وكالات روسية: انتهاء المحادثات الأمريكية الروسية في السعودية بعد 12 ساعة
رأى خبراء سياسيون فرنسيون أن الخلاف بين باريس والجزائر بشأن ملف ترحيل الرعايا الجزائريين، دخل مرحلة شديدة الحساسية قد تعمّق أزمة دبلوماسية مستمرة بين البلدين.
ففي الوقت الذي تتهم فيه فرنسا الجزائر بـ"عدم تطبيق القانون الدولي" وخرق اتفاقيات موقعة، تؤكد الجزائر تمسكها بحقها في حماية مواطنيها ورفضها الضغوط الفرنسية التي تجاوزت - حسب وصفها - الأعراف الدبلوماسية المتفق عليها.
وتتواصل الأزمة بين فرنسا والجزائر، وهذه المرة على خلفية ملف ترحيل الجزائريين المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا، وسط تساؤلات إذا كانت سترفض الجزائر فعلاً "تطبيق القانون الدولي" كما ادعى المسؤول الفرنسي برونو ريتايو؟
ورفضت الجزائر، يوم الاثنين، طلباً فرنسياً بإعادة قبول حوالي ستين من رعاياها الذين صدرت بحقهم أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية، إذ اعتبر وزير الداخلية الفرنسي أن الجزائر تخرق بروتوكول اتفاق موقعًا بين البلدين.
جوهر الخلاف: اتفاقية إعادة القبول
يرتكز الاتهام الفرنسي على بروتوكول موقع سنة 1994 مكمل لاتفاقيات 1968 التي تنظم العلاقات بين البلدين، إذ ينص هذا الاتفاق على تسهيل إصدار "أذونات مرور قنصلية" ضرورية لترحيل أي شخص في وضع غير قانوني.
لكن وفق خبراء، المشكلة تكمن في تنفيذ الاتفاق وليس في نصه، إذ قال باسكال بونيفاس، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) وخبير في المسائل الجيوسياسية، لـ"إرم نيوز"، إن الاتفاق يُلزم الجزائر باستقبال رعاياها بمجرد إثبات هوياتهم، حتى ولو ببطاقة هوية سارية فقط.
وأضاف أن الإشكال في جوهره دبلوماسي أكثر منه قانونيا، في ظل غياب أي هيئة تحكيمية للفصل بين الطرفين، موضحاً: "كل طرف لديه منطقه القانوني، وفي غياب قاضٍ يفصل بينهم، ستبقى الأزمة مفتوحة".
ومن جهته، قال جيروم بيسنار، أستاذ القانون الدستوري ومدير تحرير مؤلف "إعادة التفكير في نزاع الصحراء: التاريخ ووجهات نظر معاصرة"، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن "الجزائر فعلاً لم تحترم بروتوكول إعادة القبول الذي وقّعت عليه".
وأوضح بيسنار أن الجزائر كثيراً ما تتريّث في منح هذه الأذونات، خصوصاً عندما تكون هناك شكوك حول الجنسية أو يتم فقدان جوازات السفر عمداً لإفشال عملية الترحيل.
وبحسب إحصائيات رسمية، لم توافق الجزائر سوى على 42% من أصل 5000 طلب أذونات مرور قنصلية تقدمت بها فرنسا سنة 2024.
الجزائر تبرر موقفها بحماية رعاياها
في بيانها الرسمي، شددت الجزائر على أن قرارها "ينبع من واجبها في توفير الحماية القنصلية لمواطنيها"، مؤكدة ضرورة احترام حقوق الأشخاص المعنيين بقرارات الترحيل. كما رفضت الجزائر "محاولة فرنسا تجاوز القنوات الرسمية"، معتبرة أن "الاتفاقيات الثنائية لعامي 1974 و1994 هي المرجعية الأساسية في التعامل مع هذه الملفات".
أزمة دبلوماسية لا قانونية
وأضاف بيسنار أن محكمة العدل الدولية نظرياً هي الجهة المخولة للفصل، لكنها بلا سلطة فعلية هنا، خاصة أن فرنسا لا تعترف باختصاصها الإلزامي.
تصعيد فرنسي وتهديد بإلغاء اتفاقيات 1968
في خضم هذه الأزمة، ارتفعت أصوات داخل الحكومة واليمين الفرنسي تطالب بإلغاء اتفاقيات 1968 التي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة في فرنسا.
وقال برونو ريتايو: "هذا الخيار مطروح على الطاولة"، في وقت اعتبر فيه خبراء القانون أن هذه الاتفاقيات لا يمكن إلغاؤها من طرف واحد لغياب بند يسمح بذلك.
وبدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "إعادة التفاوض" وليس الإلغاء، مؤكداً أن الحل الأمثل يكمن في تحديث هذه الاتفاقيات بما يتماشى مع واقع اليوم.
وتُضاف أزمة جديدة إلى سجل العلاقات الشائكة بين باريس والجزائر، عنوانها المعلن "القانون الدولي"، لكن جوهرها "تجاذب دبلوماسي" على وقع ملفات عالقة وتاريخ ثقيل بين البلدين.