غابارد: مستشار الأمن القومي والتس يتحمل مسؤولية تسريب المحادثات بشأن الحوثيين
رأى محللون سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن الأفريقي في مراكز بحثية أن انسحاب مالي من المنظمة الدولية للفرنكوفونية (OIF) يعكس تصعيدًا جديدًا في مسار الانفصال عن النفوذ الفرنسي، كما يعكس التحول الجيوسياسي الذي تشهده منطقة الساحل.
وأعلنت مالي، التي تحكمها سلطة عسكرية قطعت علاقاتها مع فرنسا، الثلاثاء، عن انسحابها رسميًا من المنظمة الدولية للفرنكوفونية، بعد يوم واحد من قرار مماثل من قبل حلفائها في تحالف دول الساحل (AES)، وهما النيجر وبوركينا فاسو.
ووفقًا لما جاء في بيان وزارة الخارجية المالية، فإن القرار جاء بسبب "ممارسات المنظمة التي تتعارض مع مبادئ السيادة الدستورية للدولة".
من جانبه، قال مارك-أنتوان بيروز دي مونتكلو من معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية (EHESS) لـ"إرم نيوز"، إن هذه الخطوة ليست مجرد انسحاب إداري، بل تعكس رفضًا متزايدًا للنفوذ الفرنسي في المنطقة، حيث تبحث الأنظمة العسكرية في الساحل عن إعادة تعريف علاقاتها الدولية بعيدًا عن الهيمنة التاريخية لباريس.
وأضاف أن هذا التوجه يعزز التوجه نحو شركاء جدد مثل روسيا والصين، في إطار سياسة تنويع التحالفات الدولية.
كما رأى أن الانسحاب ليس مجرد رد فعل سياسي على تعليق عضويتها عام 2020 بعد الانقلاب العسكري، بل يعكس استراتيجية أوسع للسلطات العسكرية الحاكمة تهدف إلى إعادة تعريف سيادة الدولة بعيدًا عن المؤسسات المرتبطة في فرنسا.
وأشار إلى أن الخطوة تأتي في سياق رفض متزايد لأي تدخل سياسي فرنسي، خصوصًا بعد انسحاب القوات الفرنسية من مالي في 2022 تحت ضغط السلطات الانتقالية.
أما تييري فيرلان فيرى في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا القرار يحمل دلالات أعمق تتعلق برغبة السلطات المالية في تعزيز تحالفها مع شركاء جدد مثل روسيا، التي قدمت دعمًا عسكريًا وأمنيًا للنظام الحاكم في باماكو، والصين التي وسّعت نفوذها الاقتصادي في أفريقيا.
وأشار إلى أن خطاب السيادة الذي تتبناه مالي وبوركينا فاسو والنيجر يعكس رفضًا متزايدًا لأي وصاية فرنسية، حتى لو كان ذلك في إطار التعاون الثقافي واللغوي.
وقال لوران بوفييه الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية والمتخصص في الشأن الأفريقي لـ"إرم نيوز"، إن المنظمة الدولية للفرنكوفونية، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، كانت إحدى أدوات النفوذ الفرنسي في القارة السمراء من خلال دعم الديمقراطية وتعزيز الثقافة واللغة الفرنسية. لكنه يؤكد أن تعليق عضوية مالي في 2020 بعد الانقلاب العسكري أظهر حدود هذه المنظمة في التأثير في الأنظمة غير الديمقراطية، ما دفع هذه الدول إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاهها.
يؤكد الخبراء أن انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو من المنظمة الفرنكوفونية يعزز القطيعة مع باريس، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين هذه الدول والغرب. فهل ستنجح الأنظمة العسكرية في تعزيز سيادتها بعيدًا عن فرنسا، أم أن هذه الخطوات ستؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية؟