شهدت العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والإدارة السورية الجديدة، تطورات ملحوظة في الفترة الأخيرة، حيث ظهرت مؤشرات على انفتاح الطرفين على الحوار حول ملف الاندماج العسكري، إلا أن جملة من الخلافات الجوهرية لا تزال تعرقل الوصول إلى اتفاق نهائي.
وبينما يؤكد البعض أن "قسد" متمسكة بموقفها الرافض لحل نفسها أو التخلي عن استقلالها العسكري والإداري، يرى آخرون أن هناك إمكانية لخلق تفاهمات سياسية تأخذ بعين الاعتبار الوضع المعقد في سوريا.
أبرز العقبات التي تحول دون تحقيق هذا التقارب تتمثل في الملف العسكري، حيث تصر "قسد" على الاحتفاظ بسلاحها ورفض حل نفسها، في مقابل إصرار دمشق على دمج القوات جميعها ضمن الجيش السوري الموحد وعدم السماح بوجود أي تشكيلات عسكرية مستقلة خارج سلطة الدولة.
يضاف إلى ذلك الخلاف حول قدرة "قسد" على الاندماج مع فصائل معارضة تشتبك معها حاليًا، وهو ما تعتبره مسألة مصيرية تعيق أي تقدم في المحادثات.
أما ملف سجون داعش فيمثل نقطة توتر كبيرة بين الطرفين، إذ تحتفظ "قسد" بأكثر من 26 سجنًا تضم آلاف المعتقلين من تنظيم داعش، وترفض بشدة تسليم هذا الملف لأي جهة أخرى، معتبرة أن السيطرة عليه أمر ضروري لأمن واستقرار مناطقها.
وفي المقابل، تصر دمشق على أن إدارة هذا الملف الأمني من مسؤولية الدولة السورية، وهو ما يجعل هذا الموضوع أحد أكثر القضايا حساسية في المفاوضات.
وعلى المستوى السياسي، تطالب "قسد" بضمان حقوق الأكراد والاعتراف بالإدارة الذاتية ضمن أي تسوية سياسية مستقبلية، بما في ذلك إدراج ذلك في الدستور الجديد، غير أن الحكومة السورية ترفض بشكل قاطع أي شكل من أشكال الفيدرالية، معتبرة أن ذلك يهدد وحدة البلاد ويشكل خطرًا على سيادتها.
الخلافات تمتد أيضًا إلى ملف الثروات الباطنية، حيث تختلف وجهات النظر بين الطرفين حول كيفية توزيع عائدات النفط والموارد الطبيعية في مناطق سيطرة "قسد"، وهو ما يزيد تعقيد المفاوضات، خاصة أن تلك المناطق تضم موارد حيوية تجعلها محورًا استراتيجيًا هامًا.
وتتمثل مناطق نفوذ "قسد" حاليًا في الرقة وريف دير الزور والحسكة والقامشلي، إلى جانب حي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب؛ ما يمنحها ثقلاً عسكريًا وإداريًا يجعلها طرفًا لا يمكن تجاهله في أي تسوية مستقبلية.
