رويترز: طائرات تحلق على ارتفاع منخفض فوق بيروت وسماع دوي انفجارات ضخمة
تشكل عودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان محطة مفصلية في إطار الجهود الدولية لدعم استقرار هذا البلد، الذي شهد سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية.
وتتزامن هذه الزيارة مع التركيز على تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، إلى جانب المساعي الرامية إلى تشكيل حكومة لبنانية قادرة على مواجهة التحديات، في ظل حضور فرنسي قوي لإعادة لبنان إلى مسار الإصلاح.
ويرى مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، تييري دو مونبريال، أن الدور الفرنسي في لبنان يرتكز على تحقيق توازن دقيق بين المصالح الإقليمية والمحلية.
وأشار إلى أن التطبيق الكامل للقرار 1701 يستلزم ضغوطًا دبلوماسية على جميع الأطراف، ولا سيما حزب الله، لضمان الالتزام بوقف الأعمال العسكرية.
كما أوضح أن فرنسا تسعى لتعزيز وجودها في لبنان ضمن استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، من خلال مبادرات تشمل دعم الجيش اللبناني وتعزيز التعاون الاقتصادي.
وأضاف دو مونبريال أن المشهد الإقليمي المتغير يضع زيارة ماكرون في سياق جديد، بعد أربع سنوات من محاولات إصلاحية لم تؤتِ ثمارها.
وتهدف هذه الزيارة، التي لا تتجاوز 12 ساعة، إلى تعزيز استقرار لبنان، ومناقشة سبل دعم فرنسا لهذا البلد في ظل ديناميكيات سياسية جديدة، عقب انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للوزراء.
متغيرات المشهد السياسي اللبناني
بعد عامين من الفراغ الرئاسي، انتُخب قائد الجيش اللبناني، الجنرال جوزيف عون، رئيسًا للجمهورية، وهو المعروف بعلاقاته الوثيقة مع فرنسا.
كما تم تعيين القاضي نواف سلام، الذي يحظى بسمعة دولية مرموقة، رئيسًا للوزراء، ليكون على رأس السلطة التنفيذية في النظام السياسي الطائفي اللبناني.
ويعدّ دعم حزب الله وحلفائه لهذا الثنائي الجديد في السلطة التنفيذية تطورًا لافتًا، يعكس تغييرات جوهرية في المعادلة السياسية اللبنانية.
ويرى دو مونبريال أن إضعاف حزب الله نتيجة الحرب مع إسرائيل، إضافة إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، قد ساهما في كسر الجمود السياسي الذي كان يعاني منه لبنان.
التحديات أمام فرنسا في تحقيق الاستقرار
يؤكد الباحث السياسي في مركز أبحاث "مونتين"، جون بابتيست جانجين فيري، أن تحقيق الاستقرار في لبنان يتطلب إصلاحات سياسية جذرية، مشيرًا إلى أن فرنسا تواجه تحديًا في إقناع الأطراف اللبنانية بضرورة تشكيل حكومة ذات سلطة تنفيذية فعلية.
ويضيف أن باريس تعتمد على دعم حلفائها الدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة، لضمان استقرار طويل الأمد في لبنان.
كما يشدد جانجين فيري على أهمية تفعيل القرار 1701 كوسيلة لتقليص النفوذ العسكري لحزب الله وتعزيز سيادة الدولة اللبنانية، معتبرًا أن الدور الفرنسي في لبنان هو جزء من جهد دبلوماسي مستمر يهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز المؤسسات اللبنانية.
تشكيل الحكومة والدور الفرنسي
وتأتي زيارة ماكرون بعد انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتعيين نواف سلام رئيسًا للوزراء، وهي تطورات تُشكل زخمًا سياسيًا جديدًا.
وترى فرنسا أن استقرار لبنان يعتمد على تشكيل حكومة فعالة تتمتع بثقة دولية ومحلية، وهو ما تسعى باريس لتحقيقه من خلال تقديم الدعم الفني والدبلوماسي للحكومة الجديدة.
ويحرص ماكرون على التأكيد على دور فرنسا في تحقيق هذا الاستقرار بالتعاون مع الولايات المتحدة، خصوصًا أن المبادرات الفرنسية السابقة لم تحقق النجاح المنشود.
وتأتي الزيارة في توقيت حساس، حيث تشهد المنطقة تغيرات جوهرية تتيح فرصة نادرة للبنان لإعادة رسم مستقبله السياسي والاقتصادي، في ظل دعم دولي حذر لكنه واعد.
أهمية القرار 1701 في تحقيق الاستقرار
يشكل القرار 1701، الذي أقره مجلس الأمن عام 2006 بعد حرب لبنان، إطارًا قانونيًا رئيسيًا لوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله.
ويسعى المجتمع الدولي، بقيادة فرنسا، إلى التأكيد على تطبيق بنود هذا القرار لتعزيز الاستقرار على الحدود الجنوبية للبنان ومنع التصعيد العسكري.
ويمتد الدور الفرنسي إلى دعم الجهود الدبلوماسية والإصلاحية الرامية إلى إعادة بناء المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
ويمثل نجاح فرنسا في تحقيق هذه الأهداف اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على قيادة مبادرات دولية ناجحة في منطقة مليئة بالتحديات.