روى محمد حماد من مخيم جباليا في شمال قطاع غزة تفاصيل شرائه بعض حبات الخضار من أجل تحضير طبق سلطة اعتبره الأغلى في العالم؛ إذ كلفه 100 دولار، مؤكداً أن هذا المبلغ كان يسد احتياج عائلته من الخضراوات لمدة ثلاثة أشهر قبل الحرب.
وأضاف حماد لـ"إرم نيوز": "لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد جاع أطفالنا وأصيبوا بالأمراض وخسرنا الكثير من أوزاننا في ظل نفاد المواد الغذائية، وانعدام البدائل؛ ما أجبرنا على أكل طعام الحيوانات والطيور والحشائش".
وزاد بالقول: "حتى أن أعلاف الحيوانات والطيور التي كنّا نطحنها نفدت تمامًا، كذلك الحشائش التي كنّا نحولها إلى طبائخ لا طعم لها، ونضحك بها على الأطفال بالحديث عن فوائدها كي لا يموتوا جوعًا"، وفق حماد.
وأكمل، "أصبحنا حرفيًا نشتهي الطعام بجميع أنواعه، أتذكر عندما أخبرني طفلي كريم بأنه نادم جدًا على تلك الأكلات التي كان يرفض تناولها قبل الحرب لأنها لا تعجبه، ويعتذر عن ذلك يوميًا إلى أمه، التي جفّت دموعها من كثرة البكاء بسبب الوصول إلى هذا الحد.
وتابع الشاب حماد حديثه، أنه منذ نحو أربعة أشهر لم نرٓ حبة خضار واحدة في السوق، إلى درجة أننا نسينا بأن هناك شيئا اسمه خضراوات بعد أن جرّف الجيش الإسرائيلي الأراضي الزراعية ومنع توريد الخضراوات من جنوب القطاع إلى شماله منذ الأيام الأولى للحرب حتى هذا اليوم.
وأشار إلى أنه منذ عدة أيام بدأ بعض تجار السوق السوداء جلب كميات قليلة جدًا من الخضراوات إلى السوق بصحبة سائقي شاحنات المساعدات القادمين من جنوب القطاع إلى شماله، حيث إن كمية الخضار المتوفرة بالسوق بالكاد تكفي استهلاك عائلة مكونة من 7 أفراد لمدة ثلاثة أيام في الوضع الطبيعي.
وأوضح قائلاً: "هذه المرة الأمر مختلف تمامًا، لا سيما أن حبة الطماطم الواحدة سعرها 10 دولارات وكذلك حبة الخيار وحبة البصل أو الفلفل الرومي، وما أجبرني على شرائها بهذا الثمن هو طفلي الذي تلّهف عندما كنّا نمشي في السوق ورأى بعض الخضراوات على إحدى البسطات صارخًا بأعلى صوته (بابا هي بندورة، بابا هي خيار)".
ولفت حماد، "صعقني منظر طفلي الذي لم يرٓ هذه الأشياء منذ خمسة أشهر، حينها قررت أن أشتري بعضها من أجل صناعة طبق سلطة سيكون بمثابة إفطارنا بجانب بعض الخبز، كان مشهد الشراء غريبًا، فقد اشتريت خمس حبات طماطم وأربع حبات خيار وواحدة فلفل رومي بما قيمته 100 دولار، هذا المبلغ الذي كان يكفي عائلتي من الخضراوات ثلاثة أشهر قبل الحرب".
وتابع، "عندما عدت إلى البيت بكيس صغير أحمله بين يدي كأنه طفل صغير خوفًا من أن تقع منه حبة، سألتني زوجتي عن السعر وعندما أخبرتها جنّ جنونها من الرقم، فقلت لها إنني لو لم أكن أملك غير هذا المبلغ ورأيت كريم بهذا المنظر لاشتريت هذه الكمية دون تردد".
وختم حديثه قائلًا: "في ظل الحرب وقلة المال والموارد قمنا في مخيم جباليا بصناعة أغلى طبق سلطة في العالم بقيمة 100 دولار".
