وزير الخارجية العراقي: استقرار سوريا يعد عاملا حاسما لاستقرار المنطقة بأسرها
أكملت حرب لبنان الثالثة شهرها الأول بالتزامن مع زيارة المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، أمس، ولكن لا تزال هذه الحرب من دون نهاية قريبة في الأفق كما يبدو، فعلى الجانب اللبناني هناك تباين كبير في التصورات حول شكل نهاية الحرب.
المسؤولون اللبنانيون، بمن فيهم المقربون من "حزب الله"، عرضوا تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي ينص على انسحاب الحزب من جنوب الليطاني، بينما بقي موقف التنظيم غامضاً.
زيارة هوكشتاين، وما رافقها من تصعيد في القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، واغتيال قيادي من "حزب الله" في دمشق، تشير لاعتقاد الولايات المتحدة بإمكانية الضغط على لبنان لانتزاع تنازلات كبيرة.
وتثور العديد من الأسئلة في الأيام الأخيرة تتمحور حول توقعات نهاية هذه الحرب؟ وشكل الاتفاقات أو التفاهمات الممكنة؟ ما الذي تكشفه زيارة هوكشتاين حول الوضع الميداني ومواقف الإدارة الأمريكية؟ وما هي خيارات "حزب الله" الباقية؟ وكيف تقارب إيران المشهد؟
إيران تحارب حتى آخر عنصر من "حزب الله"
المحلل السياسي اللبناني طوني بولس يرى أنه "من الصعب توقع توقيت لنهاية هذه الحرب على الجبهة اللبنانية بين إسرائيل وحزب الله، ولكن من الواضح أنها حرب طويلة.
ودلّل على ذلك بالحرب على غزة، التي كانت التوقعات تدور حول نهايتها خلال 3 أسابيع، ولكنها استمرت متجاوزة أكثر من عام، والأمر نفسه قائم بخصوص لبنان، في ظل غلق كل أفق للحلول الدبلوماسية، لا سيما أن السلطة اللبنانية "رهينة" في يد "حزب الله" وغير متحررة للتفاوض باسم الشعب اللبناني.
وأكد بولس، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، "صعوبة الوصول إلى حلول لوقف الحرب في لبنان، مع وجود إيران التي تعد الداعم الرسمي لحزب الله، والتي تقود هذه المعركة، في وقت وصل الحال بمسؤولين إيرانيين للحديث وكأنهم أولياء أمور لبنان، والتعامل معه على أنه إحدى الولايات الإيرانية".
وأوضح بولس أن زيارة المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين أخيراً إلى بيروت تأتي ضمن الدور الأمريكي لمحاولة استيعاب الأمر، مبدياً استغرابه من مطالبة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، للمبعوث الأمريكي بما كان يقدم من الأطراف الدولية منذ 11 شهر، بتطبيق القرار 1701، في وقت باتت المطالب الإسرائيلية أكبر".
وبحسب المحلل، "يعني ذلك أنه كلما تأخر المسؤولون اللبنانيون في التعاطي مع الحلول الدولية، ضاعت الفرصة، وزادت وتعقدت الشروط للوصول إلى تقويض سيادة لبنان".
"لذلك فإن القبول بالشروط الحالية يعطي حصانة للبنان وينزع الذرائع الإسرائيلية بالحرب عليه، ويعيد مؤسسات الدولة إلى عملها"، وفقاً لبولس.
واستكمل المحلل حديثه بالقول إنه "نتيجة ارتهان حزب الله وقبوله أن يكون جزءا من الحرس الثوري الإيراني ولعبه دور المدافع عن طهران، فإن إيران ستحارب بـ"حزب الله" حتى آخر عنصر ، مما سيؤدي إلى تدمير لبنان وهجرة الكثيرين من الشعب اللبناني".
وأردف أن "هذه الحرب ليست في مصلحة لبنان، في ظل دور حزب الله الذي يعد أداة إيرانية ويستخدم لبنان ساحةً لمعاركه، والشعب اللبناني وقودًا لهذه الحرب، وبالتالي الأوامر التي أصدرتها إيران هو الاستمرار في القتال حتى آخر رمق، مما يعني أن الكارثة مستمرة بحق لبنان".
الحزب يحاول إعادة إنتاج نفسه
من جهته، يقول الدكتور في العلاقات الدولية، والباحث في الشؤون الإستراتيجية، فراس إلياس، إن "موافقة حزب الله على تطبيق القرار 1701 الخاص بنزع سلاحه وانسحابه إلى شمال نهر الليطاني يعكس تصورا واضحا بأن الحزب فقد المبادرة العسكرية، وهو مدرك لحجم الخسائر العسكرية والسياسية التي تعرض لها خلال الشهر الأول من الحرب، وبالتالي يحاول إعادة إنتاج نفسه من جديد سياسيا وعسكريا وميدانيا".
ويرى الباحث العراقي أن "قبول الحزب بهذا القرار لا يعكس تحولا إستراتيجيا، إنما هو تحول تكتيكي في سلوك الحزب، في الإطار الذي يدفع إسرائيل إلى إيقاف هجماتها، سواء الجوية أو البرية، من أجل إنتاج مسار جديد يعيد تشكيله حزب الله في سياق الصراع مع إسرائيل أولا، أو في سياق دوره في الداخل اللبناني".
المحلل السياسي يرى أن "زيارة عاموس هوكشتاين إلى بيروت أمس تعطي تصورا واضحا أن هناك أيضا رأيا إسرائيليا آخر في تطبيق القرار (1701)، فعقب زيارته صار هناك حديث عن تطبيق قرار يسمى (1701+)".
ووفقاً له، "هذا المشروع الذي حمله هوكشتاين، وفقا لما يقول إلياس، يستند إلى القرار الأصلي (1701) مع فقرة جديدة تنص على أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يشارك مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في عملية إبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل، وكذلك الإشراف على نزع سلاح الحزب".
ويضيف: "حزب الله لم يعلن موقفه حتى الآن، ولكن من الواضح أنه لن تكون هناك موافقة من جانبه، لأن هذا يعني إقرارا عمليا بقبول تواجد إسرائيل داخل لبنان، وهذا يشكل ضربة قوية لمجمل موقف الحزب من الصراع مع إسرائيل".
المحلل إلياس يشير إلى أن "الأمر ما زال في مرحلة البدايات، ولم تتضح معالم المرحلة التالية حتى الآن، وسيتضح التصور من خلال المسار التفاوضي الذي تتخذه الحكومة اللبنانية والموقف الإقليمي من القرار (1701)".
ويعتقد أن "من سينتصر في معركة كسر الإرادة هو من يفرض تصوره في المرحلة المقبلة في لبنان، بعيدا عما يحمله هوكشتاين وعن موقف الإدارة الأمريكية".
ويلفت الخبير في العلاقات الدولية إلى "خيارات حزب الله الباقية، ويقول إنها تتمثل في إيقاف إطلاق النار والبدء بمسار سياسي يحفظ للحزب سلاحه وتواجده جنوب نهر الليطاني".
أما عن الموقف الإيراني، فيجده المحلل السياسي داعما لحزب الله، رغم أن إيران لم تعط موقفا واضحا من القرار (1701+) حتى اللحظة. ويخلص الباحث السياسي إلى أنه "في الأيام المقبلة ستتضح الكثير من تصورات إيران، وتصورات الحزب للمرحلة القادمة".