ترامب: ستكون هناك مهلة نهائية لبدء وقف النار في أوكرانيا

logo
العالم العربي

سوريا.. مواجهات "دامية" في الساحل وتحولات قد تقلب المشهد السياسي

سوريا.. مواجهات "دامية" في الساحل وتحولات قد تقلب المشهد السياسي
القوات السورية لحظة دخولها إلى طرطوسالمصدر: سانا
07 مارس 2025، 11:46 ص

تشهد سوريا تطورات ميدانية وسياسية متسارعة تعكس حالة من التوتر العميق في المشهد الداخلي، خصوصًا في المناطق الساحلية التي تشهد موجة احتجاجات غير مسبوقة.

وبينما يرى بعض الخبراء أن هذه الأحداث تمثل امتدادًا طبيعيًا لحالة الاحتقان السياسي والاجتماعي المستمرة منذ سنوات، يذهب آخرون إلى أنها بداية مرحلة جديدة قد تقود إلى حرب أهلية ذات أبعاد معقدة.

أخبار ذات علاقة

بعد ليلة ساخنة.. المشاهد الأولى لدخول الأمن السوري مدينة اللاذقية

ويرى البعض أن الاحتجاجات الأخيرة ليست سوى رد فعل على سياسات قمعية مستمرة، تفاقمت بسبب عمليات أمنية عنيفة واستهداف مباشر للمدنيين؛ ما أسهم في تصاعد الغضب الشعبي، في المقابل، هناك من يرى أن هذه الاضطرابات تعكس صراعًا أوسع بين القوى المتنافسة، خاصة مع تشكيل كيانات عسكرية جديدة تسعى إلى فرض واقع مختلف على الأرض.

ويرى آخرون أن توصيف ما يجري بالحرب الأهلية لا يزال سابقًا لأوانه، إذ إن المواجهات ما زالت بين قوات حكومية ومجموعات مسلحة غير متجانسة، دون أن تتحول إلى صراع شامل بين مكونات المجتمع السوري.

أخبار ذات علاقة

تحركات واشتباكات.. كيف اندلعت شرارة الأحداث في الساحل السوري؟

وإزاء هذه التحولات، تبرز تساؤلات ملحة حول مستقبل البلاد، فهل نحن أمام تصعيد مرحلي سرعان ما سيتم احتواؤه، أم أن سوريا تتجه نحو جولة جديدة من الصراع الداخلي قد تعيد رسم خريطة القوى والتحالفات في المنطقة؟

انطلاق الشرارة

تصاعدت التوترات في الساحل السوري بشكل غير مسبوق، حيث اندلعت احتجاجات شعبية واسعة ترافقها تحركات عسكرية هي الأوسع منذ سقوط النظام السوري السابق، جاءت هذه التطورات عقب عمليات أمنية مكثفة نفذتها القوات الحكومية في قريتي بيت عانا والدالية بريف جبلة، حيث استخدمت المروحيات العسكرية لأول مرة في قصف هذه المناطق؛ ما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين؛ ما أثار استياءً واسعًا في أوساط السكان.

أخبار ذات علاقة

إسرائيل في الجنوب السوري.. تحركات آنية أم سيطرة طويلة الأمد؟

 وأدت مداهمات الأمن لمنازل المدنيين واعتقال عدد من الشباب إلى تفاقم الاحتقان في المنطقة؛ ما دفع المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر إلى الدعوة لاعتصامات سلمية شملت عدة محافظات، من بينها اللاذقية، بانياس، جبلة، طرطوس، حمص، وحتى العاصمة دمشق، غير أن هذه الاعتصامات، قوبلت بإطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن لتفريقها؛ ما أدى إلى حالة من الفوضى والانفلات الأمني.

