عصام العبيدي
رجّح خبراء، أن تواجه الميليشيات العراقية المسلحة الموالية لإيران، تحديات كبيرة بعد سقوط النظام في سوريا، خاصة فيما يتعلق بأنشطتها الخارجية، كما ستُجبَر على مراجعة سلوكياتها وممارساتها في الداخل.
وأثار سقوط نظام بشار الأسد تساؤلات ملحة عن كيفية تعامل الميليشيات العراقية مع هذا التحول الجذري، ومدى قدرتها على الاستمرار في أنشطتها والتكيف مع المشهد الجديد.
كما طُرحت تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التطورات ستدفع تلك الميليشيات إلى إعادة النظر في سياساتها وممارساتها، أو ربما تقودها إلى تغيير استراتيجياتها بالكامل لمواكبة التحديات التي أفرزها انهيار حليفها الإقليمي.
وقال المحلل السياسي علي ناصر إن "هذا التغيير بدأ عمليًا في السابع من أكتوبر، وامتد ليشمل تأثيرات مباشرة على (محور المقاومة)، الذي يواجه اليوم صعوبات حقيقية في إيصال إمداداته، خاصة من إيران إلى الجنوب اللبناني عبر الأراضي العراقية".
وأوضح الناصر لـ"إرم نيوز" أنه "بعد سقوط النظام السوري، فإن الميليشيات العراقية ستواجه تحديًا استراتيجيًا كبيرًا يتمثل في ترهل خطوط الإمداد والدعم اللوجستي، ما سيؤثر بشكل مباشر على عملياتها داخل العراق وخارجه، وهذا التحول سيجعلها عرضة لضغوط محلية وإقليمية ودولية، خاصة مع تراجع دور المحور الذي تقوده إيران في المنطقة".
وأضاف أن "التغيرات التي قد تطرأ على المعادلة السياسية والعسكرية في سوريا ستدفع الميليشيات إلى إعادة تقييم أنشطتها واستراتيجياتها، وربما البحث عن طرق بديلة للبقاء".
ومن أبرز الميليشيات العراقية التي كانت متمركزة في سوريا، قبل سقوط الأسد، هي ميليشيا النجباء، ومنظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله - العراق، ولواء أبو الفضل العباس، التي كانت أول ميليشيات عراقية تشكل في سوريا لحماية مرقد السيدة زينب، وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي.
وانسحبت هذه الفصائل خلال الأيام الماضية إلى مواقعها في العراق، على وقع تقدم قوات المعارضة السورية.
ومن شأن سقوط الأسد ومجيء حكومة جديدة غير موالية لإيران أن يؤدي إلى قطع طريق الإمداد الاستراتيجي الذي يربط طهران – ببغداد – ودمشق، وصولاً إلى بيروت، وهو ما يعني امتداد التأثيرات إلى حزب الله اللبناني ونفوذه هناك.
بدوره، قال الخبير في الشأن العراقي محمد نعناع، إن "الفصائل العراقية المرتبطة بالخارج، والتي طالما استفادت من الوضع العراقي ومقدراته، تمر الآن بأضعف حالاتها ميدانيًا ومعنويًا ونفسيًا، وهذا الضعف يعبر عن انكفاء استراتيجي وليس مجرد انكفاء تكتيكي".
وأضاف نعناع لـ"إرم نيوز"، أن "أخطر ما تواجهه هذه الفصائل هو الإحباط داخل بيئتها الرئيسة، خاصة بعد فقدان شعاراتها الأيديولوجية والعقائدية زخمها"، مشيرًا إلى أن "هذا الانكسار المعنوي دفع هذه الفصائل لمحاولة إيجاد مقاربات واقعية للحفاظ على وجودها ولو على المدى القريب".
وتابع أن "سقوط بشار الأسد، وما سبقه من الانكسار في لبنان ومقتل قادة بارزين من حزب الله، ألقى بتداعيات سلبية خطيرة جدًا على هذه الفصائل، ومع هذا الوضع، هناك فرصة لتقوية الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة".
وكانت الفصائل العراقية المسلحة تلعب دورًا محوريًا في دعم ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، وتمثل هذا الدور في إرسال مقاتلين ومعدات لدعم النظام السوري خلال الصراع، بحجة الدفاع عن "المقدسات الدينية".
ومع مرور الوقت، توسع دور هذه الفصائل ليشمل تقديم الدعم اللوجستي والمشاركة في عمليات عسكرية واسعة النطاق داخل الأراضي السورية، ما ساهم في تعزيز قبضة النظام السوري على مناطق استراتيجية.
بدوره، قال الخبير في الشأن العراقي عقيل عباس، إن "الفصائل المسلحة تمر بفترة ضعف داخل العراق، والسؤال الرئيس الآن هو ما إذا كانت هذه الفترة ستؤدي إلى إجراءات مؤسساتية حقيقية تقوض نفوذها وتنقل السلطات بشكل أكبر إلى الحكومة في بغداد".
وأضاف عباس لـ"إرم نيوز" أن "ما سيحسم مستقبل هذه الفصائل يعتمد بشكل كبير على تطورات الأوضاع في سوريا، فإذا دخلت الفصائل السورية المعارضة في صراعات داخلية ولم تتفق على إدارة المرحلة الانتقالية، فقد يمنح ذلك الفصائل العراقية مجالاً للتنفس".