الجيش الإسرائيلي يهدد بقصف المستشفى المعمداني في مدينة غزة ويطالب بإخلائه فورا
تشهد الساحة الإسرائيلية انقساما واضحا في الرؤى حول تعاطي تل أبيب مع الإدارة السورية الجديدة، حيث تتراوح المواقف بين التصعيد الممنهج وعدم إدراك متغيرات المشهد السوري، وبين تحذيرات من أن استمرار هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية تزيد تعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.
ويرى محللون أن إسرائيل تسعى إلى استغلال الوضع الجديد في سوريا لفرض تحديات على الإدارة السورية الناشئة، في حين يحذر آخرون من أن السياسة الإسرائيلية الحالية قد تكون مليئة بالأخطاء الاستراتيجية، التي قد تضع تل أبيب أمام واقع غير محسوب العواقب.
قال المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، تحسين الحلبي، إن هناك من يدرك في الداخل الإسرائيلي وأوساط التحليل السياسي أن الشعب السوري الذي تمكن من استعادة حريته من النظام البائد، لا يمكن أن يقبل بأن يؤدي هذا التحرر إلى السكوت على ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن الإدارة السورية الجديدة في دمشق لا يمكنها في النهاية تجاوز إرادة ورغبة هذا الشعب في أن يكون حراً في الوطن السوري، وقادراً على حماية الحدود السورية من الاعتداءات الخارجية.
وأشار الحلبي إلى أن إسرائيل استغلت الوضع الجديد، وفرضت تحديات على الإدارة الجديدة وعلى الشعب السوري معاً، وسط تأكيد بعض المحللين الإسرائيليين على أنه لا يمكن خلق تناقض بين دفاع الشعب السوري عن أرضه وما تسعى إليه الإدارة السورية لحماية هذه الأرض.
وأوضح أن مواجهة هذا التحدي تتطلب من الإدارة السورية الجديدة نوعاً من الحسابات الدقيقة التي تلبي رغبة الشعب السوري في حماية وطنه وسيادة حدوده.
ولفت الحلبي إلى أنه لا يمكن للإدارة السورية إلا أن تتفاعل إيجابياً مع ما يريده الشعب السوري، مشدداً على أن إسرائيل قد تخطئ إذا افترضت أن هذه الإدارة لديها جدول عمل مزدحم إلى درجة تمنعها من التحكم بأولويات المواضيع المطروحة.
من جانبه، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، أن هناك قوى جدية في المجتمع الإسرائيلي تعارض سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس فقط من منطلق إسقاطه سياسياً، بل لأسباب مهنية تتعلق بالرؤية الاستراتيجية لمصالح إسرائيل.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن بعض هذه القوى ترى أن السياسة الإسرائيلية في سوريا تنطوي على سلسلة من الأخطاء الكبيرة، التي تصل إلى حد ارتكاب جرائم، مشيراً إلى رؤية البروفيسور إيال زيسر، أحد أركان اليمين العقائدي في إسرائيل، الذي يشارك في توجيه السياسة الإسرائيلية عبر كتاباته ومشاركاته في معاهد أبحاث يمينية.
وأوضح مجلي أن هذا التيار يرى أنه خلال حكم الأسد كانت إسرائيل تقوم بعمليات تنطوي على نوع من الاستخفاف بالنظام السوري، حيث أصابت أهدافاً لكنها لم تتمكن من منع التموضع الإيراني في سوريا، ولم تستطع إيقاف توريد الأسلحة من إيران إلى حزب الله عبر الأراضي السورية، كما لم تستطع فرض نفوذ معادل لنفوذ إيران في سوريا.
وأشار إلى أنه في الوقت الحالي، ظهرت قوى سورية تقول بشكل علني إنها ضد الوجود الإيراني في سوريا، وتقوم بإرسال قواتها لمحاربة حزب الله، وتمنع بالقوة عمليات تهريب الأسلحة إلى الحزب، وفي الوقت نفسه، تبعث هذه القوى برسائل إلى إسرائيل تؤكد فيها أنها غير معنية بحرب معها، وأنها تلتزم باتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، إلا أن بعض المحللين يشككون في مصداقية هذه التعهدات.
وبيّن مجلي أن هذا التيار الإسرائيلي يرى أنه ليس بالضرورة أن تكون إدارة أحمد الشرع في سوريا صادقة في تعاملها مع إسرائيل، وقد تكون تسعى إلى استغلال حالة عدم الاستقرار لتحقيق مكاسب مستقبلية قد تنقلب ضد إسرائيل، مشيراً إلى أن إسرائيل، في هذه الحالة، ستكون مستعدة للتعامل مع الإدارة السورية الجديدة بالطريقة نفسها التي تعاملت بها مع نظام الأسد.
وذكر أن بعض المحللين يتساءلون عن إمكانية تطور العلاقات بين إسرائيل وسوريا لتصبح الأخيرة جزءاً من اتفاقيات السلام، خاصة في ظل تغيّر الأهمية الاستراتيجية لبعض المواقع مثل قمة جبل الشيخ، التي تضاءلت أهميتها بسبب التطور التكنولوجي المتعلق بالصواريخ الحديثة والأقمار الصناعية.
ونوه إلى أن بعضهم يحذر من مغبة استمرار إسرائيل في تبني سياسة التصعيد مع سوريا، معتبرين أن هذه السياسة قد تستفز قوى لا حاجة لإسرائيل إلى الدخول في مواجهة عسكرية معها.