آليات الجيش الإسرائيلي تقتحم مدينة يطا جنوب الخليل
عام جديد يبدأ، بلا بشار الأسد.. لا يصدق السوريون ما يجري، هل هناك كاميرا خفية وضعها بشار في مكان ما، ليكتشف حقيقة مواقف الشعب منه؟ يتساءل أحمد، وهو يرفع علم الثورة للأعلى.. هل نقلب الروزنامة؟ تقول جوليا، وهي تتذكر أخاها الذي مات تحت التعذيب في صيدنايا.
61 عاماً تطويها اليوم سنة 2025، منذ أن استولى حزب البعث على السلطة عام 1963، ومن ثم قام حافظ الأسد بالانقلاب على رفاقه عام 1970، ليصنع دكتاتورية العائلة والحزب والمنتفعين.
كل تلك السنوات تزول الآن بممحاة الشعب، الذي لم يغادر الساحات منذ 8 ديسمبر كانون الأول، يريد أن يرسم ملامح مرحلة بيضاء، لا عسف فيها ولا قتل.
يصر صاحب مقهى الروضة بدمشق على إحياء احتفالٍ شعبي ابتهاجاً برحيل النظام البائد، وفألاً بمرحلة جديدة.
إحدى الفنانات نزلت إلى ساحة الأمويين حاملة حلوى "الشعيبيات" الإدلبية، ووزعتها على الخارجين من الرماد واليأس. قالت لهم: نريد أن نحيا وتحيا سوريا، عزيزة كريمة، كما يليق بعروس الشام.
من الصعب إقناع السوريين بأن سنة 2025 ستأتي بلا الأسد، الذي جعل الناس تقول دائماً "الحيطان لها آذان"، هل رحل بالفعل؟ علينا أن نقلب التقويم، ونعيد الاستماع لنشرات الأخبار مرات كثيرة، كي نتأكد. يقول سامر، وهو يضع ساعده على السيف الدمشقي الكبير في الساحة.
استقال السوريون، طيلة أكثر من نصف قرن، من مهامهم في التفكير. فهناك قيادات تفكر وتتصرف، وما على البشر سوى تنفيذ الأوامر. تقول "هدى": "لقد تغلبت هذه الأرض على الكثير من الغزاة، ولن تغصّ بنصف قرن من الظلام".
الشوارع اليوم تحتفي بالفرح، رغم الفقر وشظف العيش، وقوائم الموتى المجهولين. هل يجب أن نلجأ لتحليل الـ"دي إن إي"؟، تقول حنان، وهي تفتح منديلاً ورثته عن أخيها المختفي منذ 30 عاماً، "هل يمكن أن يتبخر؟" تضيف وهي تمسح دمعتين وحيدتين تحجرتا في عينيها.
يعرف السوريون اليوم، حجم المهمات الجسام. حماة وحمص ودمشق، تسيّر رحلات للشباب إلى إدلب.. يجب أن نعيد اكتشاف أنفسنا، تقول حنان، وهي تشير إلى الجموع المتقاطرة باتجاه الساحة. هل كان علينا أن نغرق في نهر الدماء، حتى نكتشف نعمة الشواطىء والبرّ؟.
يحتفي الناس برأس السنة، كأنهم يكللون الحزن على الغائبين، بكلمات عزاء تخفف قليلاً من حجم الهول. يحرقون الملابس والخشب القديم، في المدافئ كي يشعروا بالاطمئنان.
"لقد تغيرت حياة البشر عندما اكتشفوا النار، وحياتنا تنقلب الآن، ونحن نشعل أصابعنا كي نحتفي بالضوء"، تقول حنان، وهي ترسم علامة النصر.
دمشق لا تشبه نفسها طيلة نصف قرن من الاضطهاد. "لقد تغير الجسد السوري كثيراً، وتشوّهت الروح"، تقول جوليا، وهي تبتسم، لأن الحياة يجب أن تستمر. وتضيف: "أولئك الذين حرمونا الحياة، لفظتهم سوريا أخيراً، كي ترتاح.. ألا يحق لنا الفرح ولو يوماً في العام؟".
تمسك جوليا "الروزنامة"، كي تتأكد. إنها سنة جديدة بلا أسدٍ. يا الله، رفقاً بنا، من هول الصدمة والفرح.