عاجل

الجيش الإسرائيلي يعلن شن ضربات على "حزب الله" في جنوب لبنان

logo
العالم العربي

أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان.. إرث "الطائف" وتعقيدات الخارج

أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان.. إرث "الطائف" وتعقيدات الخارج
02 يونيو 2024، 10:18 ص

دخلت أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان شهرها العشرين، وتُراوح الأزمة مكانها مع تعطّل لغة الحوار وتعقّد المشهد داخليا وإقليميا ودوليا.

وقد دأب لبنان على الغرق في أزمات مشابهة على امتداد العقود الماضية، اعتبارا لخصوصية نظامه السياسي وحساسية موقعه وتضارب وجهات النظر والامتدادات الإقليمية والدولية لفرقائه السياسيين، لذلك لا يبدو أفق الحلّ مفتوحا ولا قريبا، وسط ضبابية تجتاح المشهد السياسي الداخلي وتطورات إقليمية تلقي بظلالها وبكل تفاصيلها على هذا الداخل اللبناني الهش أصلًا.

إرث ثقيل

ويبدو جليا أنّ لبنان لا يزال مثقلا بإرث "اتفاق الطائف" الذي وضع حدّا للحرب الأهلية في البلاد سنة 1990 ووضع الخطوط الكبرى للنظام السياسي القائم أساسا على تقاسم السلطة بين الطوائف المكونة للمشهد السياسي، وهو ما يُلقي بظلاله على المشهد السياسي وأزماته المتكررة إلى اليوم.

ورغم أنّ الدستور ينصّ على أن لبنان بلد جمهوري ديمقراطي برلماني فإن البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان جعل من شبه المستحيل اتخاذ أي قرارات كبرى دون توافق جميع الفرقاء السياسيين الموزعين على أساس طائفي.

ويتولى مجلس النواب اللبناني انتخاب رئيس الجمهورية الذي يجب أن يكون من الطائفة المسيحية المارونية، وبالتوافق بين القوى السياسية الممثلة بالبرلمان ولمدة ست سنوات قابلة للتجديد.

ويتم توزيع مقاعد مجلس النواب البالغة 128 مقعدًا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين وفق ما ينص عليه اتفاق الطائف، بينما يترأس المجلس سياسي من الطائفة الشيعية، ويتولاه حاليًّا منذ عدة سنوات زعيم حركة "أمل" نبيه بري.

أما منصب رئيس الوزراء فهو من نصيب المسلمين السنة، وجرى التوافق على ذلك بين الأطراف اللبنانية عام 1943 أي حتى قبل استقلال لبنان عن فرنسا عام 1946 رغم أن الدستور اللبناني لا يتحدث عن دين أو طائفة رئيس الوزراء.

أخبار ذات صلة

19 شهرا بلا رئيس.. لبنان يغرق في الفراغ (إنفوغراف)

           

ولا يقتصر التقاسم الطائفي للمناصب في لبنان على الرئاسات الثلاث بل يمتد ليشمل جميع المناصب الهامة، فقائد الجيش ماروني أما وزير الداخلية فهو سني وكذا مدير قوى الأمن الداخلي، ومدير المخابرات العسكرية شيعي، إضافة إلى حصص للطوائف والأقليات الأصغر مثل الدروز والمسحيين الأورثوذكس والأرمن.

ويضع هذا التقسيم المعقّد للسلطات الفرقاء السياسيين أمام اختبارات دائمة في جميع المحطات السياسية الهامة، وحيال القضايا الخلافية الكبرى، وهو ما يُغرق البلاد بشكل شبه دائم في أزمات سياسية عاصفة ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي الذي يشهد تدهورا غير مسبوق في السنوات الأخيرة.

ولا تختلف الأزمة الحالية عن سابقاتها، فمنذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون أواخر أكتوبر 2022 تقف البلاد أمام مأزق انتخاب رئيس جديد، في ضوء الحسابات المعقّدة لكل طرف سياسي وسهولة تعطيل هذا الإجراء والابتزاز الذي قد تفرضه بعض القوى السياسية والأوراق التي من الممكن أن يستخدمها أي طرف للدفع نحو الحل الأقرب إلى رؤيته.

ويحتاج انتخاب الرئيس حضور ثُلثي أعضاء البرلمان جلسة انتخابه، أي 86 نائبًا من أصل 128، كما يحتاج انتخابه دستوريًّا في الدورة الأولى إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، ويتم الاكتفاء بالأغلبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي ذلك، ولكن بإمكان ثلث الأعضاء أي 43 نائبًا أن يعطلوا نصاب جلسة الانتخاب، وهو ما حصل مرارا وقد يدفع بالأزمة إلى دوامة لا نهاية لها.

سياق متفجر

ويُضاف إلى تعقيدات المشهد السياسي في الداخل وتركيبته المخصوصة يواجه لبنان سياقا إقليميا ودوليا مُربكا ومتفجّرا، خاصة منذ اندلاع الحرب في غزة وبدء المناوشات بين إسرائيل و"حزب الله" على الحدود والمخاوف من اتساع رقعة الحرب ودائرة الحريق.

ودفع هذا الواقع المستمرّ منذ 8 أشهر إلى استحضار ملفات قديمة، منها سلاح ميليشيا "حزب الله"، زادت من إضفاء مناخ التوتّر على جهود التفاوض ومساعي تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، فضلا عن أنّ المساعي الدولية التي بدأتها "اللجنة الخماسية" منذ فبراير 2023 للدفع نحو إيجاد مخرج للأزمة تعطّلت بشكل لافت منذ بدء الحرب في غزة، اعتبارا لـ "منطق الأولويات" والسعي إلى منع اتساع دائرة الحرب قبل الحديث عن أي شيء آخر.

وحتى الضغوط الفرنسية بشكل خاص ارتكزت على محاولة تهدئة الوضع على الجبهة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، دون أن تُغفل مساعي حلحلة أزمة الرئاسة، مع تكرار زيارات مبعوث باريس إلى لبنان جان إيف لودريان، دون تحقيق أي اختراق يُذكر رغم الزيارات الستّ واللقاءات الماراثونية مع مختلف الفرقاء.

ولا تبدو مخارج الأزمة يسيرة، بالنظر إلى اجتماع هذه المؤشرات وهذه العوامل المعقّدة معا لتُغرق لبنان في أزمة مرشحة للاستمرار لأشهر أخرى أو ربما أكثر من ذلك، ما لم يترك الفرقاء السياسيون حساباتهم ذات المنحى الشخصي والطائفي جانبا ويضعوا مصلحة البلد في مقدمة الاعتبارات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC