المالية الصينية: بكين سترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية من 84% إلى 125%
تتباين الآراء حول أهداف زيارة الوفد الأمريكي إلى دمشق وأبعادها المستقبلية على المشهد السياسي في سوريا والمنطقة.
ويرى بعض الخبراء أن هذه الزيارة خطوة مهمة في إعادة تشكيل المشهد السوري؛ إذ يعتقدون أن هناك رغبة أمريكية قوية للتعاون مع تركيا لتأسيس نظام سياسي جديد في الشرق الأوسط.
ويرون أن هناك مخاوف من أن يؤدي هذا التحول إلى مسارات سياسية غير ناضجة، خصوصاً في ظل ضعف النخب السياسية السورية التي خضعت لسيطرة النظام السابق لعقود طويلة.
وفي المقابل، يرى آخرون أن هذه الزيارة تأتي في إطار تأكيد رغبة الولايات المتحدة في ضمان أمن إسرائيل، من خلال تطبيع العلاقات مع النظام السوري الجديد وتجاهل التوسع الإسرائيلي في الجنوب السوري.
وتعتبر هذه الزيارة بمثابة خطوة في الضغط على النظام السوري بهدف التأثير على المشهد الكردي والساحل السوري، مع التنسيق الكامل بين واشنطن وأنقرة لتأمين مصالحهما في المنطقة.
المحاضر في الفكر السياسي والعلاقات الدولية، رائد المصري، قال إن زيارة الوفد الأمريكي إلى دمشق تأتي في سياق فصل العقوبات التي كانت مرتبطة بالنظام السوري السابق عن النظام الجديد، خصوصاً أن الولايات المتحدة اليوم، وفق قوله، تمتلك دوراً فاعلاً في ما جرى بسوريا لإسقاط نظام البعث.
وأضاف المصري، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن هناك قدرة أمريكية قوية ورغبة متوافقة مع تركيا لإنهاء النظام السابق في سوريا بشكل كامل، بهدف خلق شرق أوسط جديد.
وأوضح أن واشنطن نسفت ما وصفته بـ"الديكتاتورية" التي كانت قائمة لبناء منطقة أكثر استقراراً، وهي الآن بصدد تحضير سردية سياسية جديدة تختلف تماماً عن تلك التي حكمت المنطقة طوال العقود الماضية.
وأشار إلى أن تفاصيل السرديات التي تسعى إليها واشنطن لم تتضح بعد بشكل كامل، لكن معالمها بدأت تظهر تدريجياً؛ إذ تهدف إلى إنشاء خليط سياسي في سوريا يجمع بين الليبرالية ومبادئ إخوانية على طريقة النظام التركي، الذي يوازن بين الدين والعلمانية.
وذكر أن هذه التجربة قد تكون مقبولة للشعب السوري، لكنه حذر من ضعف النخب السياسية السورية الحالية التي تأثرت بسيطرة النظام لأكثر من خمسين عاماً.
وأوضح المصري أن هذا الضعف يشكل خطراً على إمكانية توجه سوريا إلى مسارات سياسية غير ناضجة أو انقسامات كبيرة في النسيج الاجتماعي بسبب المصالح الضيقة، مبيّناً أن الحل يكمن في تعزيز التشاركية وتوسيع نطاقها في النظام الجديد، مستشهداً بالمثال المصري بعد سقوط نظام محمد حسني مبارك، حيث واجهت مصر مرحلة من الاضطراب السياسي قبل إعادة ترتيب الأوضاع.
وأشار إلى أن هناك الآن محاولات لترويض الوضع السوري على أكثر من مستوى، خصوصاً مع خروج إيران وروسيا من المشهد، وتسليم سوريا سياسياً واقتصادياً للرغبة الأمريكية والتركية، لكنه أشار بالوقت نفسه إلى أن المشهد ما زال قاتماً؛ إذ لا يمكن للعالم أن يسمح بظهور "أصولية راديكالية جديدة" في سوريا، وفق وصفه.
وأضاف المصري أن الشعب السوري لن يقبل بتكرار نظام "ديكتاتوري" كما كان سابقاً، لكنه رأى نقطة ضوء تتعلق بتقاطع المصالح الأمريكية مع الدور التركي، واحتضان عربي للحالة السورية الجديدة، بهدف تحقيق هبوط آمن للانتقال السياسي من خلال حوار يشمل أوسع عملية تشاركية ممكنة.
وحذر من إقصاء مكونات سياسية أساسية؛ لأن ذلك سيخلق تداعيات خطيرة، مشيراً إلى أن الحركات الراديكالية والإخوان المسلمين استغلوا المظلومية التاريخية التي تعرضوا لها، حسب تعبيره، لمواجهة الأنظمة الديكتاتورية السابقة.
ودعا إلى احتضان عربي ودولي يخفف الحضور العسكري، ويعيد الموارد الحيوية للدولة السورية، تمهيداً لحل سياسي سلمي ومستدام.
ومن جهة أخرى، يرى المحلل السياسي عامر سليمان، أن زيارة الوفد الأمريكي إلى سوريا تأتي في سياق فرض شروط جديدة على النظام الوليد، أهمها ضمان التطبيع مع إسرائيل كشرط أساسي لتحقيق الأمن الإقليمي.
وأوضح سليمان لـ "إرم نيوز" أن هذا الشرط يتجاوز ما يُشاع عن الحفاظ على القواعد الأمريكية في الشرق السوري، مؤكداً أن واشنطن تسعى أيضاً لتأكيد التغاضي عن التوسع الإسرائيلي في الجنوب السوري.
وبيّن سليمان أن الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو وضع معالم المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التطورات المرتبطة بالملف الكردي والانتهاكات في الساحل السوري.
وأكد أن هذه القضايا قد تؤثر بشكل سلبي على الدول التي ساهمت في إسقاط النظام السابق، وربما تؤدي إلى تصدير مشاهد مشابهة في دول أخرى قد تنفلت فيها الأوضاع.
وأضاف سليمان أن الضغوط الأمريكية غير المباشرة تهدف إلى تهيئة الأجواء بما يتناسب مع الطبيعة السورية الجديدة، وعدم ترك الساحة خالية تماماً لتركيا، رغم وجود تنسيق كامل بين واشنطن وأنقرة لتحقيق مصالحهما المشتركة.