زيلينسكي يندد بضربات روسية "متعمدة" على منشآت الطاقة الأوكرانية
بعد أكثر من 40 يومًا على سقوط نظام الأسد، ورغم وعود الإدارة الجديدة ببسط الأمن في المحافظات السورية، إلا أن البلاد شهدت عدة عمليات خطف لسوريين، بينهم أدباء وأطباء ومدرسون وطلاب جامعات.
آخر جرائم الاختطاف طالت الدكتورة في جامعة حمص رشا العلي، وهي عضو في اتحاد الكتاب العرب. وعقب الحادثة أصدر اتحاد الكتاب بيانًا دعا فيه لتحرير الدكتورة المخطوفة.
وجاء في البيان: "تلقّينا ببالغِ الأسف نبأ اختطافِ الزميلة الدكتورة رشا العلي، عضو اتحاد الكتّاب العرب - جمعيّة النقد، والأستاذة الجامعيّة في كليّة الآداب في حمص، ولمّا كانت الزميلة المختطَفة واحدةً من الزميلات صاحبات الخلق الرفيع والعلمِ الحقيقيّ، فإننا نناشدُ جميعَ الفعاليّات في محافظة حمص للمطالبةِ والمساعدةِ بالإفراجِ عنها".
وطالب البيان القيادة العسكريّة في هيئةِ تحرير الشام، وبقيّة الفصائل الفاعلة في محافظة حمص، للإفراجِ عن الدكتورة المختطفة والمساعدة في عودتها إلى أهلها بأسرع وقت.
في اليوم ذاته، وهذه المرة في العاصمة، اقتحم مسلحون مجهولون وملثمون يدّعون أنهم من إدارة العمليات العسكرية، عيادة "طبيب أطفال" في منطقة "مزة جبل" واقتادوا الطبيب قصي الزير إلى جهة مجهولة بعد تطمين من كان في العيادة على أنه إجراء روتيني، بذريعة الاستجواب في قسم من الأقسام الأمنية، دون معرفة مصيره حتى اللحظة.
وينحدر الطبيب الزير، من السلمية بريف حماة، وكان يشغل رئيس قسم الأطفال في مشفى دمشق الوطني. وناشد ذوو الطبيب بكشف السلطات المحلية عن مصيره.
نمط متكرر
منذ سقوط نظام الأسد، وحتى اليوم، أُعلن عن العشرات من عمليات الاختطاف، بعضها انتهى بالقتل ورمي المخطوف في أماكن بعيدة نسبيًّا عن مكان الاختطاف، فيما لم يُعرف مصير البعض الآخر حتى الآن.
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق للعشرات من عمليات الاختطاف، فيما أعلن الدكتور هيثم مناع، الرئيس الفخري للحركة الدولية لحقوق الإنسان والشعوب، عن وصول عشرات الرسائل حول الانتهاكات بما فيها عمليات اختطاف، حيث عرض إحدى الرسائل كنموذج يجب اعتماده من قبل الأشخاص الذين يبلغون عن انتهاكات، لإيصال الانتهاكات إلى المنظمات الدولية.
الدكتور وائل شعبان، وهو طبيب مقيم خارج سوريا، قال في اتصال مع "إرم نيوز"، إن أهله الذين يسكنون في مدينة حمص، كانوا ضحايا لعملية خطف وسطو، حيث تم اختطاف شقيقه (طالب جامعي) وسرقة كل الأموال من المنزل، وبعد ذلك تم رمي الشاب في منطقة "باب هود" في حمص. ويبدو أن هذا النمط من الجرائم (سرقة وخطف وقتل) بات يتكرر بشكل واسع.
وذكر شعبان في تفاصيل ما جرى، أن سيارتين تحملان خمسة أشخاص قالوا إنهم من "هيئة تحرير الشام"، يرتدون لباسها، وسياراتهم هي نفسها سيارات الهيئة، دخل ثلاثة منهم إلى المنزل والبقية انتظروا في السيارة الثانية خارجًا.
دخل العناصر الثلاثة "بكل احترام إلى بيت أهلي في حمص - منطقة المهاجرين" كما يقول الطبيب، مضيفًا "كان في البيت والدي ووالدتي وأخي أكرم طالب هندسة عمره 23 سنة. قالوا لأهلي أخرجوا كل الأموال والذهب وضعوها على الطاولة لأننا سنقوم بتفتيش المنزل، ثم فتشوا البيت وسألوا عن مصدر الأموال، أجابهم أبي بأنها أموال أرسلها ويرسلها أولادنا في المغترب.. ومن عمل أخي أكرم في شركة إنترنت. جلسوا بكل احترام وشربوا القهوة واستقبلهم أهلي أفضل استقبال".
يتابع الطبيب: "العناصر طمأنوا أهلي بأنها مجرد إجراءات روتينية ولا داعي للخوف أبدًا، وبعد أن انتهوا من التفتيش أخدوا المال وقدره نحو 150 مليون ليرة سورية و 16 ألف دولار أمريكي و500 يورو، (بحجة التأكد من أن المبالغ غير مزورة). وطلبوا من أخي مرافقتهم لكي يعيد المبلغ معه، ولم يكن الرفض ممكنًا مع من يشهر سلاحه في وجهك؟".
