مصر تجدد التأكيد على رفضها لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة قسرا أو طوعا
رأى خبراء أمنيون ومحللون سياسيون عراقيون أن توقيع الاتفاق الأمني المشترك بين العراق وبريطانيا يعكس توجهًا جديدًا لدى بغداد يهدف إلى تقليل الاعتماد على النفوذ الإيراني تدريجيًّا.
وخلال زيارته إلى لندن، وقّع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني مع نظيره كير ستارمر، اتفاقية شراكة وتعاون واسعة النطاق، وصفها البيان المشترك بـ"التاريخية"، وتشمل الدفاع والتجارة والتعاون الاقتصادي، وأيضًا الاتفاق على حزمة تجارية بقيمة 12.3 مليار جنيه إسترليني.
"علاقات تاريخية وقوية"
ووصف السوداني وستارمر، العلاقة الأمنية بين البلدين بـ"التاريخية والقوية"، مشيرَيْن إلى أن عام 2025 يمثل مرور أكثر من عقد من الزمن على بدء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق.
وشدد البيان على أن الاتفاق "يعمّق التعاون الأمني المستقبلي"، وذلك من خلال "توفير تبادل التعليم العسكري بين بريطانيا والعراق، والدعم الاستشاري البريطاني في مجال تعزيز القدرات والإصلاح المؤسسي، وتطوير الشراكات الصناعية الدفاعية".
تخفيف الضغوط
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، علي ناصر، إن "زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى بريطانيا جاءت في إطار تخفيف ارتباط العراق بإيران، في محاولة لتقليل الضغوط الناجمة عن العقوبات الاقتصادية التي لطالما هددت بها الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب".
وأضاف ناصر لـ"إرم نيوز" أن "اتفاق السوداني مع بريطانيا بقيمة 12.3 مليار دولار يعكس توجهًا نحو تعزيز العلاقات مع المحور الغربي، وتقليل الاعتماد على إيران في مواجهة التحديات الاقتصادية، كما أن الاستثمارات البريطانية المرتقبة في مجالات النفط والكهرباء والاتصالات تعكس تحولًا في دبلوماسية العراق نحو بناء شراكات استراتيجية مع الدول العظمى؛ ما يعزز قوة الحكومة العراقية على الساحة الإقليمية والدولية".
وتتوقع بغداد، أن يفرض الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عقوبات على طهران؛ ما دفعها لاتخاذ سلسلة تدابير احترازية، تتعلق بالتعامل مع الدولار، وكذلك ملف الغاز الإيراني، وفتح ملف الميليشيات المسلحة.
ويُنظر إلى تلك الزيارة على أنها خطوة مباشرة لتعزيز العلاقات العراقية مع المحور الغربي، في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تواجهها البلاد، كما اعتبر مختصون أنها تحمل رسائل موجهة إلى الإدارة الأمريكية المقبلة، تعكس رغبة بغداد في إعادة ترتيب أولوياتها السياسية والأمنية بما يتناسب مع التغيرات الدولية والإقليمية.
تغيير الانطباعات
ويرى مختصون أن زيارة السوداني إلى بريطانيا، رغم تركيزها على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، تهدف إلى تغيير الانطباعات السائدة في الأوساط الغربية عن العراق، إذ يعتبر الكثيرون أن بغداد لا تزال تدور في فلك النفوذ الإيراني، إلا أن السوداني يسعى من خلال هذه التحركات إلى تعزيز الاستقلالية، وبناء علاقات متوازنة على الصعيد الدولي.
وفي خضم أوضاع إقليمية مشحونة، تفاقمت بسبب الصراع في قطاع غزة كثفت ميليشيات عراقية عملياتها، وشنت عشرات الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ، مستهدفة جنود التحالف الدولي؛ ما خلق حالة من الفتور في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة.
صناعات دفاعية
بدوره، قال الخبير في الشأن الأمني كمال الطائي، إن "التعاون مع بريطانيا في المجالات العسكرية يمثل خطوة استراتيجية مهمة، نظرًا لِما تتمتع به المملكة المتحدة من تاريخ طويل وخبرة واسعة في الصناعات الدفاعية، فهي تُعد من أبرز الدول في تطوير التقنيات العسكرية المتقدمة، وتتميز بشركات رائدة، مثل: شركة (بي إيه إي سيستمز) التي تعد من أكبر مصنّعي المعدات الدفاعية في العالم".
وأوضح الطائي لـ"إرم نيوز" أن "بريطانيا تسهم بشكل كبير في مجالات تصنيع الطائرات المقاتلة، والسفن الحربية، والأنظمة الإلكترونية، والذخائر؛ ما يعزز القدرات الدفاعية للعراق، ويتيح له الوصول إلى تقنيات متقدمة".
خطوات استباقية
واستباقًا لقدوم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، اتخذ العراق مجموعة من الخطوات التي تتماشى مع المتغيرات السياسية والاقتصادية الجديدة، من بينها إغلاق مزاد العملة، الذي كان يُستخدم كنافذة لتهريب الدولار إلى الخارج، وتحديدًا إيران، في محاولة لضبط السوق وتقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات المالية.
كما أعلن العراق عن توجهه لاستيراد الغاز من تركمانستان لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية، لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني؛ ما يعطي صورة أوضح عن توجه بغداد، بشكل متكامل نحو الانعتاق من الاقتصاد الإيراني.