الرئيس اللبناني يدين الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
استفاق اللبنانيون، اليوم الاثنين، على مشهد محلي "غامض" ومحتقن سياسياً، بعد موجة من التوترات العسكرية والسياسية التي نشأت إثر عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي، حيث استهدف العائدين إلى منازلهم في جنوب لبنان.
وجاء التصعيد بعد إعلان البيت الأبيض تمديد مهلة انسحاب القوات الإسرائيلية حتى 18 فبراير، وهو القرار الذي أثار غضب ميليشيا حزب الله، الذي توعد باستئناف "المقاومة الشعبية".
وفي هذا السياق، حاول رئيس الجمهورية ميشال عون، تسريع عملية تشكيل الحكومة، إلا أن الردود التي تلقاها كانت تشير إلى أن الوضع بات أكثر تعقيداً وغموضاً.
وتزامن يوم أمس (الأحد) مع ترقب الموقف الأمريكي من قرار إسرائيل تمديد انسحابها من الشريط الحدودي اللبناني، حيث بدأت مسيرات العودة من قبل الأهالي إلى قراهم وبلداتهم في الجنوب، لكن هذه المسيرات تعرضت لهجوم إسرائيلي أسفر عن مقتل وجرح العشرات.
في بيانات "حزب الله"، تم وصف ما حدث بـ"يوم التحرير الشعبي الأول"، مع تعهد بمواصلة المسيرات اليوم تحت مسمى "يوم التحرير الشعبي الثاني".
تصعيد دبلوماسي وميداني
ووفقاً لمصادر لبنانية مطلعة، أسفر الاحتقان الدامي عن تسريع وتكثيف الاتصالات الدبلوماسية في محاولة لتدارك الموقف قبل أن يتسع نطاق المواجهات.
في هذا الإطار، عقد عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اجتماعاً لتقييم التطورات في الجنوب ونتائج الاتصالات الجارية بشأن استكمال الانسحاب الإسرائيلي.
وقالت المصادر لـ"إرم نيوز"، إن هناك معلومات متداولة عن أن قيادة قوات اليونيفل تلقت إشعاراً بأن القوات الإسرائيلية ستظل في بعض النقاط الحدودية لمدة أسبوعين على الأقل، إلا أن رئاسة الجمهورية أصدرت بياناً نفت فيه صحة هذه الأخبار، مؤكدة أن عون يواصل اتصالاته الداخلية والخارجية لاستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية.
وعلى الصعيد الدولي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دعمه لضرورة سحب القوات الإسرائيلية المتبقية من لبنان. كما جرت اتصالات بين عواصم غربية أخرى، سعت للوصول إلى اتفاق بشأن تحديد موعد جديد للانسحاب.
بيان البيت الأبيض ورده اللبناني
وفي وقت لاحق، أصدر البيت الأبيض بياناً مقتضباً أكد فيه أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل سيظل سارياً حتى 18 فبراير، وأن حكومات لبنان وإسرائيل وأمريكا ستبدأ مفاوضات حول عودة اللبنانيين المحتجزين بعد 7 أكتوبر 2023.
وكان لافتاً أن البيان لم يتطرق إلى انسحاب القوات الإسرائيلية، وهو ما دفع مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط للقول إن هناك بعض العثرات التي تم التغلب عليها بفضل الحوار الجيد، معتبراً أن ذلك مؤشر إيجابي.
أما رد الحكومة اللبنانية على البيان، فقد أكده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قائلاً: "بعد الاطلاع على تقرير لجنة مراقبة التفاهم، التي تعمل على تطبيق القرار 1701، تؤكد الحكومة اللبنانية الحفاظ على سيادة لبنان وأمنه، واستمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير".
حزب الله يعلن عودة المقاومة الشعبية
أما على صعيد رد فعل ميليشيا حزب الله، جاء إعلان الحزب بوقف التفاوض من طرفه، داعياً إلى مواصلة التحرك الشعبي في مسيرات الأهالي العائدين إلى قراهم في الجنوب.
واعتبر الحزب أن هذه المسيرات هي الخيار الشعبي لتحصيل الحقوق الوطنية، مؤكداً أنه لن ينتظر الإذن من أحد لاستكمال عملية إخراج قوات الاحتلال من آخر المواقع التي لا تزال تحتلها في المنطقة.
الوضع يوشك على الخروج عن السيطرة
ولم تكتمل صورة الوضع اللبناني في الساعات الأربع والعشرين الماضية دون الإشارة إلى أن مواصلة مسيرات العودة في الجنوب اليوم، جاءت بعد إغلاق المدارس والمتاجر في معظم مناطق الجنوب والبقاع، وتنظيم عملية اقتحام شعبي للمناطق التي لا يزال الاحتلال يسيطر عليها، وهو ما حال دون دخول الأهالي إليها أمس، بسبب إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الوضع في لبنان قد يوشك على الخروج عن السيطرة إذا استمرت هذه الممارسات التصعيدية على الأرض، مما يضع البلاد أمام تحديات كبيرة على الصعيدين الأمني والسياسي في الأيام المقبلة.