التنسيقي في العراق حالة من الانقسام غير المسبوق، في ظل الخلافات الحادة حول قانون تقاعد الحشد الشعبي.
وتباينت المواقف بين معسكر يصر على تمرير القانون مهما كانت التبعات، وآخر يخشى من تأثيراته السلبية في وحدة المؤسسة ومستقبل رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض.
وأُسِّس الإطار التنسيقي في العراق بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر 2021، كرد فعل من القوى السياسية الشيعية التي اعترضت على نتائج الانتخابات، خاصة بعد تراجع تمثيلها البرلماني لصالح التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
ويضم الإطار التنسيقي مجموعة من الكتل والأحزاب البارزة، مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ومنظمة بدر برئاسة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، إلى جانب ممثلين عن ميليشيات أخرى مرتبطة بالحشد الشعبي.
خلافات حول قانون تقاعد الحشد الشعبي
يكمن جوهر الخلافات داخل الإطار التنسيقي حول قضيتين رئيسيتين؛ الأولى تتعلق بمشروع قانون تقاعد الحشد الشعبي نفسه، إذ يصر جناح ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق على تمرير القانون الذي سيحدد سن التقاعد للمقاتلين في الحشد الشعبي بسن 63 عامًا، مثل باقي دوائر الدولة، بهدف إبعاد رئيس الهيئة الحالي فالح الفياض.
من جهة أخرى، يقف جناح منظمة بدر وبعض القوى الأخرى داخل الإطار، مدعومين برئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذين يرون ضرورة بقاء الفياض في منصبه تجنبًا لأي تداعيات سياسية وأمنية قد تضر بعلاقات العراق مع الأطراف الدولية.
ملفات أعمق من القانون
وبحسب مصدر مطلع، فإن "الخلافات داخل الإطار التنسيقي أعمق من مجرد قضية قانون تقاعد الحشد الشعبي، إذ تشمل رغبة بعض الأطراف في إدخال المراتب العسكرية من الجيش إلى هيكلية الحشد الشعبي، وتنظيم عملية القيادة بشكل يسمح بزيادة السيطرة المركزية".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"إرم نيوز"، أن "بعض القوى داخل الإطار تسعى لتطبيق هيكلة عسكرية صارمة على قوات الحشد، تشمل توحيد الألوية، وتنظيم عمليات التسليح والتدريب تحت إشراف مباشر من وزارة الدفاع".
ووفقًا للمصدر، فإن "هناك أطرافًا تسعى لتمرير قانون التقاعد كمدخل لإجراء تغييرات واسعة، تتضمن تقليص صلاحيات قادة الألوية، وتعيين قادة جدد بموافقة الحكومة، وهو ما أثار غضب بعض الفصائل البارزة التي تخشى من تهميشها أو فقدان مواقعها القيادية".
خلاف على رئاسة هيئة الحشد الشعبي
يعد الخلاف حول رئاسة هيئة الحشد الشعبي أحد أهم أسباب التوتر داخل الإطار التنسيقي. فالح الفياض، الذي تجاوز السن القانونية للتقاعد، يواجه محاولات لتغييره وفقًا للقانون الجديد، وهو ما تسعى إليه غالبية القوى داخل الإطار للسيطرة على الهيئة.
في السياق ذاته، يرى الباحث في الشأن السياسي علي ناصر أن "هيئة الحشد الشعبي منذ تأسيسها في عام 2014، أصبحت تضم قيادات وشخصيات بارزة تربطها علاقات وثيقة بالفصائل المسلحة والأحزاب السياسية، ما يجعل من الصعوبة بمكان إزاحة هؤلاء الشخصيات وتسليم المناصب إلى آخرين".
وأوضح ناصر لـ"إرم نيوز"، أن "قانون تقاعد الحشد الشعبي قد يظل مؤجلًا حتى ما بعد هذه الدورة البرلمانية، لتجنب الإحراج السياسي في ظل قرب موعد الانتخابات"، مشيرًا إلى أن "مؤشرات تفكك الإطار التنسيقي لا تتعلق بهيئة الحشد الشعبي فقط، بل ترتبط أكثر بالاختلافات الأيديولوجية والتباين في الرؤى بين قادة التحالف".
الميليشيات المسلحة والسيطرة السياسية
تملك أغلب قوى الإطار التنسيقي ميليشيات مسلحة داخل هيئة الحشد الشعبي، وهي قوات تابعة لها وتخضع لأوامرها. تعد هذه الألوية جزءًا من المنظومة الحزبية والسياسية لهذه القوى، ما يعقد أي محاولات لإعادة هيكلة الهيئة أو تنظيم عملها وفق معايير الدولة الرسمية.
ومن جهة أخرى، يرى الباحث في الشأن الأمني حميد العبيدي أنه من الضروري الاستجابة للضغوط الدولية المطالبة بتنظيم الحشد الشعبي وحل الميليشيات المسلحة، للحفاظ على صورة الدولة العراقية أمام المجتمع الدولي.
وأكد العبيدي لـ"إرم نيوز" أن "استمرار الميليشيات يعزز حالة الفوضى ويجعل الوضع الأمني هشًا وغير مستدام".
وأضاف العبيدي أن "التلاعب بملف الحشد الشعبي واستخدامه كورقة ضغط سياسية قد يرتد سلبًا على المشهد الأمني، إذ إن عدم حسم هذا الملف يفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، في ظل الضغوط الأمريكية تجاه الملف".
وتلقي الخلافات العميقة داخل الإطار التنسيقي وتحديدًا حول قانون تقاعد الحشد الشعبي، تلقي بظلالها على وحدة التحالف في العراق. فبينما يسعى البعض إلى إعادة هيكلة الحشد الشعبي وتحديد قياداته، يواجه آخرون صراعًا حول بقاء رئيس الهيئة فالح الفياض في منصبه.
ومع الضغوط الدولية التي تطالب بتقليص نفوذ الميليشيات المسلحة، يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون مفصلية في تحديد مستقبل الحشد الشعبي ودوره في السياسة العراقية.