الأمم المتحدة: نحو 500 ألف شخص نزحوا في قطاع غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار
عادت هواجس نشاط عناصر من جنسيات مغاربية مرتبطة بجماعات مثل "داعش والقاعدة" إلى الواجهة مع تحرير المعارضة السورية المسلحة آلاف السجناء دون تمييز، ما أثار مخاوف جدية من خطر عودة "القنابل الموقوتة" إلى بلدانهم.
وبعد ساعات من إعلان إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد وانسحاب جيشه دون قتال، تدخلت فصائل المعارضة السورية لإخراج أكثر من 3 آلاف سجين من سجن عسكري واقع شمال مدينة حمص (وسط)، ثالث أكبر مدن سوريا. وهو تطور جاء بعد يومين فقط من إعلان قوات سوريا الديمقراطية سيطرة تنظيم "داعش" على بعض المناطق في البادية السورية.
وطرحت هذه التحركات تساؤلات حول مصير مئات المعتقلين العرب ومن شمال إفريقيا، الذين كانوا محتجزين بتهم الانتماء لتنظيمات "جبهة النصرة" سابقاً و"القاعدة" أو "داعش" منذ ما قبل 2011. ففي شمال شرق سوريا، كان يُحتجز عشرات التونسيين والمغاربة وبعض الليبيين كمشتبه في انتمائهم إلى "داعش" رغم إعلان القضاء على "دولة داعش" في مارس عام 2019 وتحديداً في بلدة الباغوز، الواقعة في ريف دير الزور شرق سوريا، حيث كانت آخر معقل من معاقل التنظيم المتطرف.
وحالياً تقدر الأمم المتحدة في إحصاء حديث، ما يقارب 3 آلاف داعشي، يضربون شرقاً وغرباً في حرب عصابات تحمل رسائل البقاء، في حين أنّ تقريراً داخلياً نشره البنتاغون في عام 2022، لم يخف فيه خطر وجود جيش من عناصر "داعش" في السجون والمعتقلات، يبلغ تعداده في سوريا 10 آلاف عنصر.
وتمتلك الأجهزة الأمنية المغاربية قاعدة بيانات تتعلق بجميع الأشخاص الموجودين في بؤر التوتر، خاصة أولئك المرتبطين بالجماعات الإرهابية في مناطق مثل سوريا والعراق وأفغانستان، لكن يصعب رصدهم في حالة تسللهم عبر منافذ برية بطريقة غير نظامية، وهو وضع يثير قلق مراقبين لهذا الملف.
ويرى النائب السابق في مجلس نواب الشعب التونسي مجدي الكرباعي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه "خلال الثورة يغيب المنطق والنظام"، لذا لن تجد المُحرِّرين يقومون بفرز من خرجوا وإن كان لديهم قضايا إرهابية أم سياسية، وبالتالي تم إطلاق سراح جميع المحتجزين سواء كانت لديهم سوابق عدلية أو جنائية.
وقال الكرباعي أنه على الدول المغاربية أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، وتستدرك بفتح قنوات اتصال مع السلطات السورية الجديدة من أجل تبادل معلومات أو تسليم هؤلاء المحتجزين حتى يتم مقاضاتهم في إطار قضائي عادل.
ويعتقد أن عودة المتطرفين أو المتورطين من بؤر التوتر إلى بلادهم حق لهم، ففي تونس يتم التحفظ عليهم وتتبعهم عبر إجراء قانوني في هذا المجال.
ومعلوم أن ما يسمى بقضية "تسفير الإرهابيين" إلى بؤر التوتر لاتزال مفتوحة في القضاء التونسي، وقد تم قبل أيام رفض الإفراج عن الوزير السابق علي العريض، المتهم ضمن قائمة متهمين تشمل مئات الأشخاص من بينهم الرئيس السابق لفريق أمن الطائرات، عبدالكريم العبيدي، والمستشار السابق بوزارة الداخلية، فتحي البلدي، والمتحدث الرسمي باسم تنظيم "أنصار الشريعة" المحظور، سيف الدين الرايس.
وسبق أن وثقت لجنة مكافحة الإرهاب بتونس وجود أكثر من 3 آلاف إرهابي تونسي في سوريا وليبيا والعراق حتى عام 2018، عاد منهم قرابة الألف إلى بلادهم.
بدوره، يقول المحلل العسكري الليبي، عادل عبد الكافي أن عملية إطلاق السجناء بطريقة عشوائية ستؤدي لا محالة إلى إخلال أمني وخطورة على الدولة نفسها، لأن عدد العناصر المتطرفة كبير ويمس سوريا بالدرجة الأولى ودول الجوار أولا، وله ارتدادات إلى شمال إفريقيا.
ويرجح عبد الكافي أنّ "المعارضة السورية المسلحة كان لها دراية قبل فتح هذه المعتقلات وبعض العنابر الخاصة بالمساجين السياسيين والمظلومين وأيضاً تلك السجون الخاصة بالعناصر المتطرفة". ويؤكد عبد الكافي لـ"إرم نيوز"، أن سرعة تشكيل الحكومة والعفو العام الذي أطلق من قبل المعارضة المسلحة تجاه العسكريين السوريين، سيساعد في إعادة الوحدات الأمنية والاستخبارات والشرطة إلى عملها وملاحقة العناصر المتطرفة.
وتوجد الكثير من العناصر الليبية التونسية أو الجزائرية على قوائم المتطرفين، متوقعا توجهها نحو بعض المواقع الساخنة في إفريقيا، وبما أن التنظيمات المسلحة بدأت تنشط بكثافة في بحيرة تشاد والساحل الإفريقي وغرب القارة وتوحيد صفوفها، فإنها إن لم تجد مكانًا لها في سوريا، فستجد في هذه المناطق الرخوة والمليئة بالصراعات ملاذاً لها.
وبرغم غياب معلومات دقيقة عن عدد الجزائريين والليبيين والموريتانيين المتواجدين على الأراضي السورية للقتال مع تنظيمات متطرفة، إلا أن إحصائيات رسمية في المغرب تشير إلى التحاق 1659 شخصاً بسوريا والعراق، لقي 745 منهم حتفهم بينما اعتقلت السلطات الأمنية نحو 270 منهم خلال عودتهم إلى بلدهم.
وفي السياق نفسه، يفترض الباحث في الشأن السياسي المغاربي إدريس إحميد وجود محتجزين محررين يحملون توجهات إيديولوجية، وهم كثر ينحدرون من منطقة شمال إفريقيا، إذ استغرب عدم التمعن في فتح السجلات بين سجناء الرأي وسجناء الحق الجنائي والذين كانت قد اتهمتهم الحكومة بالإرهاب وجاءوا للحرب في سوريا.
ويرجح أن تكون للأمر تداعيات على دول منها ليبيا وتونس؛ إذ كان يمكن أن يتم التشاور مع دول السجناء المتطرفين لنقلهم لإكمال عقوبة السجن في بلدانهم، لكن بهذه الطريقة الفوضوية سيكررون انتماءهم لتنظيمات مسلحة.