ترامب: الاتفاق مع إيران يسير بنحو طيب وأريد تفادي أن تسوء الأمور
بات مصطلح "ملاحقة الفلول" عنوانًا جديدًا للانقسام بين السوريين، الذين لا يبدو أن انقساماتهم قد توقفت مع سقوط نظام بشار الأسد كما كان مأمولًا، بل تستمر وتتسع منذ تاريخ الثامن من ديسمبر 2024.
وبعد قرابة ثلاثة أشهر على تولي الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع لرئاسة البلاد، وتعهدها بملاحقة مجرمي الحرب في النظام السابق، في سياق "العدالة الانتقالية" التي يطالب بها السوريون، بات كثيرون يشككون بطرائق تحقيقها ونوايا القائمين عليها، ويطلقون عليها اليوم اسم "العدالة الانتقامية"، ذلك أنها تخفي خلفها مقاصد وأهداف لا تمت إلى العدالة بصلة، كما يقول هؤلاء.
فمنذ بدء حملات الأمن العام لملاحقة ما تصفهم بـ " فلول نظام الأسد"، وقعت عشرات الانتهاكات والجرائم تحت هذا العنوان، كان ضحيتها غالبًا مدنيون لا علاقة لهم بمجازر النظام المخلوع، أو عسكريون كان النظام الحالي نفسه قد أجرى لهم عمليات تسوية، لعدم وجود ما يثبت تورطهم في أي من جرائم النظام السابق. ليتضح بالنسبة لكثير من متابعي هذه الانتهاكات أن معظمها يقع لأسباب انتقامية.
آخر الانتهاكات
آخر الانتهاكات التي وقعت تحت ذريعة ملاحقة الفلول كما يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، هو ما حصل أمس في ريف مصياف التابع لمحافظة حماة، حيث شهدت قرية عين شمس، عملية عسكرية نفذها عناصر تابعون لإدارة العمليات العسكرية، تحت ذريعة ملاحقة "فلول النظام البائد".
ورغم أن القرية كانت من المناطق التي خضعت لعمليات تسوية، إلا أن العملية أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم معتقل قُتل في أثناء الاعتقال وتم رميه على أحد طرق حماة، فيما لقي الآخران مصرعهما خلال الهجوم على القرية. كما أسفرت العملية عن إصابة سبعة آخرين و6 مفقودين.
ووفقًا للمصادر، شملت الحملة اعتقال 52 شخصًا، بينهم أطفال دون 18 عامًا وكبار في السن أحدهم عمره 75 عامًا.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، حذر من أن استمرار هذه الانتهاكات تحت مسمى "ملاحقة فلول النظام" سيدفع البلاد إلى الانفجار.
من جهتها نقلت وكالة "سانا" عن إدارة الأمن العام أنها قامت بـ"القبض على عدد من فلول النظام المخلوع في قرية عين شمس بريف مصياف، ومصادرة أسلحة وذخائر وصواريخ كانت بحوزتهم".
ولكن في اليوم التالي، (اليوم الجمعة) عادت إدارة الأمن العام لتفرج عن 40 معتقلًا، فيما لا يزال آخرون قيد الاعتقال.
القرداحة.. روايتان و"فلول"
قبل هذه الحادثة بيوم واحد، شهدت مدينة القرداحة (مسقط رأس عائلة الأسد) احتجاجات من قبل سكان المدينة، ضد الانتهاكات وأسفرت عن قتيلين وجرحى بينهم إصابات خطيرة من السكان، وسط حالة من الاحتقان الشعبي في المنطقة.
وهنا روايتان للحادثة، الأولى على لسان ساكن من المنطقة قال إن الأمن العام اقتحم أحد المنازل وحاول طرد ساكنيه، لكن ساكنيه رفضوا الأمر، حيث تحولت الملاسنات إلى توتر ومن ثم إطلاق نار عشوائي، فيما ذكر مصدر رسمي من القرداحة أن الأمن العام جاء لوضع حاجز أمني جديد في المدينة، وأن "فلول النظام البائد" منعوا الأمن العام من ذلك.
مقامات "الفلول"
سجلت مدينة مصياف أمس، حالة انتهاك لأحد المقامات الدينية، عندما اعتدت جماعات مسلحة على مقام "إخوان الصفا" للطائفة الإسماعيلية في المدينة.
ويقع قصر "إخوان الصفا وخلان الوفا" في جبل المشهد العالي، والذي يعرف بـ (قاسيون مصياف)، وهو بناء أثري قديم يسميه أبناء المنطقة "القصر" يزيد عمره عن الألف عام، واستخدم مركزًا علميًا أو جامعة مصغّرة في القرن الثالث عشر، وصنّفت فيه "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا".
ووفقًا لمصادر "إرم نيوز"، جرى إطلاق نار على صندوق الزكاة في المقام، ثم خلعه وإنزال الصور واللافتات التي تحمل الشعائر الدينية. كما تم حفر حفرة في الغرف المجاورة للمقامات الدينية، والتي تستخدم كمنزل للزوار.
إثر ذلك، خرج أهالي مدينة مصياف من الطائفة الإسماعيلية في مظاهرة احتجاجًا على هذه الأعمال و"الاعتداء على الكرامات الدينية" على حد تعبيرهم.
واتهم الأهالي القوى الأمنية بإطلاق الرصاص على المقامات وصندوق التبرعات وتخريبه من الداخل، فالمنطقة تخلو من السلاح ما عدا سلاح القوات الأمنية، حسب قولهم.