وبالتزامن مع ذلك، أعلن العميد غياث دلا تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، وهو تطور عسكري لافت، سرعان ما تُرجم إلى مواجهات على الأرض، ففي البداية، تعرضت قوات الأمن السوري لكمائن واعتراضات متفرقة في مناطق عدة؛ ما أسفر عن سقوط 17 قتيلًا من عناصر الأمن العام، ومع مرور الوقت، اتضح أن المجلس العسكري الجديد، بالتعاون مع لواء "درع الساحل" بقيادة مقداد فتيحة، قد بسط سيطرته على مساحات واسعة من جبال وأرياف الساحل السوري، في بعض المناطق دون مقاومة، بينما شهدت مناطق أخرى اشتباكات متقطعة.

وفي هذا السياق، قال مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم إن الأحداث الجارية الآن في الساحل السوري تدل على وجود حالة من الاحتقان لها مقدماتها وأسبابها، وتهمة "فلول النظام" أصبحت حالة مرافقة للأحداث الأمنية دون التحقق الكامل من مدى صحة هذا الأمر.

وأضاف لـ "إرم نيوز" أن هذه التهمة أصبحت تهمة جاهزة لكل من ينتقد الإدارة السورية الجديدة، إلى جانب الفصل التعسفي لأعداد كبيرة من الموظفين، وأمام هذه المعادلة وبعد تعليق الولايات المتحدة للعقوبات تعليقًا إنسانيًا يجب أن يترافق ذلك بتدفق بعض الأموال إلى الخزينة السورية، لكن لم يحدث أي تسليم للرواتب.

وأشار إلى أن كل ذلك أدى إلى حالة من الاحتقان الشديد، لكن ما زاد الأمر سوءًا هو الأحداث التي شهدتها بعض قرى ريف جبلة بالأمس المأهولة بالسكان من قصف بالرصاص الحي، لكن السؤال هنا، هل ستؤدي هذه الأحداث مجتمعة والتي هي عبارة عن تراكمات إلى حرب أهلية أم لا؟ هذا سؤال كبير جدًا.

وأوضح أنه إذا كان المشهد ينذر بحرب أهلية فهذا يعني أننا أمام فئتين كبيرتين كل فئة لها أتباعها وداعميها، هذه التبعية قد تكون على خلفية إثنية، طائفية ودينية أو على خلفية إيديولوجية أخرى، بالتالي يكون المشهد أمام فئتين من السكان في الموقع الواحد أو من عدة مواقع.

وبين أن تعريف الحرب الأهلية هو اشتباك مسلح بين مكونين اجتماعيين في دولة معينة أو بين أكثر من مكونين في هذه الدولة، لكن رغم سوء ما يحدث الآن، إلا أن الأمر لم يتصاعد إلى هذه الدرجة لأن من يقاتل الآن هم مجموعة مسلحة تختلف تسميتها بين من يؤيدها ومن يرفضها، لكنهم حملوا السلاح لمعالجة هذا الوضع رفضًا للممارسات التي حدثت طيلة الأشهر القليلة الماضية.

وخلص إلى أن هذه الممارسات يجب أن تتوقف ولا يجب لها أن تستمر حقنًا للدماء وألا تتكرر أحداث فاحل وعين الشمس وغيرهم من المناطق، لكن من المستبعد في هذه المرحلة على الأقل يمكن تصنيفها على أنها حرب أهلية، بل هي حرب فقط بين مجموعات مسلحة رافضة لهذا الوضع وقوات الأمن السوري.

تحولات ميدانية واسعة

على الصعيد العسكري، خسرت قوات الأمن السيطرة على معظم ريف طرطوس، بما في ذلك مناطق الدريكيش، صافيتا، الشيخ بدر، برمّانة والقمصية، في حين لا تزال متواجدة داخل مدينة طرطوس، وإن كانت السيطرة هناك هشّة في ظل فرض حظر التجوال وترقب وصول تعزيزات عسكرية.

