تتصاعد المواجهة بين مؤسسات الدولة العميقة والائتلاف الحاكم في المشهد السياسي الإسرائيلي وسط موجة احتجاجات واضرابات تهدد استقرار الحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لكنها لا تضمن سقوطها.
وفي الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو لتثبيت أركان حكمه عبر قرارات مثيرة للجدل، تواجه المعارضة تحدي تحويل الغضب الشعبي إلى قوة تغيير حقيقية.
ويرى خبراء ومختصون في الشأن الإسرائيلي أن المظاهرات المتواصلة في إسرائيل والدعوات للإضراب العام، والامتناع عن دفع الضرائب لا يمكن أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى انهيار الائتلاف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، مشيرين إلى أن هناك عدة عوامل يجب أن تتوافر لتحقيق ذلك.
وتشهد إسرائيل سلسلة من المظاهرات رفضًا لتحركات نتنياهو وحكومته، بما في ذلك محاولاته لإقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وفي المقابل، يسعى قادة المعارضة إلى الضغط لإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة للكنيست.
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، إن "الإضرابات في إسرائيل نادرًا ما تؤدي إلى إسقاط الحكومات"، مشيرًا إلى أن المراهنة على الاحتجاجات لإسقاط ائتلاف نتنياهو لن تحقق نتائج ملموسة.
وأضاف الهندي لـ"إرم نيوز" أن "الإسرائيليين، في الوقت الراهن، موحدون حول رواية واحدة إثر هجوم السابع من أكتوبر، ما يجعلهم يحجمون عن اتخاذ أي خطوة قد تضر بأمن إسرائيل"، وبالتالي من المستبعد أن تثير الاحتجاجات فوضى أمنية.
وأشار إلى أن "المعارضة في إسرائيل لا تملك القدرة على إسقاط ائتلاف نتنياهو أو دفعه نحو الانهيار برلمانيًا"، لافتًا إلى أن التدخلات الخارجية في هذا السياق ستكون صعبة ومستحيلة.
وقال الهندي إن "ما لم تقدم الحكومة على حل نفسها، فمن الصعب أن تنهار، والحل الوحيد يكمن في سقوطها بسبب عدم القدرة على تجنيد المتشددين دينيًا في الجيش".
وأكد أن الأحزاب الدينية هي التي تمتلك القدرة على إسقاط حكومة نتنياهو.
وأضاف: "لا أعتقد أن هذا الأمر سيحدث، لأن نتنياهو يدير المسألة بذكاء، وما يحدث الآن هو صراع بين مؤسسات الدولة العميقة والحكومة، من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بدأ ينتقم من الأشخاص المسؤولين عن مؤسسات الدولة العميقة".
من جانبه، اعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي، عاهد فروانة، أن "الإضرابات هي امتداد للمظاهرات التي سبقت 7 أكتوبر، خاصة مع محاولات نتنياهو استغلال الظروف الأمنية لتنفيذ أجنداته وأهداف الأحزاب اليمينية".
وقال فروانة، لـ"إرم نيوز"، إن "إقالة المسؤولين الأمنيين والقضائيين تأتي في إطار سعيه للسيطرة على جميع مفاصل الحكم".
وأضاف أن الدعوات للعصيان المدني وعدم دفع الضرائب بحاجة إلى تحرك قوي ومستمر من المعارضة للتأثير على نتنياهو داخليًا وخارجيًا.
وأشار فروانة إلى أنه "من أجل إسقاط حكومة نتنياهو، هناك حاجة إلى معارضة قوية ومستدامة، وليس معارضة موسمية"، مشددًا على أن هذه النوعية من المعارضة لا تزعزع ائتلاف نتنياهو، بالرغم من تأثيرها على استقرار الحكومة.
واختتم حديثه قائلًا: "يبدو أن هناك محاولات من قادة المعارضة لتزعم هذه المظاهرات، لكن ذلك يتطلب تكاتف جميع الأحزاب لتشكيل جبهة موحدة ضد الائتلاف الحكومي"، مضيفًا أن "نتنياهو لا يرغب في ترك الحكم، وهو يعمل على فتح جبهات متعددة واستغلال المخاوف الأمنية لتحقيق أهدافه".