وزير الدفاع الأمريكي عن محادثة سيغنال: لم يُكشف عن أي وحدات أو مواقع أو طرق أو مسارات طيران

logo
العالم العربي

لتجنب مخابرات الأسد.. هكذا استطاع السوريون تطوير "لغتهم المشفرة"

لتجنب مخابرات الأسد.. هكذا استطاع السوريون تطوير "لغتهم المشفرة"
بشار الأسد رفقة عدد من الضباطالمصدر: رويترز
24 ديسمبر 2024، 6:34 ص

على مدى عقود طويلة من حكم عائلة الأسد، عاشت  سوريا تحت ظلال ثقيلة من الخوف والقمع، ما دفع السوريين إلى تطوير لغة مشفرة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم، بحسب ما أورده تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

كانت عبارة "الجدران لها آذان" بمثابة تحذير يتناقل من جيل إلى آخر، يعكس واقع المراقبة الشديدة التي فرضها النظام.

في المقاهي وسيارات الأجرة والأسواق، وحتى داخل المنازل، لم يكن بإمكان السوريين التحدث بحرية خشية أن تصل كلماتهم إلى أجهزة المخابرات.

أخبار ذات علاقة

"خطة مساعدة طارئة".. سوريا تحتاج 145 مليون دولار

 

زرع النظام بذور الخوف في المجتمع، حتى إن أي شخص، من عامل النظافة إلى الزملاء في العمل، قد يكون مخبرًا.

لغة مشفرة

يروي أيمن رفاعي، وهو شاب يبلغ من العمر 26 عامًا من دمشق، أن الخوف كان يصل إلى حد عدم الثقة حتى بأفراد العائلة.

وسط هذه الأجواء من القمع والمراقبة، ابتكر السوريون وسيلة للتواصل بأمان عبر لغة مشفرة. هذه اللغة لم تكن مجرد كلمات سرية بل رموزًا تعبر عن أفكارهم وآرائهم بطرق غير مباشرة.

 

علياء مالك، مؤلفة كتاب "الوطن الذي كان بلدنا: مذكرات سوريا"، توضح أن هذه الشفرة أصبحت ضرورة في ظل انعدام حرية التعبير، حيث لم يكن أحد يعلم من قد يكون مستمعًا، حتى في غياب أجهزة الأمن.

أخبار ذات علاقة

مسيحيو سوريا يستعدون لأول "عيد ميلاد" دون الأسد

 

كانت الإشارات إلى الحكومة تتم بطرق رمزية. ميسون، سيدة تبلغ من العمر 49 عامًا، تقول إنها وزملاءها اعتادوا الإشارة إلى الحكومة من خلال رفع أصابعهم نحو السقف.

إذا اشتبه أحدهم في شخص بأنه مخبر، كان يقال عنه إن "خط يده جميل". حتى الأطفال لم يكونوا بمنأى عن هذا القمع، إذ استغل النظام براءتهم لاستجوابهم في نقاط التفتيش عن ميول آبائهم السياسية.

حتى في الخارج

خارج سوريا، استمر الخوف من النظام. ميسون، التي عاشت في لبنان وفرنسا، تقول إنها لم تشعر بالأمان حتى وهي بعيدة عن الوطن. عندما كانت تجتمع مع مجموعات كبيرة من السوريين، كانت تتساءل عما إذا كان أحدهم "يتمتع بخط يد جميل".

وفي عام 2012، فرت ميسون مع عائلتها إلى بيروت، لكنها اضطرت لتلقين ابنتها الصغيرة أكاذيب عن الأسد لتجنب الكشف عن حقيقة آرائهم.

 

استخدام الرموز لم يقتصر على السياسة فحسب، بل امتد إلى الاقتصاد أيضًا. ثابت بيرو، عالم كمبيوتر من دمشق، يروي كيف كان الناس يستخدمون كلمات مشفرة مثل "الأخضر" أو "البقدونس" للإشارة إلى الدولار، حيث كان تداول العملات الأجنبية يعاقب عليه بالسجن.

الاعتقالات

كانت الاعتقالات جزءًا من حياة السوريين اليومية. عبد الوارث لحام، الذي احتجز لمدة يومين في 2012 بسبب مشاركته في احتجاج، يصف تجربة الاعتقال بأنها مليئة بالرعب والعنف.

الحراس أطلقوا على التعذيب اسم "حفل استقبال"، وبعد ذلك قدموا محاضرات للسجناء عن "المعنى الحقيقي للحرية". حتى داخل أقبية المخابرات، كان النظام يستخدم لغة مشفرة خاصة به، حيث كان يُطلق على جلسات الاستجواب عبارة "شرب كوب من الشاي".

اليوم، ومع خروج الأسد من السلطة، بدأ السوريون يشعرون بشيء من الحرية. أيمن رفاعي يقول إنه لأول مرة يشعر بأنه يستطيع استخدام اسمه الحقيقي عند الحديث مع الصحفيين.

ثابت بيرو يخطط للعودة إلى سوريا، لكنه يعترف بأن عقودًا من الخوف تركت أثارًا عميقة.

يقول بيرو: "لا أزال أعاني من كوابيس بأن هذا كله مجرد حلم، وأنهم سيأتون ليأخذوني في النهاية".

رغم التغيير، يبدو أن إرث القمع ما زال حاضرًا في نفوس السوريين، ويحتاجون إلى وقت طويل للتعافي من عقود الخوف والصمت.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات