تفاعلت الفصائل المسلحة العراقية سريعًا مع الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، الذي استهدف 20 موقعًا وأسفر عن مقتل عنصرين من الجيش الإيراني، ما أثار تساؤلات حول تداعيات هذا التصعيد على الفصائل العراقية المرتبطة بإيران.
وذكر مصدر أمني عراقي لـ"إرم نيوز" أن "الفصائل المدعومة من إيران، مثل كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، والنجباء، اتخذت احتياطات أمنية مشددة خلال الساعات الأربع التي استغرقها الهجوم، خشية استهدافها داخل العراق، كما أخلت مقرات رئيسة استجابةً لإشارات إيرانية تشير إلى قرب وقوع الضربة".
وأضاف المصدر أن "الفصائل كانت تتوقع استهداف بعض قادتها أو مقراتها داخل العراق"، موضحًا أن "أوامر صدرت لتأمين مقرات بديلة للحماية لمدة عشرة أيام تحسبًا من هجوم آخر محتمل".
توتر متزايد
تُشكل العلاقة الوثيقة بين هذه الفصائل وإيران نقطة حساسة بالنسبة للعراق، إذ تركز طهران على بناء شبكة دعم إقليمي تشمل العراق ولبنان وسوريا واليمن، وتعد الفصائل العراقية ركيزة أساسية في هذه المنظومة، إذ تثق طهران في قدرتها على تعزيز نفوذها الإقليمي من خلالها.
وأظهرت الفصائل العراقية قدرتها على تنفيذ هجمات بالطائرات المسيرة ضد أهداف إسرائيلية خلال الأشهر الماضية.
وتصاعدت التهديدات عقب الهجوم الإيراني على إسرائيل، إذ حذرت المليشيات العراقية بأن القواعد الأمريكية في العراق والمنطقة قد تصبح أهدافًا إذا استخدمت إسرائيل المجال الجوي العراقي لمهاجمة طهران.
ويؤكد الطيار العراقي المتقاعد، رياض الجبوري، أن الطائرات الإسرائيلية ربما مرت عبر الأجواء العراقية قادمة من سوريا، مشيرًا إلى "غياب الدفاعات الجوية العراقية التي لم تتمكن من رصد الطائرات الإسرائيلية الحديثة".
وأوضح الجبوري أن "المسافة أجبرت إسرائيل على استخدام طائرات لتزويد المقاتلات الحربية بالوقود، ما شكل عبئًا إضافيًّا".
ويضيف أن "هذا قد يكون السبب وراء تواضع الهجوم مقارنة بما كانت تهدد به إسرائيل".
ويعتقد الجبوري أن "اختراق المجال الجوي العراقي سيسهم في تصاعد التوترات، وقد يدفع الفصائل المسلحة لتكثيف عملياتها ويحرج الحكومة العراقية الساعية لتجنب التصعيد".
إغلاق المجال الجوي
أعلن وزير النقل العراقي، رزاق محيبس، إيقاف حركة الطيران بشكل كامل في المطارات العراقية جميعها تزامنًا مع بدء الهجوم، وأوضحت الوزارة في بيان أنه "أُخلِيت الأجواء العراقية تدريجيًّا من الطائرات؛ حرصًا على سلامة المسافرين والطائرات العابرة".
ومع هذا التصعيد، تواجه الحكومة العراقية ضغوطًا متزايدة، إذ تجد نفسها بين مطالبات القوى الغربية بتحييد الفصائل المرتبطة بإيران، وبين هذه الفصائل التي تعدُّ نفسها جزءًا من "محور المقاومة" ضد إسرائيل.
من جانبه، أعرب رجل الدين العراقي المقرب من إيران، مهدي الصميدعي، عن تساؤلاته حول "ضعف الرد العراقي" على انتهاك الأجواء، واصفًا الهجوم الإسرائيلي على إيران المجاورة للعراق بأنه تهديد لاستقرار المنطقة.
وعدَّ الصميدعي أن "الحكومة العراقية والدفاعات الجوية عليها مسؤولية في التعامل مع هذا الانتهاك".
ومع تهديدات الفصائل المسلحة بتصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، يبدو أن الأزمة بين الحكومة العراقية والمليشيات قد تتفاقم، خاصة في ظل تصريح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأن قرار الحرب أو السلم في يد الدولة، في إشارة عُدَّت رسالة مباشرة للمليشيات.