لم تكن مقولة "الحاجة أمّ الاختراع" مقولة عادية؛ فقد برع الغزيون في تجسيدها خلال الحرب، ومن هذه الحاجات نفاد وقود السيارات من المحطات تمامًا، وإن وجد فهو باهظ الثمن جدًا.
يقول أبو سمير، سائق سيارة نقل عمومي قديمة في مدينة رفح حوّلها لنقل جموع النازحين: "منذ بداية الحرب الإسرائيلية لم يدخل إلى المحطات لتر سولار (ديزل) واحد، وكنت أخزن بعض اللترات في المنزل ونفدت تمامًا في الأسبوع الثالث للحرب".
وأضاف: "مع وصول معلومة أن زيت القلي النباتي (السيرج) المستخدم في الطهو يمكن أن يكون بديلًا عن السولار قررت تجربته على الفور، وبالفعل اشتريت 10 لترات من زيت القلي وقمت بوضعه في السيارة مخلوطًا بلتر واحد من مادة التنر، وشغلت المحرك لأكتشف أن المعلومة صحيحة مئة بالمئة وبالفعل بدأت المركبة بالتحرك".
وتابع أبو سمير: "مع انتشار هذه المعلومة أخبرني الميكانيكي الموجود في منطقتنا أن زيت القلي خطير على المحرك ويمكن أن يؤدي لتعطله في المستقبل، لم ألقِ بالًا لما قاله لأنني بحاجة إلى المال الذي يطعم أولادي في ظل هذه الحرب وغلاء المعيشة بشكل جنوني، قائلًا: "عيشني اليوم وموتني بكرة".
وأوضح: "أعرف جيدًا أن رائحة عادم المركبة بعد وضع زي القلي كريهة جدًا وضارة للجهاز التنفسي، ولكنني لا أملك أي خيارات أخرى في ظل هذه الفوضى والحرب، بالإضافة إلى غلاء السلع الأساسية لأكثر من 5 أضعافها".
وأضاف: "كنت مجبورًا على استخدام زيت القلي ولم أكن أملك أي خيارات أخرى، ومن يتحمل المسؤولية هي الحكومة الموجودة في غزة التي تعرف أن السولار يباع في السوق السوداء بأكثر من 8 أضعاف سعره الحقيقي، ولم تقم باتخاذ أي خطوات شُرطية تجاههم".
وبيّن سائق التاكسي أن "سعر اللتر الواحد من زيت القلي أصبح 3 أضعاف سعره الحقيقي، ولكنه يبقى أقل قيمة من سعر السولار، ويمكن بحسب عملي سائق تاكسي أن يعود عليّ ببعض المال الذي أستطيع من خلاله تأمين جزء من الاحتياجات الأساسية للعائلة".