وفي مدينة جبلة وريفها، تمكنت قوات المجلس العسكري من فرض سيطرتها على أغلب المناطق باستثناء الكلية البحرية، التي لا تزال تحت سيطرة قوات الأمن، أما في اللاذقية، فقد بسطت القوات الجديدة سيطرتها على مدينة القرداحة وريفها، إضافة إلى قمة النبي يونس، وهي أعلى قمة في الساحل السوري، إلى جانب عدة أحياء داخل المدينة، بينما استمرت الاشتباكات في مناطق أخرى.

دلالات سياسية وعسكرية خطيرة

تشير هذه التطورات إلى دخول المشهد السوري مرحلة جديدة من الاضطرابات، قد تؤدي إلى صراع مسلح جديد وربما إلى اندلاع حرب أهلية أخرى، في ظل وضع أمني هش لا يمكن التكهن بنتائجه، فمع سعي وزارة الأمن والدفاع لاستعادة المناطق التي فقدت السيطرة عليها، يرجّح أن تشهد البلاد معارك شرسة وطويلة الأمد.

في هذا الصدد، يرى رئيس منظمة كرد بلا حدود، كادار بيري أنه من غير المعلوم ما إذا كان يجب تصنيف ما يحدث على أنه حرب أهلية أم هي تراكمات لسنوات مضت، أو هي نتيجة ثلاثة أشهر من القمع بالحالة العامة، قمع بتصنيف "العلويين" كفلول للنظام، او قمع بعمليات القتل التي حصلت لطائفة كاملة تحت مسمى أنهم "طائفة النظام".

وأضاف لـ "إرم نيوز" أن ما حصل بالأمس ومنذ زوال آل الأسد، أمور لا تبشر بالخير مطلقًا، فإذا استمر الوضع بهذا الشكل فنحن بصدد حرب أهلية مقيتة، واستمرار للمقتلة السورية، الضحايا من الشعب السوري من أي طرف كان، وهنا يجب تغليب الوعي والتحرك بسرعة من العقلاء، وخاصة من جانب السلطات في دمشق.

أخبار ذات علاقة

سيناتور أمريكي يتهم دولتين بالوقوف خلف أحداث الساحل السوري

 وأوضح أنه لا يمكن لسوريا أن تعود لما قبل العام 2011 وألا تكون حكرًا على عائلة بعينها، بل يجب أن تكون متعددة لا مركزية وإدارات ذاتية، كل منطقة تقوم بحكم نفسها إلى أن يتم تخفيف حالة الاحتقان التي حصلت طيلة 14 عامًا الماضية وقبل ذلك مما زرعه النظام من حالة الفرقة بين السوريين، لكن في الأشهر الأخيرة وما شاهدناه هو نُذر بداية حرب أهلية قد تكون متغيرة بحسب الظروف الميدانية.

وختم بقوله إن كل ما يحدث هو مقدمة لحرب أهلية وهذا هو من أسوأ أشكال الحروب بالمطلق، ولا أحد يعلم إن كان يوم السادس من مارس هو يوم أسود للسوريين.

وعلى المستوى السياسي، تكتسب الاحتجاجات الأخيرة بعدًا جديدًا، إذ إنها لم تقتصر على المطالب الاجتماعية أو الأمنية، بل امتدت للمطالبة بإسقاط الرئيس أحمد الشرع، وهو تطور خطير يضعف موقف الحكومة التي حظيت مؤخرًا بقبول عربي وإقليمي ودولي، كما أن انتقال هذه الدعوات إلى مختلف المدن، بعد أن بدأت في السويداء، قد يسرّع من زعزعة الاستقرار الداخلي ويدفع بعض الدول إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه السلطات الانتقالية.

ومع استمرار هذه الاضطرابات، باتت سوريا عمليًا على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد طرح سيناريو التقسيم، رغم المخاوف المرتبطة بهذا الخيار، وفي ظل تصاعد العنف وازدياد حدة التوتر الطائفي، تبدو البلاد أمام اختبار حقيقي قد يحدد مستقبلها السياسي والعسكري في المرحلة المقبلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات