ترامب: لن نتسامح مع عرقلة الحوثيين للملاحة
تستدعي التصريحات الإسرائيلية المتكررة لحماية الدروز في سوريا، تساؤلاً ملحّاً حول دوافع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزرائه، لرفع راية الدفاع عن هذه الطائفة، إلى حدّ التلويح بالتدخل العسكري الصريح في جنوب سوريا.
هذا التساؤل أيضاً طرحته مؤخراً صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، مذكّرة في بداية قراءتها للمشهد، بأن نتنياهو لم يكن يفكر قط في توسيع الحماية الإسرائيلية لتشمل الدروز السوريين، قبل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
لكن يجدر التنويه هنا أن تصريحات نتنياهو حول حماية دروز سوريا، جاءت بعد تصريحه الذي كرره كثيراً بأن بلاده "سوف تغير وجه الشرق الأوسط"، وكان يقرن ذلك بادّعاء إنهاء حركة حماس غزة، وإضعاف حزب الله في لبنان، ولم ينس أن ينسب لنفسه في واحد من تصريحاته المتضاربة الفضل في سقوط نظام الأسد.
وفي الساعات الأولى من سقوط نظام الأسد، طالبت حكومة نتنياهو بإخلاء جنوب سوريا من السلاح بشكل كامل من قوات النظام السوري الجديد في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، وبعد وقت صرّح رئيس الوزراء بأن إسرائيل لن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا، وهو ما رأته "جيروزاليم بوست"، تحولاً مهماً بإعلان "نشر مظلة الحماية الإسرائيلية للدروز".
لماذا الدروز؟
أما لماذا الدروز من بين أقليات سوريا، التي أولاها نتنياهو كل هذا الاهتمام، فبحسب تحليل "جيروزاليم بوست" أن السبب الأكثر وضوحاً هو أن هذا الأمر مهم بالنسبة إلى الطائفة الدرزية في إسرائيل، والعديد منهم لديهم أقارب على الجانب الآخر من الحدود، مضيفة أن إسرائيل تشعر أنها مَدينة لأبناء هذه الطائفة بسبب التضحيات التي قدموها في جيش الدفاع الإسرائيلي على مر السنين، بما في ذلك خلال الحرب الأخيرة مع قطاع غزة وجنوب لبنان.
لكن الطائفة الدرزية، خصوصاً في الجولان المحتل منذ 1967، رفض أغلبية أفرادها الجنسية عندما أعلنت إسرائيل ضم مرتفعات الجولان في 1981. صحيح أن هذا الرفض ربّما كان بدافع الخوف من أن يؤدي القبول إلى تعريض عائلاتهم في سوريا للخطر إبان عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، بدليل تنامي طلبات الحصول على الجنسية قبل سقوط الأسد الابن، ليصل عدد الدروز الذين حصلوا على الجنسية بحلول نهاية عام 2023، نحو خُمس سكان المرتفعات، أي 27 ألف درزي.
"الدولة الدرزية العازلة"
بعد سقوط نظام الأسد، استدعت وسائل إعلام إسرائيلية طرحاً قديماً قدّمه السياسي والعسكري الإسرائيلي، بيجال ألون، خلال حرب 1967، والذي يقضي بأن تدفع إسرائيل نحو إقامة دولة درزية في مناطق الطائفة في سوريا والجولان، لتكون بمثابة منطقة عازلة، وهو استدعاء تزامن مع بدء العمل العسكري الإسرائيلي جنوب سوريا فور سقوط نظام الأسد، لمنع التماس مع الفصائل الإسلامية التي تشكل غالبية المعارضة التي اعتلت الحكم في دمشق.
وسارعت حكومة نتنياهو بإغراء دروز سوريا بفرص عمل داخل إسرائيل، إلا أن الجيش الإسرائيلي قدّم "عروضاً مغرية" لسكان محافظة القنيطرة الجنوبية.
والعرض الإسرائيلي لسكان القنيطرة كان على أساس أن يكون العمل خلال النهار والعودة إلى منازلهم في المساء، بنفس الطريقة التي سُمح بها لسكان غزة بالعمل في إسرائيل قبل 7 أكتوبر 2023. ويزعم الإعلام الإسرائيلي أن العديد من أبناء الطائفة الدرزية في سوريا يرحبون بالاندماج في إسرائيل، فيما تنفي مظاهرات الدروز الرافضة لطروحات نتنياهو هذا الزعم.
هدف آخر
وسواء استطاعت أم لم تستطع إسرائيل بناء "دولة درزية" أو إنشاء منطقة عازلة في الجنوب يكون أغلب سكانها من الدروز، فإن هدفها الأساس هو وقف بناء دولة سورية ذات نهج "متشدد" على حدودها بعد 54 عاماً من الهدوء على جبهة في عهد الأسدين، الأب والابن، وإشغالها بالصراعات الطائفية.