ويختم: "بعد مرورهم على 4 حواجز للهيئة ومعرفتهم بكلمات السر التي كان يطلبها عناصر الحواجز (ما يثبت أنهم من عناصر الهيئة) اصطحبوا شقيقي إلى مكان مهجور وعصّبوا عينيه وهددوه بالقتل، فاشترى حياته بالأموال، فتركوه في بيت مهجور وبعيد عن سكنه حتى جاء شخصان بالصدفة وأنقذاه".
اختطاف ثم قتل
مصير أكرم كان حلمًا بالنسبة لعشرات الأشخاص الآخرين، الذين انتهت قصصهم بالذبح أو برصاصة في الرأس، قرب طريق فرعي أو في حرش بعيد، حسبما وصل إلى "إرم نيوز" من مصادر أهلية ونشطاء طيلة الأسابيع التي أعقبت سقوط النظام.
وتتربع مدينة حمص على قائمة المحافظات السورية التي تشهد عمليات اختطاف متبوعة بقتل الضحية، وتليها محافظات الساحل السوري وخاصة اللاذقية، والعاصمة دمشق.
وفي العمليات التي تم توثيقها في حمص، نفذت مجموعة مسلحة عملية اختطاف جماعية لستة مدنيين من حي العباسية، انتهت بتصفيتهم جميعًا، وتوالت عمليات الخطف في المدينة، لتشمل مدنيًّا آخر وابن شقيقته عند أوتوستراد الستين، تلاها اختطاف شقيقه وابن شقيقته الثاني قرب دوار باب الدريب. إضافة إلى اختطاف مدني في قرية سنديانة، وشاب آخر من منزله في المشيرفة.
كما فقد مدنيٌّ وابنُه المهندس في مدينة جبلة بريف اللاذقية، حياتهما بعد اختطافهما على يد مسلحين ليتم العثور على جثتيهما لاحقًا في مستشفى تشرين بعد 17 يومًا من عملية الاختطاف، حسبما قالت قريبتهما لإرم نيوز.
غياب آليات المحاسبة
في الوقت الذي تقول فيه الإدارة السورية الجديدة، إنها تلاحق من تسميهم "فلول النظام"، يشير حقوقيون ونشطاء إلى أنها لا تكشف عن الآلية التي تسير بموجبها، وما إذا كانت هناك أي مسارات قضائية أو تتعلق بالمحاكمة سيتم اللجوء إليها فيما بعد، حيث يحيط الغموض بالآلية والمسار المتعلق بالمحاكمات، وهو ما يدفع أشخاصًا عاديين أو مقاتلين، دون قرار مركزي، لتنفيذ حوادث القتل الميداني أو الاختطاف والتصفية.
ويقول هؤلاء، إنه في معظم الحالات التي تم توثيقها حتى الآن، لا يبدو أن جميع المقتولين هم من حاشية النظام أو المقربين منه أو حتى المستفيدين منه، بل هم في حالات كثيرة مدنيون عاديون، كما هي الحال مع العديد من طلاب الجامعات الذين وجدت جثثهم ملقاة في أماكن منعزلة.
الحقوقي السوري، مدير مركز "العدالة والمساءلة" في واشنطن، محمد العبد الله، يتحدث بشكل متواصل عبر صفحته على "فيسبوك" عن هذه الانتهاكات، ويرى أن ثمة عاملين يسهمان في استمرارها وتغذيتها، الأول، هو "غياب أجهزة الأمن والسلطات عن الحياة اليومية"، حيث تترك هذه الحالة الوضع أمام حالات اختطاف واعتداء وتصفية حسابات، وحالات استيفاء الحق بالذات. وهي حالات ثأرية". أما العامل الثاني، فيتمثل بـ"عدم التوجه إلى آليات مساءلة وعدالة".
ويقول العبد الله إن "التشخيص الأولي يشي بأن معظم الحالات التي يشار إليها على أنها حالات فردية، بدأت تتحول لحالات واسعة الانتشار".
أما المحامي والناشط السوري أمجد بدران، فيقول لـ"إرم نيوز" إنه "في الواقع السوري الحالي، والذي انتهى إلى أن تحكم "هيئة تحرير الشام" وفصائل أخرى مصنفة إرهابية، بلدًا كسوريا، فمن الطبيعي أن يعتدي عنصر من عناصرها على قاضٍ أمام ابنته وزوجته، ومن الطبيعي أن تختطف دكتورة في الجامعة، وطبيب من عيادته، لكن ما هو غير طبيعي حسب قوله، هو "حجم الإعجاب بالمجرمين"، ذلك أن "الناس تعودت أن تهتف للمجرم فقط، وتنظّر وتنتقد الفكر القانوني والمدني" حسب قوله.