15 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية للمعارضة التركية (بلدية اسطنبول)
شهد الموقف السياسي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" مؤخرًا تحولًا لافتًا في علاقتها مع الحكومة السورية، حيث ظهرت مؤشرات على استعداد الطرفين للحوار حول مسألة الاندماج العسكري، إلا أن هناك نقاطًا حرجة تهدد بقطع "خيوط التفاوض".
وفي الوقت الذي يصر فيه البعض على أن "قسد" لا تزال ملتزمة بمواقفها المتعلقة بالخصوصية العسكرية والإدارية في مناطقها، يعتقد آخرون أن هناك فرصًا لتوصل الطرفين إلى اتفاقات سياسية تأخذ في الاعتبار الوضع الراهن في سوريا.
من جهة أخرى، يرى خبراء أن الحكومة السورية تسعى بشكل جاد إلى إيجاد حل سياسي يعيد وحدة الأراضي السورية، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها البلاد.
ويتفق هؤلاء الخبراء على أن دمشق تفضل الحلول السياسية على الحلول العسكرية، وذلك في إطار الترتيبات التي قد تسهم في إعادة التوازن السياسي في البلاد، في وقت تقترب فيه استحقاقات وطنية مهمة، مثل تشكيل حكومة انتقالية وعقد الحوار الوطني.
ومع ذلك، يظل هناك قلق من أن استمرار بعض الانقسامات قد يعقد التوصل إلى تسوية شاملة، خاصة في ظل استمرار السيطرة على مناطق خارج نطاق سيطرة الحكومة، إذ يعتقد محللون أن الحوار بين الأطراف المختلفة قد يكون هو الحل الوحيد لإرساء أسس الاستقرار والنهوض بالبلاد.
انضمام مع الحفاظ على الخصوصية
يقول رئيس حزب السلام الديمقراطي الكردستاني، طلال محمد، إن موقف قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ثابت ولا يوجد فيه تحول من الحكومة السورية المؤقتة فيما يتعلق بالاندماج مع الجيش السوري الجديد، وتسليم المقار الحكومية.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن قيادة "قسد" منذ بداية تأسيسها كانت واضحة وصريحة في موقفها، بما في ذلك منذ بداية تأسيس الإدارة الذاتية، وسقوط النظام السابق، واستلام الإدارة العسكرية الجديدة دفة الحكم، كما أكد أن الاجتماع الذي تم مؤخرًا بين قسد والإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية كان لمناقشة وتداول أهم المستجدات، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها سوريا.
وأوضح أن الأمور التي تمت مناقشتها في الاجتماع تتعلق بوضع المؤسسات العسكرية والخدمية والأمنية، بالإضافة إلى وضع السجون التي تحتجز عناصر تنظيم "داعش"، مؤكدًا أن "قسد" واضحة في مقترحاتها الخاصة بالحوار، حيث لم يكن لديها أي مانع من الانضمام إلى الجيش، ولكن مع الحفاظ على خصوصيتها ودورها في شرق البلاد.
وأشار إلى أن "قسد" لن تسلم سلاحها مقابل انخراطها في الجيش السوري الجديد، كما لا يمكن البدء بأي عملية للضم إلا عبر اتفاق سياسي، وهو ما أكده القائد مظلوم عبدي، حين قال: "يجب أن يكون هناك نظام سياسي لا مركزي".
وأضاف أن الجديد في موقف "قسد" هو تهنئة مظلوم عبدي للرئيس أحمد الشرع بتوليه الرئاسة ودعوته لزيارة المنطقة، انطلاقًا من ثبات "قسد" على مواقفها، حول وحدة الأراضي السورية.
فيما أكد الأكاديمي والباحث السياسي فريد سعدون أن لا اتفاق منجزًا حتى الآن بين "قسد" والحكومة السورية، بل هناك مجموعة من التفاهمات.
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن ما تم تسريبه من معلومات يشير إلى البنود التي وافقت عليها "قسد" خلال الاجتماع الثلاثي بين الإدارات العسكرية والسياسية والتنفيذية، مضيفًا أن هذه الإدارات الثلاث اتفقت على جملة من النقاط التي ستُتخذ كمبدأ يبنى عليها مع دمشق، حيث إن موقف "قسد" واضح فيما يتعلق بالاندماج في الجيش، وأنهم سيشاركون ولكن عبر تنفيذ بعض المقترحات المتعلقة بكيفية الانضمام.
وأشار إلى أن الاجتماع الثلاثي خرج بموقف أوّلي مؤيد للحوار بهدف الوصول إلى حل، مع إرسال رسالة اطمئنان وتوفير جو من الثقة إلى جانب توجيه دعوة من مظلوم عبدي للرئيس الشرع بزيارة المنطقة، وكذلك التهنئة التي رفعها عبدي والتي تعني الموافقة على رئاسة الشرع للبلاد.
وأضاف أنه تم التأكيد في الاجتماع على تعزيز التنسيق بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، مشيرًا إلى أن نتائج الاجتماع تمهد لمرحلة جديدة، وأن قسد تقبل الحلول الوسط.
شروط "قسد"
وقال سعدون إن "قسد" كانت وضعت شروطًا مثل الانضمام ككتلة واحدة إلى الجيش السوري، مع وجود إدارة لا مركزية سياسية في شرق البلاد، بالإضافة إلى التفاهمات حول الثروات الباطنية.
وفيما يتعلق بموقف أنقرة، أوضح سعدون أن تركيا لاعب فاعل ومؤثر في هذا الصدد، وقال إن المبادرة التركية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحليفه، رئيس حزب "الحركة القومية"، دولت بهشلي، مع عبدالله أوجلان، تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي سلمي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.
وتابع قائلًا: إذا حدث أي تقارب لهذا الحل، فإنه سيؤثر إيجابيًّا على الوضع في سوريا، مشيرًا إلى أن تركيا أمام خيارين: إمّا أن تجتاح المنطقة لتدمير الإدارة الذاتية عسكرياً، وإمّا أن تدفع باتجاه حل سياسي بين "قسد" وحكومة دمشق على أمل نزع سلاح قسد واندماجها مع الجيش السوري، ومن المتوقع أن تختار أنقرة الخيار الثاني.
"خطوة إيجابية"
من جانبه، قال النائب السوري السابق، رأفت البكار، إن تحول موقف قوات "قسد" من الحكومة السورية بالاندماج مع وزارة الدفاع وتسليم المقار الحكومية يعد خطوة إيجابية من جانب دمشق نحو تفضيل الحلول السياسية.
وأكد لـ"إرم نيوز" أن هذا التحول قد يعكس رغبة الحكومة السورية في معالجة الوضع بشكل داخلي دون التصعيد العسكري، خاصة في ظل التحديات الوطنية الحالية التي تواجه البلاد.
وأضاف أن هذا التحول يعكس حاجة سوريا لإعادة توحيد البلاد، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إذا ظل جزء من الأراضي السورية خارج سيطرة الحكومة، إذ يبقى الحل السياسي هو الطريق الأنسب لتحقيق الاستقرار واستعادة الوحدة.
وأكد البكار أن الحكومة السورية تتطلع إلى تشكيل حكومة انتقالية الشهر المقبل، وهو ما يتطلب توفير بيئة سياسية مناسبة لحل شامل يجمع جميع الأطراف.