تجدد الغارات الأمريكية على معاقل للحوثيين في صعدة
في ضوء التصعيد الأخير في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، يجد اللبنانيون المقيمون في فرنسا أنفسهم عالقين بين شعور بالذنب والعجز..
فرغم البعد الجغرافي، يعيش المغتربون اللبنانيون في فرنسا، الذين يقدر عددهم بين 50 إلى 60 ألف نسمة، حالة من القلق المستمر منذ بداية الصراع في سبتمبر.
وبالنسبة للكثيرين، لم تعد أيامهم تمر كالمعتاد، إذ أصبحت تتأثر بكل قصف، وكل رسالة من الأهل، وكل صورة مأساوية تُنقل من لبنان، في المقاهي والمنازل، يتجمع أفراد المجتمع اللبناني في فرنسا، يتابعون الأخبار ويتبادلون المعلومات، يحاولون إيجاد طرق لمساعدة أحبائهم، بينما تتأرجح مشاعرهم بين الأمل في السلام والغضب من الواقع.
العيش في حالة من اللا يقين: الضغط العاطفي
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية ، إنه بالنسبة للكثيرين في الشتات، جلبت الحرب زيادة في الذكريات المؤلمة والصدمات من الماضي اللبناني.
ومن جانبها ، تصف جوسلين مبارك، التي جاءت إلى فرنسا لدراسة العلوم السياسية عام 1996، رد فعلها: "كنت أستيقظ وأنا أفكر في السياسة الفرنسية، لكن الآن، كل ما يمكنني التفكير فيه هو لبنان".
لقد أجبرها العبء العاطفي للصراع على إعادة الاتصال بجذورها بطرق لم تتوقعها، والآن تجد نفسها تتابع الأحداث في وطنها بشغف.
كما ماريّا نعمة، عضو آخر في الشتات اللبناني، تشارك المشاعر نفسها، فعلى الرغم من أن عائلتها تبدو آمنة، فإنها تكافح مع شعور مكثف بالقلق، غير قادرة على الهروب من التأثير الواسع الذي يطال دائرة معارفها.
وتقول: "أعيش في حالة من الخوف المستمر والإحباط، مضيفة "أريد أن أساعد، لكنني أشعر بالعجز".
مجتمع موحد في وجه المأساة
بالنسبة لبعضهم، أصبح شعور التضامن مع اللبنانيين الآخرين أقوى في مواجهة هذه المأساة.
حسين مرتضى، أستاذ رياضيات لبناني في فرنسا، يوضح قائلًا: "ما يوحدنا أقوى من الانقسامات"، مضيفًا "يجب أن نقف معًا، فالحرب خارج البلد ليست مجرد قوة عسكرية، إنها مسألة بقاء".
ومرتضى هو عضو مؤسس في مجموعة "طوارئ لبنان"، التي أُنشئت لتحفيز تقديم المساعدات للبنان، إذ جمعت هذا المبادرة أشخاصًا من خلفيات دينية وسياسية متنوعة، موحدين بهدف واحد هو تقديم المساعدة الإنسانية والدعوة إلى وقف العنف.
وتضمنت أنشطة "طوارئ لبنان"، بما في ذلك جمع التبرعات وتنظيم التجمعات، بعض الراحة من العبء العاطفي الذي يتحمله المجتمع، يشدد مرتضى على أن هذه الحركة تبقى غير سياسية، تركز فقط على تخفيف معاناة المواطنين اللبنانيين، سواء في لبنان أم في الخارج.
الولاءات المنقسمة والكراهية المتزايدة
وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أنه ومع ذلك، لا يزال هناك انقسامات عميقة داخل المجتمع، إذ أثارت تصرفات حزب الله، خاصة هجماته الصاروخية على إسرائيل في أكتوبر 2023، نقاشات حادة، فبينما يدعم بعض اللبنانيين في فرنسا حزب الله بعدِّه مقاومة، ينتقده آخرون، خاصة أولئك الذين يرون أن أفعاله متهورة ومدمرة.
بدوره، يقول أحد رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا: "لقد جلب حزب الله لبنان إلى حافة الكارثة"، مشددًا "أريد السلام للبنان، لكن ليس بثمن المزيد من الدمار".
وعلى الرغم من هذه الاختلافات، تبقى المشاعر تجاه إسرائيل شديدة المعارضة، ولا سيما بعد القصف الإسرائيلي لغزة ولبنان.
وقد اتهم بعض أعضاء المجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن "حرب من أجل الحرب"، حرب لا تأخذ في الاعتبار القوانين الدولية ورفاهية المدنيين.
الأمل وسط اليأس
وأكدت "لوموند" أنه مع عدم وضوح الأفق، يشعر العديد من اللبنانيين في فرنسا بشعور عميق من الفقدان والخوف من المستقبل، إذ أصبح وقف إطلاق النار أمرًا بالغ الأهمية بشكل متزايد مع استمرار معاناة المدنيين من العنف المستمر، وتدمير المواقع الثقافية، وانهيار العلاقات بين الطوائف في لبنان.
بدورها، تقول هيلينا فرانجي، مستشارة صحية وعضو في "طوارئ لبنان": "يجب أن نتصرف الآن، لا يمكن للبنان أن ينجو من هذا الدمار وحده، يحتاج مساندة العالم بأسره".
وختمت الصحيفة بالقول إنه بالنسبة للشتات اللبناني في فرنسا، يبقى شعور الوحدة، الذي وُلد من التاريخ المشترك والألم الجماعي، هو أكبر قوتهم، موضحة أنه على الرغم من أن مستقبلهم غير مؤكد، فإنهم يواصلون التكتل معًا، على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء العنف الذي عصف بوطنهم لفترة طويلة.