logo
العالم العربي

وسط قيود حوثية.. "كارثة" السيول تضاعف الأزمة الغذائية في اليمن

وسط قيود حوثية.. "كارثة" السيول تضاعف الأزمة الغذائية في اليمن
المجاعة في اليمن المصدر: أ ف ب
10 أغسطس 2024، 7:06 ص

تُفاقم كارثة السيول والأمطار الغزيرة التي شهدتها عدة محافظات يمنية مؤخرًا، من حدة الأزمة الإنسانية "الأسوأ حول العالم"، بعد جرفها لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية، في ظل القيود التي تفرضها ميليشيا الحوثي على عمل المنظمات الدولية ووكالات الإغاثة الإنسانية، ما يحول دون وصول التدخلات العاجلة.

وفي أواخر الأسبوع الماضي، أدت الفيضانات والسيول الجارفة، في محافظات الحديدة وحجة وريمة والمحويت وأجزاء من تعز، التي يقع معظمها تحت سيطرة الحوثيين، شمال غرب البلاد، إلى "طمر وجرف مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وتلف في المحاصيل، فضلًا عن الألغام التي جرفتها السيول إلى الأراضي الزراعية"، وفق تقارير حكومية.

وتسببت السيول في مقتل 45 يمنيًا وفقدان 12 آخرين، بحسب إحصائية غير مكتملة لـ"الهلال الأحمر اليمني".

تحذيرات أممية

وتتزامن الكارثة الطبيعية، مع تحذيرات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، من تصاعد مستويات انعدام الأمن الغذائي وزيادة انتشار الاستهلاك غير الكافي للغذاء في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بشكل أكبر عن مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

أخبار ذات علاقة

الأمم المتحدة: هناك حاجة لنحو 5 ملايين دولار من أجل اليمن

 

وقالت منظمة "فاو"، إن انعدام الأمن الغذائي في مناطق الحكومة تباطأ بنسب قليلة خلال شهر يونيو/ حزيران المنصرم، لكنه ازداد قليلًا في مناطق الحوثيين، بنحو 3% مقارنة بشهر مايو/ أيار، ما يرفع نسبة الأسر اليمنية التي تعاني من حرمان شديد من الغذاء إلى 5%.

 وذلك مرتبط بعوامل اقتصادية وموسمية كالجفاف السنوي، فضلًا عن انخفاض ونقص المساعدات الغذائية الإنسانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفقدان فرص الدخل والعمل، إلى جانب الآثار المترتبة على أزمة البحر الأحمر.

وتأتي هذه التداعيات المتلاحقة، في ظل معاناة واسعة يواجهها القطاع الزراعي في البلد، إذ تشير تحليلات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى أن المزارعين اليمنيين "يواجهون ارتفاعًا في تكاليف المدخلات، ما يحدّ من قدراتهم الإنتاجية، وسط إنتاج محدود وغير كاف لسد فجوات استهلاك الغذاء".

مزاعم "الاكتفاء الذاتي"

ودأبت ميليشيا الحوثي منذ سنوات، على الترويج لـ"إستراتيجية الاكتفاء الذاتي" في القطاع الزراعي، والادعاء بسعيها إلى تحقيقه، بما يهدف إلى "توفير الأمن الغذائي وتجسيد السيادة الوطنية الغذائية"، متحدثة عن فائض مستقبلي "يمكن تصديره إلى الخارج"، حسب مزاعمها.

ويقول وكيل وزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية، لدى الحكومة الشرعية، المهندس أحمد الزامكي، إن اليمن يعاني من ظروف التدهور في الأراضي الزراعية، وتصحرها منذ أكثر من 25 عامًا، بينما تضاعفت هذه الظروف بشكل أكبر عقب انقلاب الحوثيين على الدولة، إلى جانب جملة التأثيرات الناتجة عن التغيّرات المناخية التي يشهدها البلد، ما فاقم من معاناة المزارعين، ودفع الكثير منهم إلى التخلي عن مهنته.

وأشار الزامكي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة والمستغلّة حاليًا في اليمن، لا تتجاوز نسبة 2.5% من إجمالي مساحة البلاد البالغة 555 ألف كيلو متر مربع، "وهو ما يجعل اليمن معتمدًا بشكل أساسي على محصول القمح الذي تصل نسبة استيراده من الخارج إلى 95%، لسدّ احتياجاته منه".

وذكر أن الأمم المتحدة تصنف اليمن، بين أفقر دول العالم وفرة في الموارد المائية، في حين تستهلك الزراعة فيه نحو 85% من إجمالي الموارد المائية المتاحة، وسط تزايد مساحات زراعة نبات القات، على حساب محاصيل زراعية أخرى، خاصة في المرتفعات الجبلية، التي يقع معظمها تحت سيطرة الحوثيين.

واعتبر الزامكي، مزاعم الحوثيين بـ"تحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب" في ظل هذه التحديات كلها والظروف المتزامنة مع الزيادة السكانية ونقص مساحة الأراضي الزراعية، إنما هو "محاولة يائسة لتبييض صورتهم أمام العالم، ولإخفاء نهجهم الحقيقي الذي دمر البلد وظروف أبنائه المعيشية، وأوصله إلى الاعتماد على الدعم الخارجي، وهذا ما تؤكده تقارير المنظمات الأممية والدولية والمحلية".

بدوره، قال وزير الإعلام والسياحة والثقافة، لدى الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، إن "قطاع الزراعة في اليمن والمزارعين، ظلّوا على مدى سنوات الانقلاب العجاف، في مرمى ميليشيا الحوثي، إذ تضرر القطاع وتراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير، نتيجة التعقيدات والصعوبات التي وضعتها الميليشيا على المزارعين، وتفخيخ المزارع بالألغام وأعمال الجباية والنهب، وزيادة الأعباء والتكاليف بشكل ممنهج".

وأشار في تدوينة على منصة "إكس" الخميس الماضي، إلى أن الحوثيين يسعون إلى تقويض قطاع الزراعة، بـ"هدف توسيع دائرة المجاعة في سبيل إخضاع الشعب اليمني، للمشروع الكهنوتي العنصري البغيض، والسيطرة والاستحواذ على قطاع التصدير كمصدر لدعم كبار قياداتها العنصرية وإثرائهم ودعم أنشطة الجماعة السلالية المعادية لليمنيين".

تصاعد المجاعة

وتسببت حملة الاختطافات التي نفذتها ميليشيا الحوثي في يونيو/ حزيران الماضي، بحق العشرات من موظفي المنظمات الأممية والهيئات الإغاثية الدولية في مناطق سيطرتها، والقيود التي فرضتها على تحركاتها وأنشطتها، بتعقيد وصول المنظمات إلى 18.2 مليون يمني، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، في ظل تصاعد مراحل المجاعة في البلاد.

أخبار ذات علاقة

واشنطن تعلن تدمير منصة صواريخ للحوثيين في اليمن

 

ويرى المنسق العام للجنة الإغاثية في اليمن، عضو الغرفة التجارية والصناعة بعدن، جمال بلفقيه، أن الوضع الإنساني يمرّ بمرحلة خطيرة جدًا، ويصل إلى المرحلة الخامسة من المجاعة.

وأشار بلفقيه، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن التقديرات تتحدث عن 230 مديرية وصلت إلى الدرجة الخامسة من المجاعة، معظمها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بينما هناك 140 مديرية أخرى في المناطق المحررة، ليست أفضل حالًا من سابقاتها، ولكن بعضها ولا سيّما في المدن، أكثر استقرارًا في الأمن الغذائي.

مضيفًا أن الأوضاع الإنسانية مستمرة في التدهور؛ إذ كانت القيمة القصوى المفترضة لسلة الإنفاق الموزعة ما بين الغذاء والصحة والتعليم، في العام 2018 تصل إلى حدود 52 ألف ريال يمني، ووصلت في العام 2019 إلى 88 ألف ريال، وبلغت قيمتها حاليًا إلى حدود 300 ألف ريال يمني (الدولار الواحد يعادل 1911 ريالاً في مناطق الحكومة، و536 في مناطق الحوثيين).

وبيّن أن ذلك نتيجة للحالة الاقتصادية وارتفاع الدولار واستمرار الاضطرابات في البحر الأحمر، ما أدى إلى عدم انتظام استيراد البضائع، إضافة إلى شحّ السيولة المالية الكافية لدى المواطنين.

وقال إن ما حدث في الحديدة وحجة مؤخرًا من سيول، سيؤثر بدرجة كبيرة على الأمن الغذائي في مناطق الحوثي، كونها مناطق زراعية، إلى جانب التأثيرات التي يخلّفها انخفاض برامج الأمم المتحدة بسبب قلة الدعم المادي، وانصراف المجتمع الدولي إلى أزمات دولية أخرى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC